- الثورة أبهرت العالم 18 يوما فقط - جينات المصريين نقية والحضارة تحت جلودهم - تاتشر قالت لمبارك : هناك خلل بسياساتكم يهرب الأموال للخارج
حاورته – شيماء عيسى
بعد عامين من انتصار الإمبراطورية اليونانية على الإمبراطورية الأثينية اسبرتا ، هب الشاعر اليوناني "كلود سيمونيه" في قومه يناديهم : لقد هزمناهم ! فاندهش قومه وقالوا له : هزمناهم من زمن بعيد ، فأجابهم : بل هزمناهم حين أنسيناهم تاريخهم وحضارتهم .
بهذا المثل يشبه رائد المصريات والجراح الكبير الدكتور وسيم السيسي حالنا الآن . ويؤكد في لقاء بشبكة "محيط" أنه بدأ حياته جراحا وعاش فترة طويلة من حياته بانجلترا، لكنه تعرض لصدمة حضارية أجبرته على الغوص في تاريخ مصر والتنقيب بداخله ، كان ذلك حين شاهد رجلا نيجيريا يخاطب رجلا إنجليزيا بالهايد بارك، وهي مساحة مفتوحة بلندن، كان الإنجليزي يفخر بأمجاد بلاده، وكان النيجيري يرد عليه بأنه هو الذي أعطاه هذه الحضارة التي يفخر بها، سأله الإنجليزي كيف ؟ فأجاب : أنتم أنجلوساكسون وأخذتم حضارتكم عن الرومان وأخذوها عن اليونان، أما اليونان فقد تعلم أفلاطون وسولون وفيثاغورث ، أشهر علماؤها بمصر، وأنا نيجيري من القارة التي تقع فيها مصر ! . إذا الرجل يفخر لمجرد أنه ينتمي لقارة تقع بها مصر . سألناه : لكن الثورة أعادت الإعتزاز بالهوية المصرية . أليس كذلك ؟ فأجاب : هذا الحال استمر في ال18 يوما فقط التي أبهرت العالم ببداية الثورة، حتى أن أوباما قال : لابد أن نعلم أولادنا الثورة المصرية بمدارسهم . وقال الأوروبيون : كالعادة يصنع المصريون التاريخ . لكن ما جرى بعد تلك الأيام لم يكن يسير على نهجها مطلقا، فنظرنا لمحاولات لإذابة مصر فيما يشبه الدولة الدينية، رغم أن علماء دينيين من عشرينات القرن الماضي قالوا أن الخلافة الدينية باستثناء الخلافة الراشدة منها، لم تكن صالحة تماما كما يتصور البعض .
محيط : وما وجه انتقادك للنظام الحاكم حاليا بالتحديد ؟ السيسي : يكفي أن ننظر للثمار لنعلم ماذا فعل بنا، انظري للحالة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتردية وهؤلاء الضحايا الذين تسيل دماؤهم الذكية كل يوم ، وما يجري اليوم في مدن القناة ، ومحاولات تمكين قطر اقتصاديا من مقدراتنا وقطر برأيي هي الاسم الحركي لأمريكا بل وإسرائيل ، فهل يتقمص الحاكم دور دليسبس الجديد ويبيع ببساطة ما أممه عبدالناصر .
ثم أن مصر لا تحتاج لقرض بقيمة 4 مليار من صندوق النقد الدولي، وقد عشت بانجلترا، وتابعت زيارة مبارك هناك التي التقى خلالها رئيسة الوزراء الحديدية كما يلقبونها "مارجريت تاتشر" ، كان يبدو أنه جاء طالبا لمعونة ، فردت عليه بأنها جمعت حصيلة ما يملكه المصريون بالبنوك لديها فوجدتها تخطت الخمسين مليار جنيه استرليني، ثم نهضت وقالت له : هناك خلل اقتصادي بسياستكم حتى تهرب كل تلك الأموال من عندكم ! وهو ما ينطبق بالتأكيد على الوضع الحالي الذي يمتلك فيه المصريون على الأقل نحو 18 مليار ببنوك انجلترا وأمريكا ، وإذا علم المصريون بالخارج أن القائمين على البلاد يسعون لصالحها ستتضاعف تلك الأرقام لما يصل خمسين مليار ، يمكن أن تدخل مصر في استثمارات وادخار وغير ذلك ! وبخلاف ذلك لو نظرنا للداخل سنجد موارد رهيبة بالبلاد تجعلها من أغنى بلاد العالم حقا ، ولا أحد يستثمرها بل على العكس يتم نهبها . محيط : من كنت تخاطب حين قلت "مصر التي لا تعرفونها" ؟ السيسي : أخاطب الداخل والخارج والذين يصرون على تدمير هوية مصر التي أسماها جيمس بروستيد في رائعته "فجر الضمير" بأنها معلمة العالم ، حين كانت الحضارات مجرد ظلام ، وظهرت بها فكرة القوانين . العالم كله يدرس الحضارة المصرية القديمة، ولا يدرس الصينية ولا الأمريكية . وقد قال شامبليون خلال الحملة الفرنسية : يتداعى الخيال ويسكت بلا حراك تحت أقدام تلك الحضارة . ويكفي أن الباحثة الألمانية الشهيرة همرشتاين تساءلت : كيف كان سيكون شكل العالم بغير الحضارة المصرية القديمة ؟ لدينا في مصر خمسة حازوا جائزة نوبل العالمية، رغم سوء الأوضاع الداخلية، وقد اكتشفت العالمة مارجريت كاندل أن 97 % من الضفائر الجينية المصرية منحدرة من أصل واحد، مسلمين ومسيحيين، وذلك بالرغم من الغزوات التي تعاقبت على تلك الأرض . وقد دخل عمرو بن العاص مصر بصحبة 4 آلاف عربي، وكانت مصر في ذلك الحين 24 مليون نسمة ، أما الأتراك حين ظلوا يحكمون مصر 400 عام فقد استكبروا على الجنس المصري ولم يتزوجوا منه، وهي ميزة برأيي لأنها حافظت على الجنس المصري من الاختلاط . ولقد فوجئت العالمة كاندل أن ألمانيا التي تنادى فيها هتلر سابقا بالجنس الآري مختلطة وليس نقية، وكذلك يهود العالم، وهو ما صدمها كثيرا .
محيط : وكيف نعيد نهضتنا الحضارية برأيك ؟
لن أقول غير بيتي شعر للشاعر محمود حسن اسماعيل يقول فيها : اجر يا نيل عزيزا في الوجود .. وارو للأيام تاريخ الجدود . وانهضي يا جنة الدنيا وسودي .. واعيدي مجدك الماضي أعيدي . بأس أحرارك من بأس الحديد . . فاثبتي كالطود يوم الصراع .
.. جاء اللقاء على هامش توقيع كتاب السيسي الأخير بالدار المصرية اللبنانية "مصر علمت العالم" ، ويذكر أن الكاتب طبيب وجراح مسالك بولية شهير، وسبق وأن قدم للمكتبة العربية أعمال هامة منها "مصر التي لا تعرفونها" ، "نظرة طبية في الحب والجنس" و"الطب في مصر القديمة" .