دار بينى وبين نفسى حوار لا أدرى ما مقتضاه ولكنى آثرت ان أكمله وذلك بعد زيارتي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب وسمعت إحدى الفتيات تخاطب مرافقها أظنه خطيبها وتقول له :"عاوزه أشترى الإنجيل" فقال : "ليه؟" قالت له: " لازم اقراه علشان اعرف, مانت شايف المنتقبات بيشتروه أهم ." فقلت لها:" هؤلاء يتعلمون فى كلياتهم هذا الكلام ولو عاوزة كده تعلمي ." قالت: "لا" انتم كده عاوزين تعرفوا علشان تشتموا" فقلت:" لا اذا كنا كده فتعلمى انت ولا تشتمى." فقالت : ده اللي انا شايفاه انكم مش هتتغيروا. وانصرفت. فقلت فى نفسى هل يرانا الناس هكذا؟ هل أخطأنا فى تقديم أنفسنا للناس = أم ان ما ننحوه من نهج قد انتابه العور والنقص. هل كان أرباب الدعوة الوهابية وكما اتفقنا هذا مصطلح وهمي على هذا القدر من الذكاء يجعلهم يخدعون أتباعهم طيلة هذه القرون المتكاثرة أم ماذا؟ إن موقف الإمام من معارضيه كان فى غاية الرحمة والرفق ولم يؤثر عنه أنه قد فعل فعلا أو قال قولا يخالف الكتاب والسنة.
لقد كان الشيخ الإمام حريصاً على هداية خصومه- فضلاً عن غيرهم – و يبذل الأسباب الكفيلة بقبولهم الحق و الدليل , يظهر التلطف و الإشفاق عليهم , كما في رسالته لشيخه عبد الله بن محمد ابن عبد اللطيف الشافعي - أحد علماء الأحساء - حيث خاطبه قائلاً : " فإني أحبّك وقد دعوتُ لك في صلاتي , وأتمنى من قبل هذه المكاتيب أن يهديك الله لدينه القيّم , وما أحسنك لو تكون في آخر هذا الزمان فاروقاً لدين الله"
لقد كان واقع الأمة الإسلامية - قبل الدعوة الإصلاحية للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله حافلاً بالانحرافات العقدية والسلوكية = إذ قد استفحل الشرك والخرافات , وظهرت المحدثات والمنكرات , وغابت الفضائل , و اندرست أصول الدين , و انمحت معالم التوحيد , و تمزّقت الأمة شيعاً و أحزاباً , و استولى الخوف و الهلع و غلب الضعف الاقتصادي , و الفقر الحضاري.
وقال علامة مصر الشيخ محمد رشيد رضا ( مجلة المنار 27 / 176): ( وكان الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله مجددًا للإسلام في بلاد نجد، بإرجاع أهله عن الشرك والبدع التي فشت فيهم إلى التوحيد والسنة ، على طريقة شيخ الإسلام ابن تيمية)
و قد كشف الشيخ الإمام عن هذا الواقع القاتم - في نجد – و حكى – مثلاً = أن بادية نجد يكذبون بالبعث , و ينكرون الشرائع , و يفضّلون حكم الطاغوت على حكم الله - تعالى - , كما أورد - رحمه الله - أمثلة ظاهرة وأحداثاً واقعة في بلاد نجد على ذلك الانحراف , مثل اتخاذ القبور مساجد , و التعلق بالأشجار والتبرك بالأحجار , و الغلو في أدعياء الولاية وما أشبه الليلة بالبارحة.
وهذا قوله رحمه الله :" لست ولله الحمد أدعوا إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم مثل ابن القيم والذهبي وابن كثير وغيرهم ، بل أدعوا إلى الله وحده لا شريك له ، وأدعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها أول أمته وآخرهم وأرجوا أني لا أرد الحق إذا أتاني ، بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق لأقبلها على الرأس والعين ، ولأضربن الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي حاشا رسول الله صلى الله عليه فإنه لا يقول إلا الحق.
وأظنني بعد هذا الكلام لن أمتنع عن الاعتراف بأن أتباع الدعوة هم من أساء إليها إساءة بالغة فى شتى المناحي = وذلك بإيثار القوة تارة والتنازل عن الحق تارة أخرى لأغراض قد يظنونها تنفعهم وهل فى بديل للحق متعة أو استقرار أو نفع؟
ورسالة أوجهها لمعارضي دعوة الاسلام لكونها وهابية او سلفية أو أى مسمي كان فأقول:" تلك دعوة مبنية على أساس من الوحى القران والسنة الصحيحة وهذا الوحى معصوم ومجال الاجتهاد مفتوح لمن اعطاه الله تلك الملكة ولكن أن ترفض الدعوة ككل لمجرد مسماها وفقط = فهذا مما لا يكون فى دين الله عزو جل, يا أمة اقرأ.
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه