أثار الاعلان عن الطعن على حكم القضاء الإدارى بوقف الانتخابات البرلمانية أمس الأربعاء أمام المحكمة الإدارية العليا حالة من الجدل والسخط بالشارع السياسى والقضائى خاصة وأن مؤسسة الرئاسة أعلنت فى وقت سابق أنهم لم يطعنوا على الحكم وسيلتزمون بقرار القضاء الإدارى بوقف الانتخابات ، حيث جاء قرارا الطعن ليؤكد حالة التناقض والحيرة التي سارت عليها مؤسسة الرئاسة . واستبقت الرئاسة المصرية اجتماعاً للأحزاب اليوم كانت فرص مشاركة "جبهة الإنقاذ الوطني" المعارضة فيه كبيرة، بتقديم هذا الطعن المفاجئ مما سبب استياء كبير في أوساط المعارضة.
بقاء الحكومة وذكرت صحيفة "الحياة" اللندنية أن ما زاد الأزمة تعقيداً تأكيد حكومة هشام قنديل أنها باقية حتى إجراء الانتخابات، وأنها تحظى "بدعم رئاسي"، ما قضى على بوادر توافق أحدثتها مرونة أبداها الحكم إزاء تغيير الحكومة عبر اتفاق بين الأحزاب.
ويأتي قرار الطعن في الحكم الذي قدمته هيئة قضايا الدولة، نيابة عن الرئاسة ومجلس الشورى وتنظر فيه محكمة القضاء الإداري الأحد المقبل، وسط مناقشة مجلس الشورى قانوناً جديداً للانتخابات تمهيداً لعرضه على المحكمة الدستورية العليا، مما يعني قبوله حكم وقف إرجاء الانتخابات وإحالة القانون السابق على المحكمة الدستورية.
وكانت محكمة القضاء الإداري أوقفت إجراء الانتخابات، وأحالت قانون تنظيمها على المحكمة الدستورية العليا للنظر في مدى دستوريته، بعدما رأت أن مجلس الشورى الذي يقوم بمهمات البرلمان لم يُنفذ توصيات المحكمة الدستورية في بعض بنود القانون. وأعلنت الرئاسة احترام الحكم، وأكد مستشارون للرئيس أن لا نية للطعن فيه.
واعتبرت هيئة قضايا الدولة في طعنها أمام المحكمة الإدارية العليا أن حكم القضاء الإداري "شابه عوار وأخطاء خرجت به عن الأصول القانونية المقررة كافة"، ورأت أنه "هدم نظرية أعمال السيادة المستقرة في أحكام المحكمة الدستورية العليا ومحكمتي النقض والإدارية العليا وأحكام محكمة القضاء الإداري ذاتها، وغل يد رئيس الجمهورية عن مباشرة اختصاصاته السياسية".
وقال مصدر قريب من الرئاسة ل "الحياة" :"إن "الرئاسة تحترم الحكم، لكنها لا ترغب في ترسيخ سابقة إلغاء القضاء قرارات سيادية، إذ دأبت الأعراف القانونية والقضائية على اعتبار قرار الدعوة إلى الانتخابات من أعمال السيادة التي لا يتعرض لها القضاء، وهو ما خالفه الحكم". وشدد الناطق باسم مجلس الوزراء علاء الحديدي على "استمرار الحكومة في أداء عملها حتى إجراء انتخابات مجلس النواب". وتابع أمس إن "الرئاسة تقدر جهود الحكومة وتفهم حجم الصعوبات التي تواجهها... وهي داعم أساسي للحكومة". وكان حزب "الوسط" القريب الى الحكم أطلق مبادرة لطرح ثلاثة أسماء على الرئيس محمد مرسي لاختيار أحدها لتشكيل حكومة بعد مفاوضات مع القوى السياسية كان يُفترض أن تنطلق اليوم بلقاء يجمع أحزاب "الوسط" و"النور" السلفي و"الحرية والعدالة" الحاكم، الذراع السياسية ل "الإخوان المسلمين"، و"جبهة الإنقاذ" للبحث في سبل حل الأزمة.
وتعقد "جبهة الإنقاذ" اجتماعاً اليوم لاتخاذ قرار إزاء الاجتماع الذي يرعاه حزبا "الوسط" و «النور» ويشارك فيه "الحرية والعدالة" لمناقشة سبل حل الأزمة.
لا قيمة له ويرى قانونيون أن طعن مؤسسة الرئاسة على حكم القضاء لا قيمة له لأنه لن يتم إيقاف تنفيذه ، مشيرين إلى أن الحكم أصبح نافذ والدستورية بدأت فى نظر الدعوى.
من جانبه أكد المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق:" من الأساس قانون الانتخابات به علامات إستفهام وشابه البطلان ومن ثم طعن الرئاسة على ما ترتب عليه يؤكد أن النظام الحاكم يتعامل مع حكم القضاء الإداري، فى إطار المصالح السياسية والتوجهات، التي تراها الرئاسة".
وأشار رئيس مجلس الدولة إلى ضرورة أن تقوم مؤسسة الرئاسة بإحترام أحكام القضاء والعمل على الدخول فى حوار بناء من القوى السياسية للخروج من الأزمة التى تمر بها البلاد.
كما أبدى اللواء عادل المرسى رئيس هيئة القضاء العسكرى الأسبق وعضو مجلس الشورى ، تفهمه لموقف الرئاسة فى طعنها على قرار محكمة القضاء الإدارى بوقف الانتخابات البرلمانية، موضحًا أن حكم القضاء الإدارى بتأجيل انتخابات مجلس النواب فك" قيد رهيب" كان يلزم الرئيس بمدة ال60 يوما على إقرار الدستور للبدء فى الدعوة لانتخابات مجلس النواب.
وقال المرسي في إن مسألة الاهتمام بالوقت على حساب إعداد قانونى مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب كان يهدد بالطعن بعدم دستورية البرلمان المنتخب ويعيدنا للمربع صفر.
كما أكد خبراء قانونيون أن الطعن الذي تقدمت بهد هيئة قضايا الدولة على حكم القضاء الإداري بوقف الدعوة لانتخابات مجلس النواب سليم من الناحية القانونية، إلا أنهم رأوه خطأ من الناحية السياسية وأن مؤسسة الرئاسة التي أعلنت في وقت سابق أنهم لن تطعن على الحكم تحتقر مطالب المعارضة.
الانحياز والمصلحة أما ردود فعل القوى السياسية ، قال محمد عبد العزيز عضو المكتب التنفيذي للتيار الشعبي:" إن طعن الرئيس محمد مرسي على حكم القضاء الإداري بوقف إجراء انتخابات مجلس النواب، يؤكد أن الرئيس يتبني اتجاهاً سياسياً معيناً وينحاز لجماعة الإخوان المسلمين بغض النظر عن المصلحة العامة لمصر".
وأضاف محمد عبد العزيز، في تصريحات لبوابة الشباب، أن الرئيس محمد مرسي من حقه قانونا الطعن على قرار المحكمة الإدارية بوقف انتخابات مجلس النواب، ولكن بلغة السياسة والحرص على إحداث توافق وطني فإن الإصرار على إجراء العملية الانتخابية بنفس قانون الانتخابات هو انحياز لتيار سياسي معين وهم الإخوان المسلمين، على حساب كافة القوى السياسية، فالرئيس يوما بعد الآخر يثبت أنه رئيسا للإخوان، أو مندوب مكتب الإرشاد في رئاسة الجمهورية، وليس كما يدعي رئيسا لكل المصريين.
وأكد محمد عبد العزيز أن قرار الطعن على وقف الانتخابات هو قرار مكتب الإرشاد، وهو ما يجعل الرئيس مرسي يخسر كثيرا من مؤيديه ، مؤكدا أن الدائرة المؤيدة لمرسي تتناقص يوما بعد الآخر . كما وصفت اللجنة القانونية بحزب الوطن ذات المرجعية الإسلامية طعن مؤسسة الرئاسة على الحكم بالخطوة السلبية.
جدل بالشورى كما تسبب قرار هيئة قضايا الدولة بالطعن على قرار القضاء الإداري بوقف الانتخابات البرلمانية، فى حالة من الجدل بين أعضاء لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشورى خلال اجتماعها اليوم.
وذكرت جريدة "الدستور" أن عدد من الأعضاء وصفوا قرار الطعن بأنه تلاعب بإرادة الشعب، ويزيد من حالة الاحتقان السياسى، خاصة بعد أن تعهدت الرئاسة والحكومة باحترام حكم القضاء وعدم الطعن عليه إلا أنها عدلت عن قرارها وفوجئ الجميع بقرار الرئاسة.
وفى رأى عدد آخر من الأعضاء، أن هذا اختصاص أصيل لهيئة قضايا الدولة التى عكفت خلال الفترة الماضية على دراسة حكم الإدارية وانتهت إلى الطعن عليه بعد دراسات طويلة بعد أن تبين لها أوجه العوار لما شاب الحكم من عوار وأخطاء قانونية صارخة خرجت به عن كافة الأصول القانونية المقررة كهدمه لنظرية أعمال السيادة المستقرة فى أحكام الدستورية العليا والنقض والإدارية العليا، بل أحكام محكمة القضاء الإدارى ذاتها، وأنه غل يد رئيس الجمهورية عن مباشرة اختصاصاته السياسية العامة.
وكانت اللجنة أدرجت على جدول أعمالها مناقشة عدد من المقترحات المقدمة من حزب الوسط وعدد من النواب على رأسهم: الدكتور إيهاب الخراط، رئيس لجنة حقوق الإنسان، لتعديل قانونى الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية، والتي انصبت معظمها على إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية.
وكان الدكتور عمر سالم وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية، طالب خلال الاجتماع بمنح الحكومة أجلا حتى يوم الأحد المقبل، لمناقشة الاقتراحات المقدمة بتعديل قانون الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية. كما شهد الاجتماع سجالا بين الأعضاء والحكومة حول كيفية تصويت المصريين فى الخارج خلال الانتخابات البرلمانية القادمة.