لم يخطر يوما ببالها أنها سترفع علم مصر يوم عرسها وتلتحف به في وسط الميدان بدلا من أن تحمل باقة الورد التي تحملها كل عروس يوم زفافها، ولم تتخيل أن عريسها الذي ظلت سنوات تحلم بزفافها إليه سيكون بجوارها وعلى وجهه وعينيه آثار طلقة خرطوش، أصيب بها يوم جمعة الغضب في مواجهات مع قوات الأمن أمام مبنى محافظة الإسماعيلية. لم تصدق "نسمة طه " الطيبة بنت الإسماعيلية ذات العشرين ربيعا أن يوم زفافها، والذي حددته في 11 فبراير 2011 سيتحول فرحا لجميع المصريين، وأنها ستحتفل به في قلب ميدان الثورة" الممر" بجوار عريسها احد شباب الثورة المهندس محمد حفظي بدلا من قاعة عرس فخمة وهو يردد بهستيرية «الشعب خلاص أسقط النظام» بعدما كان يهتف خلال الأيام الماضية «الشعب يريد إسقاط النظام».
حفل زفاف نسمة الذي احتفلت به الإسماعيلية في قلب ميدان الثورة يوم تنحي الرئيس السابق حسني مبارك منذ عامين كان مبعثا على الأمل والتفاؤل لدى شباب الثورة الذين مكثوا في حدائق الميدان، وعلى أرصفته طيلة 18 يوما مطالبين برحيل مبارك.
فكما كان العرس متوجا لزيجة مباركة؛ كان رحيل مبارك في قلوب الثائرين متوجا لانتفاضتهم التي أنهت فصلها بثورة 25 يناير.
كان إعلان التنحي مبعثا للأمل لدى جموع الثوار، واستقبله الجمع الغفير في الميدان بسجدة شكر تشارك فيها جميع التيارات .كان بيان التنحي بداية لسقوط عهد بائد ظالم وبداية عهد جديد.. لكن الرياح دفعت السفينة إلى ما لا يرضاه الثوار، وما دحض أحلامهم، وأهدافهم التي خرجوا من اجلها «عيش.. حرية.. وعدالة اجتماعية» .
عامين مروا على سقوط رأس النظام السابق وجاءت الذكرى اليوم لتطالب بإسقاط النظام الحالي، وكأن لسان حال الميدان يردد ما لهذا كانت ثورتنا.
القوى الشعبية تؤكد أن عامين مروا على رحيل مبارك، وان مطالب الشعب في تحسين الأوضاع المعيشية والاجتماعية لم تتم، وأن كانت بعض الفئات الحكومية حصلت على زيادة في الأجور؛ إلا أن ارتفاع الأسعار المتلاحقة حالت دون الاستفادة بأي تحسينات.
وتقول منى عبد الله موظفة بجامعة قناة السويس، أنها تعبت في الجامعة بعد عملها بالتعاقد لأكثر من 6 سنوات، وان الراتب الذي تتحصل عليه الآن أعلى من الراتب قبل التعيين بأكثر من 200%؛ إلا أن زيادة الأسعار أطاحت بهذه الزيادة ،والاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد في الفترة الحالية جعلتها قلقلة على مستقبل أولادها، ومتخوفة من القادم .
ويقول محمود شعبان هلالي موظف على المعاش، انه يتعرض لظلم قاسي نتيجة فساد في مشروع حي السلام للإسكان، ورغم انه حصل على حكم قضائي منذ سنوات طويلة يمكنه من تملك منزل يرثه عن والده؛ إلا أن طعن قضائي أطاح بالحكم، موضحا أنه مهدد بالطرد في أي لحظة، ويقول إن الحال لم يتغير بعد الثورة، ولازالت الأوضاع كما هي ولازال الفساد داخل الجهات الإدارية مثلما كان أيام «مبارك» حد قوله.
ويقول احمد أبو المعاطي، عضو جبهة الإنقاذ الوطني بالإسماعيلية، أن القمع الذي انتهجه نظام مبارك قد ازداد توحشا، بينما الملايين من الفقراء الذين حلموا بوطن يسوده العدل وترفرف عليه رايات الحرية والكرامة، لا يزالون يعانون من أجل لقمة عيش كريمة."
وتقول منى يوسف الناشطة السياسية بالإسماعيلية " أن أهداف الثورة لم تتحقق بعد وان عامين على رحيل مبارك جاء بعدها الرئيس الحالي الذي فقد شرعيته قبل أن يتم شهور على توليه منصب رئيس الجمهورية كفيلا بان ندعو لرحيل مرسي ".
وقال محمد نحاس الناشط السياسي "إننا في ذكرى رحيل مبارك نطالب برحيل مرسي وجماعته من السلطة، نحن أسقطنا نظام ولم نأتي بهذا النظام الحالي ".
وقال عصام رشوان تاجر بالإسماعيلية " أن هذا اليوم منذ عامين كان عيدا للمصريين وتساءل كيف عاد العيد علينا هذا العام ",وقال أن ذكريات إسقاط النظام ولحظة الانتصار تهدمت على أعتاب الواقع السياسي المؤلم الذي نعيشه هذه الأيام.