جاء قرار محكمة بحرينية بخفض عقوبة السجن الصادرة بحق محمد علي أحمد مشيمه، الذي توفي قبل أربعة أشهر، جذب النظر إلى المنظومة القضائية في البحرين التي يرى منتقدون أنها تفتقر إلى العادلة ومسيسة بدرجة كبيرة. وكان مشيمه من بين مئات متظاهرين ألقي القبض عليهم إثر احتجاجات شهدتها البحرين في فبراير/شباط 2011.
وفي مارس / آذار من العام ذاته، أدانت محكمة عسكرية مشيمة بتهمة الإخلال بالنظام العام وحكمت عليه بالسجن لسبع سنوات. وفي أواخر شهر أغسطس/ آب 2012، دخل مشيمه مجمع السلمانية الطبي بعد معاناته من مرض فقر الدم المنجلي.
وفجرت وفاة الشاب أوائل شهر أكتوبر/ تشرين الأول غضب آلاف البحرينيين الذين شاركوا في تشييع جنازته. واتهمت المعارضة السلطات بحرمانه من تلقي العلاج المناسب، وهو ما تنفيه السلطات. وفي تحول غريب أوائل الشهر الجاري، خفضت محكمة استئناف مدنية عقوبة مشيمه إلى ثلاث سنوات. وقال محاميه السابق محسن العلوي لهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" إنه ورغم إبلاغه المحكمة بوفاة موكله في أكتوبر 2012، إلا أن القضية بقيت قائمة.
وأضاف: "التهم كانت موجهة ضد مجموعة من الموقوفين إلا أنه ورغم إجابتي في كل مرة يتم فيها مناداة اسم موكلي في الجلسة بأنه توفي، لم تكن المحكمة تبدي اهتماما وكانت تتعامل مع كل القضايا كقضية واحدة". وقال المحامي إن المحكمة كانت تتجاهل أدلة تثبت بأن مشيمه كان في المستشفى للعلاج خلال فترة ارتكابه للجرم المنسوب إليه سنة 2011.
انتقادات للقضاء
وكان المحامي المصري شريف بسيوني، الذي ترأس لجنة تحقيق بحرينية مستقلة نشرت تقريرا حول انتهاكات حقوق الانسان خلال مظاهرات 2011، وجه انتقادات شديدة للمنظومة القضائية البحرينية.
وشكلت اللجنة بتكليف من ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة الذي قبل نتائج تقرير اللجنة بما في ذلك ما يتعلق بتورط الشرطة في عمليات تعذيب في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011. وفي ديسمبر/كانون الأول 2012، قال بسيوني لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن " عدد من التوصيات بشأن المحاسبة لم تنفذ أو نفذت بصورة غير جدية." ووجه انتقادا لقرار محكمة التمييز، وهي أعلى محكمة في البحرين، باعتماد أدلة مقدمة لها رغم الحديث عن حالات تعذيب. واستشهد بقضية اعتبرت فيها المحكمة اعترافات المتهم صحيحة لأنه أدلى بها بعد مرور عدة أيام على تعذيبه. وقال بسيوني: "لا أستطيع أن أفكر في موقف قانوني فاضح وأكثر خداعا من الاعتراف بوقوع تعذيب واعتماد اعترافات تمت الحصول عليها بهذه الطريقة مع الإبقاء على الإدانة." وصدرت أحكام تتراوح بين خمس سنوات والسجن مدى الحياة ضد ثلاثة عشر معارضا بارزا وناشط حقوقي بناء على أدلة يعتقد على نطاق واسع أنه تم الحصول عليها تحت وطأة التعذيب. وأدين المتهمون بالتآمر للإطاحة بالحكومة. وفي الأسبوع الماضي، نددت حركة "الوفاق" المعارضة "بتسييس واستغلال الجهاز القضائي من طرف النظام البحريني".
وتقول جليلة السيد، وهي محامية تدافع عن حقوق الانسان بالمنامة، إنه" يوجد نوعان من العدالة – نوع للشرطة وآخر للمتظاهرين". واستشهدت جليلة بقضية أحد موكليها، مهدي أبو ديب، رئيس نقابة أساتذة البحرين. وحكمت محكمة عسكرية على مهدي في سبتمبر/ أيلول 2011 بالسجن عشر سنوات بتهمة "الدعوة للإطاحة بالنظام في بيانات نقابية." وارتكز الحكم بشكل كبير على اعترافات مهدي، التي تقول المحامية أنها انتزعت منه تحت الإكراه. وأضافت قائلة إن موكلها تعرض لإصابات شديدة خلال فترة احتجازه، كما دفعه بعض عناصر الشرطة من سقف منزله. تهم الأميرة وتؤكد السلطات البحرينية على أنها تقدم جميع المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان للعدالة. وقد رد وزير العدل البحريني الشيخ خالد بن علي آل خليفة على سؤال لبي بي سي العام الماضي عن المستوى الذي ستبلغه التحقيقات بشأن هذه الانتهاكات قائلا إنه سيكون "أعلى مستوى مطلوب".
الاميرة والتعذيب
ووجهت اتهامات ضد الاميرة نورة بنت ابراهيم آل خليفة، التي تنتمي إلى العائلة المالكة وكانت تعمل بشرطة مكافحة المخدرات، ولضابط آخر بتعذيب ثلاثة أشخاص خلال احتجازهم سنة 2011.
ومثلت الأميرة، التي تنفي كافة التهم المنسوبة إليها، أمام المحكمة الأسبوع الماضي في يومين متتاليين. وتتهم الاميرة في احدى القضايا بتعذيب طبيبين شقيقين هما غسان وبسام ضيف كانا يعملان في مجمع السلمانية الطبي. وكان بعض العاملين بالمجمع قد ساعدوا المصابين من المحتجين بعد ان استخدمت الشرطة القوة لتفريق آلاف المعتصمين في ساحة اللؤلؤة بالمنامة في فبراير/شباط 2011. كما اتهمت الاميرة بتعذيب شخص آخر، وهي الطالبة آيات القرمازي البالغة من العمر 21 عاما. واعتقلت السلطات قرمازي في مارس/اذار 2011 على خلفية القاء شعر فيه انتقادات للاسرة الحاكمة. ويقال أنها احتجزت تسعة ايام معصوبة العينين وتعرضت للضرب كما تم تهديدها بالاغتصاب، واتهمت الاميرة بتعذيبها.
تهديدات عبر الانترنت
وقالت ريم خلف محامية قرمازي، لبي بي سي انه اثناء تعرضها للضرب سقطت العصابة من على عينيها وشاهدت الاميرة. وأضافت: "كانت نورة غاضبة جدا بعد ان رأتها آيات". وقالت قرمازي انها لم تندم على قراءة اشعارها أو مثول الاميرة امام المحكمة، حتى على الرغم من انها فقدت مكانها في الكلية وكانت هدفا لتهديدات عبر الانترنت. وأضافت "لست آسفة، قلت ما يشعر به البحرينيون ولم افعل اي شئ يتعارض مع بلدي، ما أفعله هو من أجل بلدي".