أكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن أزمة اللاجئين السوريين تجاوزت "الخط الأحمر" المسموح به الأمر الذي يهدد بزعزعة استقرار الغالبية العظمى من أنحاء منطقة الشرق الأوسط. ولفتت الصحيفة الأمريكية - في مقال افتتاحية أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم السبت، إلى أنه في ديسمبر الماضي، بلغ متوسط عدد السوريين الفارين من البلاد إلى تركيا ولبنان والأردن والعراق 3 آلاف سوري يوميا ،وفي يناير ،ارتفع المتوسط اليومي إلى 5 آلاف سوري؛ وفي فبراير، بلغ 8 آلاف، وفقا لأنطونيو جوتيريس المفوض السامي للأمم المتحدة لشئون اللاجئين.
ونقلت الصحيفة عن جوتيريس قوله: "هناك أيام في الوقت الحالي تشهد نزوح نحو 14 ألف مدني عبر الحدود"، مشيرة إلى أن إجمالي عدد اللاجئين المسجلين حتى الآن أكثر من 1ر1 مليون نسمة، وتتوقع منظمة الأممالمتحدة إمكانية أن يصل الرقم إلى 3 ملايين بحلول نهاية هذا العام - أو بنسبة 50% أكثر من النازحين العراقيين خلال الغزو الأمريكي على العراق في عام 2003.
وشدد جوتيريس على أن هذه الأزمة باتت تمثل تهديدا حقيقيا للسلم والأمن الإقليميين إلى الحد الذي لم يكن واضحا في البداية، مضيفا "ويمكن أن يكون هناك انفجار في المنطقة والذي لا يمتلك المجتمع الدولي الأدوات اللازمة للتعامل معه".
ورصدت الصحيفة بعض العوامل التي قد تتسبب في حدوث هذا الانفجار ومن بينها؛ لبنان، حيث تعد دولة غير مستقرة بالفعل،لما تعانيه من توترات طائفية،ويرى جوتيريس أن حوالي 400 ألف لاجئ سوري ينتشروا فى أنحاء 900 مجمع سكنى - أي بما يساوي 10% من سكان لبنان.
وتابعت الصحيفة قولها: "ومعظم هؤلاء اللاجئين من السنة، الذين تتصاعد حدة الاستياء ضدهم من قبل الشيعة في لبنان والمسيحيين والدروز؛ كما كانت هناك اشتباكات بين الجهاديين من السنة وحزب الله الشيعي،فضلا عن الهجمات الجوية التي تشنها القوات الحكومية السورية على طول الحدود، مشيرة إلى أنه بات من السهولة التنبؤ باندلاع صراع طائفي واسع النطاق في لبنان كنسخة مطابقة لما يحدث في سوريا"
وأردفت الصحيفة تقول: "ثم هناك الأردن، الحليف المقرب من الولاياتالمتحدة، والتي تعاني بالفعل من مشاكل اقتصادية خطيرة،وتأوى نحو 360 ألف لاجئ،من بينهم 100 ألف في مخيم الزعتري للاجئين، حيث تتصاعد حدة المشاكل الأمنية".
ورجحت الصحيفة أن الأردن، التي تبلغ تعدادها 6 ملايين نسمة، ستواجه مشكلة في كيفية التعامل مع المليون لاجئ سوري، في حال ثبتت التوقعات بشأن أعداد اللاجئين لعام 2013، وذلك في ظل المخاوف المتزايدة من قبل السكان على الأوضاع الإقتصادية وماينتج عنها من ارتفاع الأسعار والتي تسببت في إندلاع احتجاجات واسعة شهدها العام الماضي.
ورأت الصحيفة أن جزء من معالجة أزمة اللاجئين المتفاقمة يتمثل في التمويل، حيث يقول جوتيريس: "إن منظمة الأممالمتحدة وغيرها من المنظمات التي تخدم اللاجئين تمتلك من 20% إلى 30% من ما يحتاجون إليه لأداء وظائفهم،وبرغم من أن الولاياتالمتحدة تعد أكبر مساهم، حيث قدمت 385 مليون دولار للمساعدات الإنسانية، إلا أن هناك حاجة إلى أكثر من ذلك"، مؤكدة على أنه ما لم يتم بذل المزيد من الجهد لوقف المذبحة التي تسبب ذلك،فإن حجم التمويل مهما بلغ، لن يخفف من أزمة اللاجئين السوريين.
وأضاف جوتيريس أنه في حال بدء نظام الرئيس السوري بشار الأسد في استخدام الأسلحة الكيماوية، فإن تقديم المساعدات الإنسانية سيتوقف، الأمر الذي اعتبرته الصحيفة الأمريكية بمثابة أحد الأسباب التي ينبغى أن يأخذها الرئيس الأمريكي باراك أوباما في عين الاعتبار لبذل المزيد من الجهد لتسريع الإطاحة بالنظام السوري، والرد بسرعة وبقوة عليه في حال استخدم ترسانته من الأسلحة الكيماوية.