تقرير اليونيسكو يحذر : مرتبة مصر 113 بالتنمية البشرية و130 بالحريات

* مجلس الشورى يسيطر على تعيينات الصحف القومية
* الصحف والفضائيات المستقلة يصدرها رجال الأعمال
* الدعوة لقوانين تداول المعلومات وحماية الصحفيين ومصادرهم
* أوضاع الصحفيين متردية ونصفهم غير مدرج بنقابة
كتبت - شيماء عيسى
أصدر مكتب منظمة اليونسكو بالقاهرة تقريرا عن مؤشرات منظمة اليونسكو حول المشهد الإعلامى فى مصر فى إطار مؤشرات اليونسكو الإنمائية للإعلام، قدمه الدكتور حسن عماد مكاوى عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة رصد تقييم قطاع الإعلام فى مصر منذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى سبتمبر 2012.
وقال عميد اعلام القاهرة فى تقرير تلاله بورشة عمل عقدها مكتب منظمة اليونسكو بالقاهرة، ان الجنة مهنية من خبراء الإعلام المصرى بهدف تقييم قطاع الإعلام فى مصر منذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى سبتمبر 2012.
اعتمدت هذه المؤشرات على توظيف منهجية دقيقة لرسم خريطة شاملة لمواطن القوة والضعف فى قطاع الإعلام المصرى.
واضاف مكاوى أن المؤشرات تشمل رصد الأطر التنظيمية لوسائل الإعلام فى مصر، وهى التنوع والتعددية، و الإعلام كمنبر للخطاب الديمقراطى، و بناء القدرات المهنية ، و البنية التحتية.
وقال مكاوى أن الإعلام المصرى ارتبط عبر تاريخه بالسلطة الحاكمة، حيث ينشط الإعلام التابع للحكومة فى جميع القطاعات الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية ووكالة الأنباء.
يضم قطاع الإعلام التابع للسلطة 54 صحيفة ويسيطر مجلس الشورى على عمليات التعيين فيما يتعلق بكافة المناصب القيادية مثل رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير، وعاد ظهور الصحف الخاصة فى مصر فى أواخر سبعينيات القرن الماضى بعد السماح بإعادة تشكيل الأحزاب السياسية، ثم ظهرت الصحف الخاصة بإعتبارها مشروعات أو شركات تجارية فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى.
ورصد مكاوى ان الصحف حتى مارس 2012 بلغ عدد الصحف المسجلة فى مصر 567 صحيفة منها 33 يومية ، و141 أسبوعية ، و393 شهرية، وهى 56 صحيفة قومية تابعة للدولة، و62صحيفة حزبية، و68 صحيفة خاصة، و58 كيانات حكومية، و57 صحيفة تابعة لمنظمات اجتماعية، و131 صحيفة تابعة للجامعات وجهات مختلفة، ووكالة أنباء الشرق الأوسط.

وفيما يتعلق بالإذاعة والتليفزيون تحتكر الدولة البث الأرضى من خلال اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ويوجد عدد من الفضائيات الخاصة من خلال قانون المنطقة الإعلامية الحرة.

مصر تحتل بحسب التقرير المرتبة 113 من بين 187 دولة وفق مؤشر التنمية البشرية، وفيما يتعلق بمؤشر حرية الصحافة تحتل مصر المرتبة رقم 130 من بين 196 دولة عام 2010.
وأشار تقرير تقييم المشهد الإعلامى فى مصر استناداً إلى مؤشرات منظمة اليونسكو الى انه فيما فيما يتعلق بالأطر التنظيمية للإعلام المصرى، فأنه ضرورة إدخال ضمانات قانونية تكفل الحق فى الحصول على المعلومات، وحماية سرية المصادر، وضمان استقلالية المؤسسات المعنية بالبث الإعلامى، والمطالبة بأن تصادق مصر على "البروتوكول الاختيارى الأول" الملحق بالميثاق الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإقرار قانون يكفل الحق فى الحصول على المعلومات بما يتفق مع المعايير الدولية.
وإعادة النظر فى القوانين التى تنص على مراعاة "سرية المعلومات" وإبطالها أو تعديلها بما يتفق مع المعايير المرتبطة بالقانون الذى يكفل الحق فى الحصول على المعلومات، والالتزام بمبدأ استقلالية سياسات التحرير، ووضع حد للممارسات التى تتعارض مع هذه الاستقلالية.

ودعا مكاوى فى تقرير مؤشرات منظمة اليونسكو الى ابطال القواعد الجنائية المرتبطة بممارسات القذف والتشهير، والاستعاضة عنها بقواعد مدنية تتناسب مع المعايير الدولية المطبقة فى هذا المجال، وإعادة النظر فى المحاذير التى تتسبب فى تقييد المحتوى الإعلامى المنصوص عليها فى مختلف القوانين بهدف إلغائها أو تعديلها بما يتوافق مع المعايير الدولية، و تعديل قانون نقابة الصحفيين بما يتوافق مع المعايير الدولية، وحمايتها من أى تدخلات سياسية، والسماح بتشكيل نقابات أخرى تلبى مختلف مجالات العمل الإعلامى، و إلغاء كل من وزارة الإعلام، والمجلس الأعلى للصحافة، وإصدار تراخيض القنوات الفضائية من جانب "الهيئة العامة للاستثمار"، و حظر إغلاق خدمات الانترنت والهواتف المحمولة من جانب السلطات الحكومية.
واشار تقرير مؤشرات منظمة اليونسكو بحسب مكاوى انه فيما يتعلق بتنوع وسائل الإعلام، ووضع قانون لمكافحة ممارسات الاحتكار فى ملكية وسائل الإعلام، و إلزام الصحف والقنوات الفضائية بالإفصاح عن هياكل الملكية الخاصة بها عند إصدار التراخيص، حيث لا يتم إتاحة هذه المعلومات للجمهور بشكل علنى، وذلك لضمان الفصل بين الملكية والتحرير، وانه يجب أن تساهم الدولة فى إنشاء مزيج متنوع من وسائل الإعلام العامة والخاصة والمجتمعية ، حيث يجب أن يحدث تنوع بين إعلام الخدمة العامة ، والإعلام المجتمعى من خلال الأنتفاع والإستفادة من كافة منابر التوزيع المتاحة ، مع تحقيق المساواة فى الوصول إلى هذه الخدمات ، ومع ملاحظة عدم وجود قنوات للبث الإعلامى المجتمعى.
واكد مؤشرات منظمة اليونسكو أن السياق الإعلامى فى مصر يفتقد إلى قنوات بث أرضى ذات ملكية خاصة، وتؤدى المتطلبات الخاصة بإيداع رأس مال عند إنشاء الصحف إلى تقويض مبدأ التنوع فى هذا القطاع ، حيث تتاح الفرصة أمام رجال الأعمال الأثرياء دون غيرهم عند إنشاء الصحف، و تتم عمليات ترخيص الصحف ومحطات البث الفضائى على نحو يتسم بالسرية ، دون إتاحة الفرصة أمام مشاركة الجمهور فى سياق أرحب، وانه لا توجد خطة زمنية واضحة للتحول من الاتصال التناظرى Analogue إلى الاتصال الرقمى Digital ، حيث قام الاتحاد الدولى للاتصالات بتحديد عام 2015 كموعد نهائى لإيقاف العمل بالبث التناظرى لبعض الدول ، وتمديد هذا الموعد لباقى دول العالم حتى 2020 .
وقال التقرير انه لاتوجد سياسة رسمية لتنظيم عملية تخصيص موازنات الدولة فى أنشطة الدعاية والإعلان ، حيث تشير بعض التقديرات إلى تخصيص نسبة 80% من هذه الموارد لوسائل الإعلام التابعة للحكومة مقابل نسبة 20% لوسائل الإعلام الخاصة .
فيما يتعلق بالإعلام كمنبر للخطاب الديمقراطي فقد رصد تقرير مؤشرات منظمة اليونسكو فقد أفرزت الثورة منابر إعلامية جديدة تعزز التنوع فى الخطاب الإعلامى المصرى من بينها منافذ تخص جماعة الإخوان المسلمين ، والجماعات السلفية ، ومخاطبة الشباب من الجنسين، بينما مازالت الصحافة الاستقصائية تمارس على نطاق محدود للغاية، وتتيح وسائل الإعلام الخاصة التنوع بدرجة أكبر، على الرغم من تدنى معايير الجودة التى تلتزم بها تلك الوسائل، ويعانى الإعلام المحلى من قصور شديد ويحتاج إلى تطوير.

ويقل اهتمام الصحف العامة والقنوات بالاقاليم والمحليات مقابل التركيز الشديد على العاصمة ، فيما عدا أوقات الأزمات أو الارتباط بأنشطة حكومية مركزية. وابدى التقرير ملاحظة حول محدودية مشاركة الجمهور فى البرامج الإذاعية والتليفزيونية ، ومحدودية عدد الشخصيات التى يتكرر أستضافتها فى البرامج الحوارية بشكل كبير، وانه ينبغى توفير المقومات اللازمة التى تكفل استقلالية وسائل الإعلام التابعة للحكومة عبر تغييرات هيكلية فى التشريعات والأطر المؤسسية .

ودعا التقرير الى تطوير إتحاد الإذاعة والتليفزيون إلى هيئة بث للخدمة العامة تتمتع بالاستقلالية عن سلطات الدولة فى الموازنات والسياسات البرامجية لتلبية احتياجات كافة أطياف الشعب المصرى، وتشجيع وسائل الإعلام على إنشاء النظم الخاصة بها والمعنية بتلقى شكاوى الجمهور ، وتعزيز الكفاءة المهنية ، والمقومات التى تكفل الحماية ضد اشكال التدخل السياسى والمالى وطالب تقرير مؤشرت اليونيسكو الى إلزام كافة الصحف ووسائل الإعلام الحكومية والخاصة بمراعاة معايير التوازن والنزاهة والحيادية فيما يتعلق بتقارير الأحداث والشئون الراهنة فى كافة الأوقات ، وخاصة خلال فترات الانتخابات.

وطالب التقرير بأن تتعهد الحكومة بالتزام عام تمتنع بموجبه عن التدخل فى استقلالية سياسات التحرير لوسائل الإعلام مع تفعيل هذا الالتزام على مستوى الممارسة العملية.

من جهة أخرى، أثنى التقرير على بناء القدرات المهنيه أنه يتوافر العديد من برامج التدريب المهنى المتقدم لبناء قدرات الصحفيين والإعلاميين حيث يتم توفيرها من جانب أطراف محلية ودولية على حد سواء ، وتوفير أنماط متنوعة من البرامج التدريبية لعل أبرزها فى مركز التدريب والتوثيق والأنتاج الإعلامى بكلية الإعلام – جامعة القاهرة ، وكذلك نقابة الصحفيين ، ومعهد التدريب بإتحاد الإذاعة والتليفزيون ، ومعهد الأهرام الإقليمى، وان مصر تتمتع بمنظومة متطورة من الدراسات الأكاديمية للمقررات الدراسية والبرامج التدريبية فى مجالات الصحافة والإعلام من خلال 15 جامعة حكومية وخاصة .
ويتسع نطاق المقررات المتاحة فى مجال الإعلام إلى حد كبير ، وتسهم هذه المقررات فى تزويد الطلاب بالمعارف والمهارات المرتبطة بالتطور الديمقراطى .
حول اوضاع الصحفيين قال التقرير ان نقابة الصحفيين تضم 6300 صحفياً فى حين يتجاوز من يزاول المهنة فعلياً 15000 صحفيا ، و ظروف العمل الصحفى متردية ، ومستويات الأجور متدنية بشكل كبير ، وأنظمة الضمان والتأمين ضد مخاطر المهنة محدودة للغاية، وحتى الأن لا يكفل القانون المصرى الحق فى تشكيل نقابات إعلامية مستقلة، و تنخرط بعض مؤسسات المجتمع المدنى فى مجال الإعلام مثل جمعية خريجى الإعلام ، وجمعية حماية المشاهدين والقراء ، ومعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ، والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان ، والائتلاف الوطنى لحرية الإعلام ، ومؤسة حرية الفكر والتعبير .

ورأى مكاوى ان الغالبية العظمى من وسائل الإعلام فى مصر تُصدر نسخاً الكترونية عبر شبكة الإنترنت ، ويتم توظيف هذا النشر بصورة تفاعلية بما يتيح للمواطنين إبداء الرأى والتواصل مع وسائل الإعلام ، وتغطى خدمات الإذاعة والتليفزيون كل أنحاء الجمهورية ، ويصل حجم استخدام الهاتف الجوال إلى 92 مليون مستخدم ، ويستخدم شبكة الإنترنت ى29,5 مليون مستخدم حتى يناير 2010 ، ويوجد 11 مليون هاتف أرضى ، ويشترك فى خدمات الإنترنت عبر الخطوط الثابتة 1,84 مليون مشترك ، فضلاً عن 10,7 مليون مشترك فى الإنترنت عبر الهاتف الجوال ، كما يوجد 2,7 مليون مستخدم لوصلات USB حتى يناير 2010 0 ويصنف التقرير العالمى لتكنولوجيا المعلومات لعام 2012 مصر فى المرتبة 79 على مستوى العالم من حيث جاهزية شبكة الإنترنت، وان الحكومة المصرية أطلقت عدداً من المبادرات بهدف تعزيز استخدام خدمات الإنترنت مثل : نوادى تكنولوجيا المعلومات عام 2000 ، ومبادرة الإنترنت المجانى عام 2002 ، والبرنامج القومى لدعم البنية التحتية وتعزيز قدرات الاتصال عام 2004 ، ولا يتوافر فى مصر خدمات البث الإعلامى المجتمعى مما يؤدى إلى حرمان قطاعات عريضة من الجمهورمن فرص إبداء الرأى والوصول إلى المعلومات المتعلقة بالشأن المحلى