أصدرت دار "الفاروق" الطبعة الثانية من كتاب مشاهير العالم مهاتير محمد، رائد النهضة الماليزية، من إعداد الدكتورة عطيات أبو العينين، ضمن سلسلة مشاهير العالم، وهو الأول في الوطن العربي باللغة العربية عن المهاتير محمد، هذا الرجل الذي ودعته الملايين بالدموع عندما تخلى عن فترة رئاسة جديدة ليترك الفرصة لغيره من أبناء ماليزيا، بعد أن نقل البلاد من البؤس إلى الانتعاش الاقتصادي والسياسي والسياحي. ويبين الكتاب من خلال 287 صفحة من الحجم الكبير مهاتير الذى جاهد لينال ثقة شعبه، منذ ترشحه للرئاسة عام 1981، فنجح باقتدار، حيث وضع خطته التي لخصها في النهوض بدولته، حتى ينافس أمريكا ودول أوربا والصين.
ويطوف الكتاب في أرجاء ماليزيا من ناحية الموقع والتضاريس والمناخ، كما طاف بنا في أرجاء شخصية مهاتير وأعماق نفسه، ويضع الكتاب خطوطا حمراء تحت محطات من حياة ذلك الرئيس، ليرشدنا إلى الطريق القويم، ولنرى كيف صنع ذلك التحول الرائع في ماليزيا خلال عقدين من الزمان، ثم نراه، وهو يتنازل عن السلطة في هدوء ليسلم الراية لمن بعده ليكمل المشوار.
ويظهر الكتاب أن مهاتير الذي قاد مشروع التنمية الماليزي وخطط له، ونجح في وضع ماليزيا على هذا المسار منذ عقود هو سياسي إسلامي له فهم وإدراك خاصين للإسلام يتسمان بالواقعية، ويبدو أن أقرب في التسمية إلى"العلمانية المؤمنة"، أي بناء نظام سياسي إسلامي قوي، لكن بتفسير متقدم للاسلام، مختلف تماما عن طرح الأحزاب الإسلامية العربية.
كما يحدد مهاتير طبيعة العلاقة بين الإسلام والحركة السياسة في ماليزيا ب"التعايش"، والتي تعني التسليم بقدر من التقبل المشترك من قبل الحركة للإسلام ومن قبل الإسلام للحركة.
ويخلص الكتاب إلى الإقرار بدور مهاتير محمد في التنمية الاقتصادية الماليزية، إلا أنَّ قراءة التجربة الماليزية في السياق الكلي مع التجارب الآسيوية الأخرى (الأندونسية والكورية والسنغافورية والصينية واليابانية)، وكلها تجارب اقتصادية وتنموية ناجحة على الرغم من تعدد الأديان واختلاف سمات النظم السياسية - تبرز أن الإسلام يمكن أن يكون عاملا مساعدا في التجربة الماليزية، لكنه ليس العامل المحفز الرئيس الذي يمكن أن نعزو له نجاح تلك التجربة.
في هذا السياق، يرجع عديد من المثقفين نجاح التنمية في تلك الدول إلى "الثقافة الآسيوية" التي تقدس الجماعة والعمل والإنجاز والوقت.