صدر مؤخراً أحدث الكتب التي تتناول قضية الدستور المصري من تأليف الكاتب الصحفي محمد حماد، والكتاب يسد نقصاً في المكتبة العربية، وفيه يحكي المؤلف (قصة الدستور المصري، معاركه ووثائقه ونصوصه) . يقول حماد: الكتاب ولد كفكرة من قلب ميدان التحرير، حيث كانت نسخ دستور سنة 1971 قد انتشرت بين أيدي شباب الثورة، في أيام 9 و10 و11 فبراير، وكانت مناقشات الثوار تنتهي عند نقطة اتفاق جامعة بأن سقوط النظام يعني سقوط شرعيته، وبالتالي سقوط الدستور، ولم يكن لهم في ذلك الوقت غير مطلب واحد هو إلقاء الدستور الساقط في أقرب سلة قمامة.
وقد قرر المؤلف في تلك الأجواء ووسط احتدام هذه المناقشات أن يحكي لأبناء هذا الجيل من الثوار وللأجيال من بعده قصة الشعب مع الدستور، تلك القصة التي يقول إنها بدأت من مشهد الإطاحة بالوالي العثماني خورشيد باشا في أوائل القرن التاسع عشر، ولم تنته مع لقطة إسقاط الرئيس حسني مبارك في أوائل القرن الحادي والعشرين.
الكتاب في ملخصه هو حكاية لكفاح الشعب المصري المستمر من أجل دستور يعتقهم من تحكم الحكام، ويجعل السلطة الحقيقية في أيديهم، لا يسلبها منهم محتل غاشم، أو مستبد ظالم، وقد شمل إضافة إلى ذلك كل نصوص الدساتير المصرية منذ أواسط القرن التاسع عشر وحتى دستور 1971 الساقط.
يقع الكتاب في 864 صفحة من القطع الكبير وينقسم إلى ستة أبواب وعشرين فصلاً، تبدأ أولى فصوله تحت عنوان "الشعب يسقط الوالي"، وتنتهي تحت عنوان "الشعب يسقط الرئيس"، حيث يتناول الفترة الواقعة من لحظة الإطاحة بالوالي العثماني خورشيد باشا إلى لحظة خلع الرئيس السابق حسني مبارك.
أكثر ما يميز هذا المؤلف الكبير احتواؤه على وثائق دستورية ربما تنشر للمرة الأولى، بعضها مترجم عن اللغة التركية، منها نص قانون "السياستنامة" الذي وضع في عهد محمد علي، ، كما يضم الكتاب جميع نصوص الدساتير المصرية من أول نص دستور سنة 1879، ومروراً بنص دستور سنة 1882، الذي ألغاه الاحتلال الانجليزي قبل أن يجف حبر التوقيع عليه، ثم نصوص القانون النظامي المصري الذي وضعته سلطات الاحتلال البريطاني بديلاً عن دستور سنة 1982الملغي، ثم نص دستور سنة 1923، ونص دستور سنة 1930، ومن بعده نصوص دساتير الثورة، من أول دستور سنة 1956، ثم دستور دولة الوحدة بين مصر وسوريا سنة 1958، وأخيراً نص دستور سنة 1964، وهو الدستور الذي واكب مرحلة التحول الاشتراكي في مصر الستينيات.
ويخصص الكتاب ثلاثة فصول للدستور الدائم الصادر في سنة 1971، بجميع تعديلاته سواء تلك التي عدلها الرئيس الراحل أنور السادات أو التي عدلها الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وخصص المؤلف باباً كبيراً من أبواب الكتاب لنصوص كل مشاريع الدساتير، وفيه نجد نص مشروع دستور سنة 1954، ونص مشروع الدستور الذي تقدمت به اللجنة الشعبية المطالبة بالإصلاح الدستوري في 19 يونيو سنة 1990، وهي اللجنة التي ترأس أعمالها الدكتور حلمي مراد.
ثم ينشر الكتاب نص مشروع الدستور المقدم من حزب الغد بزعامة أيمن نور في العام 2005، ثم يقدم الكتاب نص مشروع الدستور الذي أعده المحامي عصام الاسلامبولي كمحاولة فردية متقدمة على الطريق إلى دستور جديد لمصر.
وفي فصل خاص تحت عنوان مشاريع دساتير إسلامية قدم الكتاب نصوص خمسة مشاريع للدستور صدرت عن التيار الإسلامي في مصر، وفي هذا الخصوص يقدم الكتاب مفاجأة كبرى وينشر نص مشروع دستور أعدته الشعبة القانونية للإخوان وصاغ بنوده الدكتور طه بدوي أستاذ القانون العام بجامعة الإسكندرية، وأقرته الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين في 16 سبتمبر سنة 1952.
ويضم الكتاب كذلك نص مشروع الدستور الصادر عن الأزهر الشريف، وهو المشروع الذي أعدته لجنة خاصة شكلها مجمع البحوث الإسلامية بقرار من الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود في أوائل سنة 1978.
وينشر الكتاب كذلك أنموذج لدستور إسلامي وضعه الدكتور مصطفى كمال وصفي المفكر الإسلامي ونائب رئيس مجلس الدولة السابق، إضافة إلى نص إعلان دستوري إسلامي وضعه المستشار الدكتور على جريشه القاضي السابق والقيادي الإخواني البارز، وأخيراً نص نموذج لدستور إسلامي أقره المجلس الإسلامي العالمي المنعقد في إسلام آباد في 10 ديسمبر سنة 1983.
وفي الباب الأخير تحت عنوان الدستور الذي نريد ينشر الكاتب جميع نصوص الدساتير المقترحة والتي ظهرت بعد نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 19 مارس الماضي، وفيه نجد نصوص عشرة من أوراق مؤتمر مصر الأول الذي انبثق عنه المجلس الوطني التي تتعلق بالدستور، بما فيها وثيقة المبادئ الدستورية التي أقرها المؤتمر،وينتهي الكتاب بنص مشروع الدستور الذي أعدته اللجنة الشعبية للدستور المصري، وهو المسمى بدستور الثورة، والذي صدر قبل طبع الكتاب بعدة أيام.