أعلن الخبير العسكري والاستراتيجي المصري، العميد أركان حرب المتقاعد، صفوت الزيات، أن شمال مالي مرشح ليكون منطقة صراع "طويل الأمد". ورجح الزيات، أن "تنسحب الجماعات المتشددة المسلحة في هذه المنطقة؛ لتقليل الخسائر وامتصاص الضربات الأولى، وأن تعتمد على الهجمات المضادة على المدن التي انسحبت منها، فيما يشبه حرب عصابات طويلة" وفقا لوكالة "الأناضول" .
ورأى أن "قرار القوات الفرنسية بالتدخل لإنهاء سيطرة هذه الجماعات على شمالي مالي كان متسرعا، وبدون تنسيق مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "المعروفة ب"أكواس"؛ ما نتج عنه عدم جاهزية القوات الحكومية "المالية" والإفريقية الأخرى.
وحتى الآن، لم تتكبد فرنسا خسائر تذكر في صفوف قواتها المشاركة في الحملة العسكريّة، التي بدأت يوم 11 يناير/ كانون الثانوي الماضي، بمشاركة الجيش المالي، وقوّات تشادية، إضافة إلى قوّات من دول "أكواس"، ضدّ الجماعات المسلحة.
ورجح الزيات أن "القوات الفرنسية لن تتحمل البقاء على الأرض طويلا، وستحاول الخروج سريعا من القرى والمدن التي استعادتها من المسلحين، الذين سيتبنون نوعا من حرب العصابات".
وأضاف أن هؤلاء المسلحين "سيتخفون داخل تجمعات السكان في القرى والبلدات، مستغلين السيناريو المتوقع من ارتكاب القوات الإفريقية لجرائم حرب ضد الأقليات العربية والطوارق؛ ما سيؤلب السكان المحليين على الحكومة في العاصمة باماكو".
وتخطط فرنسا، التي كانت تستعمر مالي، لإبقاء ما لا يقل عن ألف عسكري فرنسي في المستعمرة السابقة، بعد اتمام انسحاب القوات القتالية البرية؛ بدعوى "مواصلة الحرب ضد الإرهاب".
وبعد الانقلاب العسكري في شهر مارس/ آذار الماضي، انتشرت حالة من العصيان المدني في مالي، بدأت في الشمال قبل نحو العام، وانضم أكثر من نصف البلاد إلى الجماعات المسلحة في الشمال.
واستجابة لفرنسا، منح مجلس الأمن الدولي للقوات العسكرية المشتركة لدول غرب أفريقيا "أيكواس" حق التدخل العسكري ضد الجماعات المسلحة المتمركزة في شمال مالي.
غير أن باريس بدأت التدخل العسكري في يناير/ كانون الثاني الماضي، بناء على طلب حكومة مالي، وذلك قبل الموعد الذي كان متوقعًا في سبتمبر/ أيلول المقبل.
وتدعم عدة دول غربية، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة وبريطانيا، فرنسا على عدة مستويات، مثل المساعدات اللوجستية، وتبادل المعلومات وعمليات نقل الجنود والعتاد.
إلا أن الزيات رأى أن "الدعم الدولي لن يستمر طويلا، إلا إذا نجحت الجهود الدبلوماسية في شق الصف، وإقناع الحركة الوطنية لتحرير أزواد (المطالبة باستقلال شمال مالي تحت اسم "إقليم أزواد") بالتحالف معهم مقابل تقاسم السلطة والثروة".
وشدد على أن "العسكرية الفرنسية غير مهيأة للعمل في دول لا تشرف على ساحل، وهو ما كان ليسهل عليها تلقي الدعم اللوجيستى".
وختم الخبير المصري بأن تقديم الولاياتالمتحدة لذلك الدعم، مثل إرسال طائرات لتزويد المقاتلات الفرنسية بالوقود في الجو، "جاء على حساب الهيبة العسكرية لفرنسا."
ويشارك 4600 جندي فرنسي، منهم 3500 على أرض مالي، في العملية العسكرية، وقد تمكنوا من استعادة مدينتي غاو وتمبكتو من أيدي المسلحين.
وترغب أكبر ثلاث جماعات مسلحة مسيطرة على شمال مالي، وهي "أنصار الدين"، و"التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا"، و"القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، في تأسيس نظام في المنطقة يستند إلى الشريعة الإسلامية.