أكد مسئول دولي بارز أن الأحداث التى تمر بها مصر حاليا، أظهرت صعوبة استرداد الأموال المهربة، مشيرا إلى أن هذا الأمر يتطلب معرفة قانونية ومالية، ووجود تعاون قضائى على المستوى الدولى، ومساعدات قانونية متبادلة بين الدول، إلى جانب إرادة سياسية من جانب الدولة التي تم التهريب إليها لرد تلك الأموال. جاء ذلك خلال مؤتمرا صحفيا عقد صباح اليوم الثلاثاء بمناسبة توقيع مشروع "دعم تدابير مكافحة الفساد وغسل الأموال وتعزيز استعادة الأصول فى مصر" بوزارة الدولة للتنمية الإدارية، وذلك بحضور كل من الدكتور أشرف عبد الوهاب مساعد الوزير المفوض في اختصاصات، وزير الدولة للتنمية الإدارية و الدكتور محمد عبد العزيز، الممثل الإقليمي لمكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والسفير مارك فرانكو، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى جمهورية مصر العربية.
وأشار عبد العزيز أنه برغم ما يقال عن حجم هذه الأموال المهربة خارج البلاد مبالغ فيه بدرجة كبيرة إلا أن ذلك لا يقلل من تأثير هذه الأموال المهدرة على الاقتصاد الوطنى، خاصة أن رجل الشارع يرى حاليا أولوية وطنية فى استرداد هذه الأموال، مشيرا إلى أن استرداد الأموال أمر ليس بالسهل فهو يقوم على عاملين الأول هو تقديم الطلب لاسترداد هذه الأموال ومدى توافر المعلومات عنها والقدرة على التفاوض، أما العامل الثانى فهو مدى استجابة الطرف الثانى واستعداده للدخول فى هذه المفاوضات لرد الأموال المهربة.
وتابع عبد العزيز أن انتشار الفساد فى مصر يعود إلى عدة أسباب أهمها تبنى سياسات اقتصادية جديدة فى مجال الاستثمار والاستيراد والتصدير والانفتاح الاقتصادى دون وضع أطر مؤسسية وتشريعية، وكذلك غياب التوازن بين دخل الفرد وأسعار احتياجاته الأساسية، خاصة أن الفقر والفساد يرتبطان ببعضهما الآخر، مشيرا إلى أن الفساد تغلغل فى مصر بسبب وجود فجوات مؤسسية وتشريعية نفذت منها الكثير من الجرائم مثل غسل الأموال، كما أن الفساد يتغلل فى مصر بسبب غياب الأحكام الرادعة له أو وجودها ولكن دون تنفيذ.
ومن جانبه، قال الدكتور أشرف عبد الوهاب المفوض باختصاصات وزير الدولة للتنمية الإدارية إن الوزارة تسعي فى مشروعاتها إلى فصل الخدمة عن مقدمها أى فصل المواطن عن الموظف حتى لا يكون هناك منفذ لتقديم الرشاوى.
واكد عبد الوهاب على أهمية قانون تداول المعلومات فى مكافحة الفساد، مشيرا إلى أن المشروع يقوم على مساندة الحكومة المصرية فى وضع آليات قوية لتطبيق التزاماتها تجاه اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، كما أشار إلى دور منظمات المجتمع المدنى فى كشف الفساد والتصدى له.
واكد عبد الوهاب إن المشروع يشكل إطارا هاما وضروريا في المرحلة التي تمر بها مصر للتعاون بين كافة الجهات الرسمية وغير الرسمية في مكافحة الفساد بكافة أنواعه ، مضيفا أنه جاء استجابة لأهداف ثورة 25 يناير المجيدة وما بعثته من روح لإعادة بناء المؤسسات على أسس النزاهة والمساءلة والشفافية للحد من آفة الفساد .
وأضاف عبد الوهاب أن المشروع يوفر الدعم والخبرة الفنية بصياغة استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، كما أنه يمد المعنيين بالخبرات والتقنيات الحديثة لاسترداد الموجودات المتحصلة عن جرائم فساد، بالإضافة إلى إتاحته الفرصة لمنظمات المجتمع المدني لمساندة الحكومة المصرية في مسعاها لاستعادة الأموال.
وفي السياق ذاته، أكد ماركو فرانكو، سفير المفوضية الأوربية في مصر، أن قضية الفساد من أكثر القضايا السياسية انتشارا حول العالم و ليس في مصر فقط ، مشيرا إلى أن الفساد مرتبط بالفقر وعدم العدالة في توزيع الثروات.
وأشار فرانكو إلى أن استعادة الأموال المجمدة يتصدر تطلعات الشعب المصري لأن القضية تحتاج إلى وقت واجراءات قانونية تبدأ في مصر أولا، ثم يأتي دور المشروع الذى يتكلف 2.5 مليون يورو فى مد يد المساعدة للسلطات المصرية في كيفية صياغة المطالبة لهذه الأموال وتحديد المسارات القانونية.