وجه محمد عمرو كامل وزير الخارجية الشكر والتقدير للسيد عدنان منصور وزير الخارجية اللبنانية على مجهودات دولته في القضايا العربية و الإقليمية و الدولية أثناء ترأسها لجامعة الدول العربية، كما وجه للأمانة العامة لجامعة الدول العربية. جاء هذا من خلال خطابه الذي نشر على الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بووك» بمناسبة ترأس مصر لجامعة الدول العربية في الدورة 139، أثناء الاجتماع الوزاري بالقاهرة اليوم الأربعاء، خلفا لجمهورية لبنان. و قال محمد كامل من خلال خطابه: "أود بدايةً، وبمناسبة تشرف مصر برئاسة مجلس الجامعة العربية في دورته العادية التاسعة والثلاثين بعد المائة، أن أعرب عن خالص شكري وتقديري للسيد/ عدنان منصور وزير خارجية الجمهورية اللبنانية الشقيقة لما بذله من جهد كبير ومشكور خلال رئاسة بلاده لمجلس الجامعة العربية، والذي ساهم ولاشك في إعطاء دور الجامعة العربية على الساحة العربية والإقليمية والدولية زخما إيجابيا، و الشكر أيضا كل الشكر للأمانة العامة للجامعة تحت قيادة معالي الأمين العام الدكتور/ نبيل العربي الذي يثرى عملنا بخبراته الواسعة وحكمته وحرفيته، وبما يساهم في دعم منظومة عملنا المشترك، وسعينا الدائم لإيجاد حلول عملية وواقعية لأزمات وقضايا بعضها جديد وطارئ وبعضها قديم ومستمر". وقال أيضا: "تتسلم مصر رئاسة هذا المجلس الموقر في توقيت بالغ الدقة والحساسية، وهو ما يمثل تحديا لأية دولة تضطلع بهذه المسئولية، ولكني أثق أننا وبمساندتكم جميعا سنتصدى بإذن الله لأعباء ومتطلبات المرحلة، وثقتنا نابعة من إيمان مصري راسخ بحقيقة أنه ورغم التحديات والمصاعب التي تواجهها أمتنا العربية، وما تعيشه بعض شعوبنا العربية في ظل قهر وظلم الاحتلال أو بطش نظام لا يتوانى عن قصف شعبه بالصواريخ، فإننا قادرون بالعمل الدءوب والإرادة القوية أن نقود أمتنا العربية إلى مستقبل أفضل يكون لجامعة الدول العربية فيه دور فاعل إذا ما التقت إرادتنا على أهمية ترجمة تطلعات شعوبنا ودولنا لحاضر أفضل ومستقبل واعد إلى أفعال وخطط واضحة ومتفق عليها". كما أبرز الأزمة السورية خلال خطابه، و قال: "إننا نجتمع اليوم في وقت دخلت فيه مأساة شعبنا العربي في سوريا عامها الثالث دون أفق واضح لانتشاله من الصراع الدامي الذي خلف وراءه عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء وأدى إلى نزوح مئات الآلاف من أبنائه إلى دول الجوار ومصر، فضلا عن الملايين الذين هجروا منازلهم وقراهم ومدنهم داخل سوريا هرباً من آتون هذا الصراع، شعب كل ذنبه أنه طالب بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية فوجد نفسه في مواجهة آلة دمار وقتل منظم، غير عابئة بما تخلفه من ضحايا وما تسببه من دمار معنوي ومادي سيتطلب عقوداً طويلة وثروات طائلة لرأب الصدع وإعادة البناء".
و أضاف: "لقد دعت مصر ومنذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة السورية إلى عملية سياسية تفضي إلى الاستجابة لمطالب الشعب المشروعة ونقل السلطة بشكل آمن ومنضبط يضمن وحدة التراب السوري ويحافظ على مؤسسات الدولة و التئام نسيجها المجتمعي، وجاء هذا الطرح في إطار إدراك كامل لأهمية التوصل إلى حل يجنب هذا البلد ويلات ومخاطر استمرار الصراع والاحتراب الداخلي، خاصة وأننا نعي مخاطر إطالة أمد الصراع، والتي لا تنذر فقط بسقوط المزيد من الضحايا الأبرياء من أبناء الشعب السوري، بل تهدد وحدة أراضيه وفرص العيش المشترك بين كافة أبنائه وبما ينسحب على استقرار كافة دول الجوار والمنطقة بأسرها". و ذكر أيضا: "لقد شاركت مصر منذ بداية الثورة في سوريا في مختلف الجهود الهادفة إلى وقف نزيف الدم السوري، بهدف التأسيس لانتقال منظم من الوضع الحالي إلى مرحلة جديدة تحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق في العيش بحرية وكرامة، وهو الهدف الذي اهتدت به مصر دائماً في كافة تحركاتها واتصالاتها فيما يتعلق بالشأن السوري، إقليمياً ودولياً". كما أوضح السيد وزير الخارجية الدور التي تقوم به مصر في حل الأزمة السورية، و قال: "وفى نفس الوقت، فقد وقفت مصر منذ البداية من خلف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، كما أيدت ما يقوم به من خطوات شجاعة تحت قيادة الشيخ معاذ الخطيب من أجل التوصل لحل للصراع دون التنازل عن الثوابت التي يلتف حولها أبناء سوريا، ولقد كان من المؤسف أن تلك الجهود والمبادرات وجدت- على الجانب الآخر- أذاناً صماء أبت أن تستمع لصوت العقل ولنداء السلام، واعتمدت الحل العسكري الذي سيقود البلاد إلى المزيد من القتل والدمار والاحتراب الداخلي، ومن هنا فإن على اجتماعنا اليوم تدارس السبل الكفيلة بالتعامل مع هذا الوضع المأساوي، والخروج برسالة واضحة ترافقها مساندة فعلية لنضال الشعب السوري، وذلك عبر تقديم الدعم اللازم لمساعدة إخوتنا السوريين على اجتياز محنتهم من خلال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي يقع علينا واجب تمكينه من تقوية قدرته على التأثير في الشارع السوري والتأثر به، مع إبداء استعدادنا في ذات السياق لتأييد مبادرات وأفكار السيد مُعاذ الخطيب وقيادات الائتلاف بما يستجيب لتطلعات الشعب السوري في الحرية ويحفظ لسوريا وحدتها ولمجتمعها تنوعه".
كما أشار إلي القضية الفلسطينية و مدي أهميتها، وقال: "تظل القضية الفلسطينية هي قضية العرب الرئيسية التى تحتل المرتبة العليا في وجدان وعقل كل عربي، بل إن تمكين الشعب الفلسطيني الشقيق من الحصول على حقوقه الوطنية المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية بات مطلباً عالمياً وليس عربياً فقط، في ظل اقتناع متزايد بخطورة تلاشى فرصة إقامة الدولة الفلسطينية ذاتها ما لم يتم الإسراع باتخاذ خطوات فعلية خلال العام الجاري نحو ذلك الهدف".
وقال أيضا: "فالمفاوضات المتقطعة والخطط المتنوعة على مدى العقود الماضية لم تُسفر إلا عن إطالة أمد معاناة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وفى قطاع غزة، كما مكنت قوة الاحتلال من التهام المزيد من الأراضي الفلسطينية والاستمرار في الاستيطان غير المشروع في الضفة الغربية وفى القدسالشرقية، وذلك على الرغم من الجهد الكبير، والمعترف به دولياً، الذي بذله الجانب الفلسطيني التزاماً بما نصت عليه خارطة الطريق من إنشاء مؤسسات تصلح لأن تصبح أساساً للدولة الفلسطينية فما كان من إسرائيل إلا أن تنصلت من التزاماتها هي في الانسحاب من الأراضي التى تحتلها لتُقام عليها الدولة الفلسطينية".
وأضاف: "لقد خلصت مداولاتنا من قبل إلى ضرورة إعادة النظر في المنهجية الحالية للتعامل مع القضية الفلسطينية، وهو ما يقتضى مراجعة وتطوير الآليات المعتمدة في هذا الشأن وعلى رأسها الرباعية الدولية والتي كانت مسئوليتها الرئيسية التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية من خلال عدد من الوسائل في مقدماتها مراقبة تنفيذ خارطة الطريق التى وضعتها اللجنة، تلك الخارطة التى طُمست معالمها تحت وطأة الاحتلال كما ضاع الطريق في ظل تجاهل وصمت دولي مريبين".
كما طالب بوضع القضية الفلسطينية في سلم الأولويات الدولية، و قال: "إن ما تقدم يدعونا إلى سرعة العمل على إعادة وضع القضية الفلسطينية في أعلى سلم الأولويات الدولية، على نحو يتضح معه أن خيار العرب الاستراتيجي نحو السلام و الذي ترجمته مبادرة السلام العربية التى أطلقها صاحب الجلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز وتبنتها القمة العربية في بيروت عام 2002، هو خيارٌ مرتبط في جوهره بأن تثبت إسرائيل، عملاً لا قولاً، التزامها بحل الدولتين".
وطالب أيضا المجتمع الدولي بتحمل المسئولية تجاه القضية الفلسطينية و عملية السلام، و قال: "إن المطلوب الآن هو القيام بتحرك دبلوماسي يفضى إلى اختراق سياسي ويضع المجتمع الدولي أمام مسئولياته لتحقيق السلام الشامل والعادل وإعادة الحق لأصحابه وإنهاء كافة مظاهر الاحتلال للأراضي الفلسطينية والعربية".
كما تحدث سيادته عن ضرورة وحدة الصف الفلسطيني و دور مصر في هذا الأمر، و قال: "ومن ناحية أخرى، فإن مصر ملتزمة التزاماً كاملاً باستكمال الجهود التى بدأتها لاستعادة وحدة الصف الفلسطيني، ونؤكد، أنه في ظل الظروف العصيبة التى تمر بها القضية الفلسطينية، فإن خلافات الأشقاء أضحت ترفاً لا يملكه أحد وأن المصالحة الشاملة باتت أمراً شديد الإلحاح".
كما أوضح دور مصر و ترحيبها بما توصلت إليه دولتي السودان و جنوب السودان في الاتفاقية التي تم توقيعها في 27 ديسمبر من العام الماضي في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، و قال: "لقد رحبت مصر بما توصل إليه السودان وجنوب السودان في اتفاقيات التعاون والسلام التسع الموقعة في 27 سبتمبر 2012 في أديس أبابا، ونجدد دعمنا لجهود اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة تابومبيكى، ونؤكد في ذات الوقت على ضرورة أن تتواصل مسيرة المفاوضات لحسم كل النقاط العالقة وتفعيل ما تم الاتفاق عليه حتى الآن، ونبدى استعدادنا التام لمواصلة جهودنا لتحقيق هذه الغاية من خلال اتصالاتنا المباشرة مع الطرفين ومن خلال الجهود الإقليمية الدءوبة، كما تؤكد مصر دعمها الكامل للحوار المباشر بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية قطاع الشمال، وصولا لتسوية نهائية للوضع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، تبدأ بوقف إطلاق النار، وتنفيذ المبادرة الثلاثية التي دشنتها الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية".
كما أعلن وزير الخارجية عن دعم مصر الكامل لدولة اليمن حكومة و شعبا للحفاظ على وحدة و استقرار اليمن، و قال: "أود أن أؤكد على دعم مصر حكومة وشعباً لجهود الحكومة اليمنية للحفاظ على أمن و استقرار ووحدة أراضى الجمهورية اليمنية الشقيقة، ونؤكد كذلك على ترحيبنا بإطلاق الحوار الوطني اليمنى في 18 مارس 2013 باعتباره ركيزة أساسية لإنجاح العملية السياسية الانتقالية في اليمن وتهيئة البيئة اللازمة لتحقيق الاستقرار السياسي في هذا البلد الشقيق، وتمثل مشاركة مصر في الاجتماع الوزاري الخامس لمجموعة أصدقاء اليمن الذي يُعقد في لندن غداً، تأكيداً على توجهنا لمساندة اليمن لتحقيق التقدم المنشود على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية".
كما هنأ الشعب الصومالي بمناسبة انتخاب الرئيس حسن شيخ محمود و انتهاء المرحلة الانتقالية، و قال: " فإننا نهنئ الشعب الصومالي الشقيق بانتهاء الفترة الانتقالية والتي توجت بانتخاب فخامة الرئيس/ حسن شيخ محمود وتشكيل الحكومة الصومالية الجديدة، كما نرحب بما حققته هذه الحكومة من انجازات على الأرض وندعم جهودها في سبيل إرساء السلام والاستقرار السياسي و الأمني وتعزيز الوحدة الوطنية، وندعو كافة الدول العربية والشركاء الدوليين لمساندة الحكومة والشعب الصوماليين سياسياً واقتصادياً وإنسانياً من خلال صندوق جامعة الدول العربية المخصص للصومال، الأمر الذي يمكن الحكومة الصومالية الجديدة من الوفاء بالتزاماتها في إعادة بناء مؤسسات الدولة المختلفة وتنفيذ مشاريع التنمية والأعمار".
كما دعا بالالتزام بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في عام 2010، و قال: "أود التأكيد على الأهمية التى توليها مصر لعقد المؤتمر الذي تم الاتفاق عليه خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي في 2010 بهدف إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، والذي كان من المقرر عقده في ديسمبر 2012 وتم تأجيله استناداً إلى ذرائع غير مقبولة، و يهمنى في هذا السياق أن أشيد بالتنسيق الوثيق الجاري في إطار لجنة كبار المسئولين العرب لشئون نزع السلاح والتي ساهمت في صياغة موقف عربي جماعي تجاه هذا الموضوع، وحافظت على تماسك موقفنا رغم كل التحديات، وفى نفس الوقت، فإننا نطالب الدول والأطراف المنوط بها الإعداد لهذا المؤتمر الاضطلاع بمسئولياتها وفقاً للمرجعيات المتفق عليها، والامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه إفراغ المؤتمر من مضمونه لما سيكون لذلك من تأثير سلبي أكيد على منظومة عدم الانتشار النووي ومصداقيتها".
كما طالب بتطوير آليات العمل العربي المشترك، و قال: "إن قدرتنا كعرب على مواجهة تحديات المرحلة التى نعيشها ترتبط بقدرتنا على تطوير آليات العمل العربي المشترك، ولعلكم تتفقون معي حول أهمية أن يتحول ملف تطوير منظومة عملنا المشترك إلى أولوية رئيسية، بما يتجاوز مرحلة الشعار والغاية النبيلة، ليترجم في إجراءات تفصيلية وواضحة ذات نتائج ملموسة يشعر بها ويقتنع بجدواها المواطن العربي، وإن مصر لعلى استعداد للإسهام بكل جهد وفكر مطلوب لتحقيق هذا الهدف".
كما وجه محمد كامل عمرو الشكر لدولة قطر لاستضافتها اجتماعات القمة العربية، مشيرا إلي أهمية هذه الاجتماعات.