غاب دور المذيع المحايد والملتزم بالمهنية إلى أن وصل الأمر إلى توتر العلاقات بين الدول وبعضها، بسبب كلمات يتلفظ بها المذيع أمام أنظار العالم ولم يحسب لها أي حسبان وهي تقلب العالم "رأسا على عقب". المذيعان أحمد منصور وعلي الظفيري بقناة "الجزيرة" القطرية، تخلو عن مهنيتهم وقاموا بتوتر العلاقات بين بعض الدول، فالأول أساء للشعب التونسي وآثار غضب زملائه التوانسة بقناة "الجزيرة" ، والثاني أغضب الشعب السعودي فضلا عن خلق نوع من التوتر في العلاقات بين البحرين والسعودية.
التوانسة غاضبون المذيعون والإعلاميون التوانسة العاملون في شبكة "الجزيرة" القطرية بفروعها وقنواتها المتعددة يعيشون حالة غضب شديدة للغاية، ويتعرضون لضغوط مكثفة من قبل مواقع التواصل الاجتماعي في تونس للاستقالة، بسبب عدم "اعتذار" زميلهم احمد منصور مقدم برنامج "شاهد على العصر" للشعب التونسي بسبب ما وصفوها "أهانته" له.
القصة بدأت عندما أجرى المقدم احمد منصور سلسلة من اللقاءات مع السيد احمد بنور كاتب الدولة التونسي للأمن الوطني "12 حلقة" لتقييم تجربة الرئيس الحبيب بورقيبة.
وغضب التوانسة جاء بسبب ثلاثة أمور؛ أولها الإغراق في تفاصيل الأيام الأخيرة لعهد الرئيس الراحل بورقيبة، وما قيل انه حصل فيها تسيب أخلاقي في علاقته مع بعض النساء.
بالإضافة إلى أن السيد منصور استخدم بعض العبارات التي تضمنت إساءة للتوانسة وتتجاوز حكم بورقيبة نفسه وتشكل طعنا في كرامتهم كالقول "أن البنية التحتية في تونس في عهد بورقيبة بنيت على أموال الدعارة والخمور،"، في إشارة إلى عائدات السياحة.
فضلا عن قول السيد بنور في الرد على سؤال حول عدم تحركه بجدية ضد بورقيبة، ان في تونس مثلا يقول "الرجولة تحضر وتغيب"، فكان ردّ المذيع منصور "عندكم تحضر وتغيب لكن عندنا في مصر لا تغيب أبدا".
وحساسية التوانسة من السيد منصور قديمة، فهذه هي ثالث مرة يجري فيها شهادة على عصر بورقيبة، الأولى والثانية كانتا مع السيدين محمد مزالي الوزير الأول السابق، والطاهر بلخوجة وزير داخلية وإعلام تونس السابق، والمرة الثالثة مع السيد احمد بنور.
ويقولون انه أي السيد منصور، يتناول الراحل بورقيبة كعميل للاستعمار ومعاد للعروبة والإسلام، رغم أن التونسيين يرون أن للرجل وعهده ما له وما عليه، فقد حقق نهضة تعليمية وصحية ضخمة. ويتهمونه ،اي منصور، بتبني الرؤية الإخوانيه للحقبة البورقيبية.
محاولة المنع واللافت أن هذه الحلقات مع السيد بنور جرى تسجيلها في باريس، وكان نظام بن علي قد حاول منعها عندما أرسل عملاءه إلى فندق يقيم فيه السيد بنور واستولوا على حقيبته على أمل أن يجدوا فيها الأشرطة، ولكن خاب ظنهم.
الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي التونسية حفلت بمقالات مطوّلة تدافع عن عهد بورقيبة وتهاجم محطة الجزيرة وقطر، وتتهمها بتشويه الحقبة البورقيبية، والشيء نفسه حصل في برامج "التوك شو" في محطات تلفزة تونسية.
العاملون في شبكة "الجزيرة" بمختلف فروعها العامة والوثائقية والرياضية "80 شخصا" توجهوا برسالة الى مدير عام الشبكة الشيخ احمد بن جاسم آل ثاني عبروا فيها عن استيائهم الشديد، واعتبروا أن زميلهم السيد منصور تجاوز ميثاق الشرف المهني للجزيرة، وتجاوز مرحلة بورقيبة للإساءة إلى شعب تونس برمته.
وكان من بين الموقعين محمد كريشان، ليلى الشايب، الحبيب الغريبي وعصام شوالي "الجزيرة الرياضية".
وعلمت "القدس العربي" أن الشيخ أحمد بن جاسم رد على الرسالة بالقول انه يحترم الشعب التونسي ويقدره، ووعد بالتحقيق بكل ما ورد فيها واتخاذ الخطوات التصحيحية اللازمة.
وفعلا أمر بتشكيل لجنة لمشاهدة الحلقات، وهذا ما حصل، وأقرت اللجنة وجود تجاوزات وأوصت بضرورة اعتذار السيد منصور.
مصدر تونسي كبير في الجزيرة قال ل"القدس العربي" في اتصال هاتفي أن الاعتذار لم يتم حتى هذه اللحظة، رغم بث حلقتين مباشرتين للبرنامج من القاهرة.
وأضاف أن البعض اعتقد أن السيد منصور قد يعتذر في حلقة مباشرة يستضيف فيها السيد بن نور للرد على استفسارات المشاهدين، كما يفعل عادة، لكن هذا لم يحدث، وبدأ بإعادة حلقات للرئيس السوري الأسبق امين الحافظ.
مواقع تواصل اجتماعي طالبت العاملين في الجزيرة باستقالة جماعية إذا لم يعتذر زميلهم، لان استمراره على حد بعض المقالات هو قبول بهذه الإهانة.
التطاول على السعودية وعلى جانب أخر سحبت السعودية الجنسية من المذيع بقناة "الجزيرة" على الظفيري عام 2011 ومن عشيرته المتواجدة في حفر الباطن والتي يختلط أتباعها إلى الكويت والسعودية , بسبب فضيحة أساءت إلى المملكة وعلاقتها مع جارتها مملكة البحرين.
وكان نسي مخرج برنامج "نافذة البث المباشر" الذي يقدمه الظفيري، مفتوحة خلال فترة الاستراحة و دار نقاش فاضح بين عضو الكنيسة الإسرائيلية " الفلسطيني " عزمي بشارة وبين المذيع علي الظفيري, حيث طلب بشارة الظفيري ألا يسأله عن الأوضاع في الأردن وأن يركز على الأوضاع في سوريا فقط.
كما ترجاه أن يعفيه من الأسئلة حول البحرين لأنه تناولها بما فيه الكفاية، ورد مقدم البرنامج علي الظفيري بأن مداخلاته بيضت وجه "المؤسسة" في أشارة إلى قناة الجزيرة القطرية - لمائة سنة مقبلة ، في إشارة على انتقاده للدور السعودي في أزمة البحرين، وقد سحب هذا الفيديو من موقع "يوتيوب" عدة مرات، قبل أن يعاد نشره من قبل بعض رواد الشبكة العنكبوتية.