• ابوالفتوح اتهموه بالعمالة .. والدفراوي همشوه • انتخابات مكتب الإرشاد والشورى .. سر الاستقالات • الإصلاحيون يدعون الجماعة لتبني الديمقراطية والعلنية • خيرت الشاطر .. افتروا عليه وافترى علينا • بديع ومرسي ضمن الجناح القطبي المعين
كتبت – شيماء عيسى
"بدأت أدفع ثمن كتاباتي، وتم التعسف معي وإيقافي تنظيميا، فوجهت رسالة للدكتور محمد بديع مرشد الجماعة، لكنها ذهبت (كالعادة) أدراج الرياح.. يبقى أنها ستظل في ذاكرة الجماعة تفضح التعسف مع المختلفين في الرأي" .. هذا ما دونه المهندس هيثم أبوخليل، القيادي المستقيل من جماعة الإخوان المسلمين ، والذي يدير حاليا مركز "ضحايا" لحقوق الإنسان .
والكتاب المنشور حديثا عن دار "دوّن" المصرية، شهد رواجا كبيرا في الفترة الأخيرة، وفيه يجمع مؤلفه مقالات منشورة له من قبل بصحف مصرية، ولعدد من قيادات الجماعة المحسوبين على التيار الإصلاحي، ومعظمهم قدم استقالته احتجاجا على سياسات مكتب الإرشاد ..
ويحرص الكاتب على تأكيد أنه لم ينشر كتابه الذي يحمل اسم "إخوان إصلاحيون .. وثائق تنشر لأول مرة" ، بغرض تشويه جماعته التي لا يزال يعتز بنهجها الأصيل ، وإنما لإعادتها للنهج الذي رسمه قديما الشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة ، والذي أراد به أن تحتل الجماعة أستاذية العالم ، لكن ، والحديث للمؤلف، شاءت الأقدار أن يسيطر التيار القطبي على مفاصل الجماعة الآن بدلا من ذلك التيار المستنير الذي قاد دفته رجال بارعين أمثال الإمام الغزالي والتلمساني والقرضاوي والهلباوي وحبيب وأبوالفتوح والدفراوي والزعفراني، وعدد كبير من الإصلاحيين.
وقد شهدت مرحلة ما قبل الثورة غليانا مكتوما داخل الجماعة وخاصة من يحملون النظرة الإصلاحية، وليس التقليدية، بسبب ميلها لتكريس أسماء بعينها في مكتب الإرشاد ومجلس الشورى وعدم الاستماع للقواعد والتغاضي عن المنهج الديمقراطي تماما ونبذ المعارضين بل وتشويههم بتهم جاهزة مثل العمالة . كما تراجعت الرؤية الدعوية والسياسية والنهضوية داخل الجماعة لتتحول لمجرد عبارات إنشائية فارغة. وأخيرا وهو الأهم ينتقد المؤلف عدم حسم الجماعة أمام الأزمات التي يعاني منها المصريون كالفساد والغلاء والتوريث في عصر مبارك، ومن بعد ذلك الإرتباك أمام مشهد الثورة بسبب تقديم مصلحة الجماعة أحيانا على مصلحة مصر. لكن على الضفة الأخرى، يحرص هيثم أبوخليل أيضا على تأكيد أن الجماعة لها أياد بيضاء كثيرة لا يمكن إنكارها، ويجب دعمها، ومنها أنها انتشلت جيل كامل من الشباب من السقوط في براثن التطرف والإرهاب بتبنيها النهج الوسطي الإسلامي ، كما أن أنشطة الجماعة الخيرية في ربوع مصر كان الكل شاهدا عليها، ولا نجد بين سجلات البرلمانيين الإخوان من وصم بتهم القروض وعبارات الموت وأكياس الدم، كغيرهم .
بين التكتم والعلنية يرى هيثم أبوخليل أهمية حسم فكرة السرية والعلنية داخل جماعة الإخوان المسلمين، لأن العمل السري مبرر قوي للاستبداد بالرأي من قبل القيادة، وخاصة أن الجماعة تعاني بشدة من غياب النقد الذاتي بجنباتها، فكل معارض متهم منذ الوهلة الأولى بأنه يسعى للأضواء وهدفه هدم الجماعة وكسر شوكتها وهيبتها والعمل بأجندات تخريبية مصرية وخارجية ..
وينقل مؤلف الكتاب وجهة نظر القياديين السابقين بالجماعة مصطفى مشهور وخالد داود من أن حياة الجندية لا تصلح داخل جماعة كالإخوان فهي تفقدها حيويتها وفكرة الطاعة العمياء للأمير ليست فرضا إلا في صفوف العسكر زمن الحرب فقط . يتابع هيثم خليل: الأمر لا يتوقف على ذلك ، فلقد غاب عن الجماعة نهج تربية الشخصية المسلمة الفاعلة، فأصبحت التربية تقوم على الحشد العاطفي وتدريس العلوم الشرعية وحدها ، وذلك بمعزل عن كافة المعارف الهامة في مجالات المواطنة والتراث والمجتمع بواقعه لاجتماعي والاقتصادي، ومن هنا ينشأ فرد الجماعة منعزلا ولا يريد الإصغاء إلا لقياداته ولا التعلم إلا من خلالهم . ناهيك عن أن أي برلماني أو صاحب منصب بالجماعة يعتبر نفسه متحدثا باسمها ولا يمكنه طرح رأيه الحقيقي في مجريات الأحداث حوله.
وبسبب كل ما سبق، فقد حاول كاتب هذا الإصدار وشريحة عريضة من الإصلاحيين أن ينطلقوا بمؤتمرهم الإصلاحي في سنة الثورة، وطالبوا بفتح باب الاجتهاد في مجال المتغيرات وليس الثوابت، وعودة الرقابة والمحاسبة وعدم انفراد مكتب الإرشاد بالقرار وعدم إهدار الكفاءات داخل الجماعة. ويشير هؤلاء إلى أنه جرى سكوت متعمد على جرائم ارتكبها أعضاء بالجماعة ، مثل نهب مواردها باسم استثمارها، وكان عدم فضحهم بحجة عدم التعريض بالجماعة أمام الرأي العام.
بالنسبة للتصويت في الانتخابات، يرفض المؤلف فكرة أن المنتمين لجماعة الإخوان يصوتون ككتلة واحدة لصالح الخيار الذي يحدده سلفا المرشد العام، وهو تفكير مختل يعلي من طرح الإخوان حتى لو كان أقل من الطرح المنافس له، والذي لا يتعارض أيضا مع الإسلام ..
أخيرا، في مؤتمر الإصلاحيين، برزت المطالب بأن يكون للجماعة دستور واضح يوضح هويتها ومصادر تمويلها، وتكون بذلك عرضة لرقابة المجتمع، كما ناشدوا بأن تعلن الجماعة احترامها لحقوق الإنسان وأهمها حق التعبير عن الرأي ونشره وحق الانتقاد علنا وحق الرقابة على اجهزة الدولة للحد من الفساد وحق المشاركة في مؤسسات الدولة.
شهادات جريئة
يقدم الكتاب فصولا متفرقة حول محاولات الإصلاحيين لتغيير الجماعة خلال السنوات الأخيرة، والتي نشروها في الصحف، ومن ذلك طعن الدكتور ابراهيم الزعفراني علنا في انتخابات الجماعة التي جاءت بعد 15 عاما من التعيين المباشر للقيادات، وحدثت عام 2009، وللأسف فقد وضعت نسبة كبيرة معينة داخل مجلس الشورى واستبعدت الدكتور عصام العريان من مكتب الإرشاد رغم حصوله على أعلى الأصوات، وكانت تجري عادة عملية توجيه للأصوات تجاه أشخاص بعينهم للفوز في مكاتب المحافظات ومن هنا خرجت الأسماء المعروفة بحيادها مثل حلمي الجزار وجمال حشمت والزعفراني وغيرهم . كل ذلك جاء في وقت تم تعيين جناح محافظ داخل الجماعة وكان على رأسه الدكتور محمد بديع والدكتور محمود عزت والدكتور محمد مرسي رئيس البلاد والمهندس خيرت الشاطر وغيرهم .. وضمن شهادات الإصلاحيين، ينقل المؤلف ورقة أخيه الدكتور عمرو ابوخليل حين كتب عن مظاهر اقتصادية مسيئة داخل الجماعة كان يجب التصدي لانتشارها بين المنتمين للإخوان ومنها شركات المقاولات والتنمية العقارية التي تستغل حاجة الناس وتبيع الوهم في إعلاناتها، ومظاهر احتكار رجال الصناعة للسلع وعدم رعاية حقوق العاملين ، وتغييب العقل والتراجع عن قيم الإسلام ومنها مثلا التكافؤ في الزواج .
ويذكر المؤلف بقول الصحابة للرسول (ص) : أهو الوحي؟ ، أو مقولة الرعية لسيدنا عمر رضي الله عنه "والله يا عمر لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا". أخيرا ينقل المؤلف في هذه الفصول صرخات ثروت الخرباوي وعبدالستار المليجي بكتبهم التي تحذر من التيار الحاكم للإخوان حاليا، وصرخات أبوالفتوح حين علم بمشاركة الإخوان في الحوار مع عمر سليمان نائب الرئيس المخلوع في الوقت الذي كان الأخير يرفض تماما تنحي الرئيس وهو ما اضطر الإخوان للعودة للاصطفاف مع شارع الثورة مجددا .. ويعتبر أبوالفتوح أن تفضيل الحوار هو نتيجة إحساس عميق بالحاجة للمشروعية لكن الإخوان تناسوا أنهم في ثورة وأن مبارك هو الذي فقد شرعيته وليسوا هم .. الشاطر ..
في سلسلة مقالات حول خيرت الشاطر أسماها المؤلف ( المفترى عليه والمفتري علينا) يسرد ابوخليل قصة حياة الشاطر قائلا : ولد الشاطر في بيت متوسط الحال وبدأ حياته اشتراكيا مع التنظيم الطليعي وسجن عدة اشهر عام 1968 بسبب نشاطه معهم. وفي مطلع السبعينات اقتراب الشاطر من الجماعة الإسلامية ومع تخرجه من كلية الهندسة 1974 وعودته للمنصورة احتك بالشيخين صبري عرفة ومحمد لعدوي وهما من قيادات الاخوان ممن يطلق عليهم تنظيم 1965 والذي انضم الشاطر له.
في هذا التوقيت انضم الاف الشباب من الجماعة الاسلامية للاخوان فضخوا دماء جديدة فيها بعدما ظلت مجمدة منذ منتصف الستينيات وحتى السبعينيات نتيجة الاعتقالات الجائرة والمتكررة، لكن الشيخ العدوي بحسب مؤلف الكتاب قال حين مرة : أخشى على الاخوان من طموح خيرت الشاطر . .
حين جاءت اعتقالات سبتمبر الشهيرة عام 1981 سافر الشاطر هربا من ملاحقة نظام السادات له ، وظل يتنقل من دولة إلى اخرى لمدة سبع سنوات مني فيها بخسائر فادحة، وحين عاد لمصر اندمج الشاطر مع صديقه القديم حسن مالك بمجال الاستيراد والتصدير، وأسسا معا شركة سلسبيل لخدمات الحاسب الالي
ثم بدات سيطرة الاخوان على النقابات المهنية فاسسا شركة سلسبيل لتنظيم المعارض، واستطاع الشاطر الترويج للشركة جيدا، والاستحواذ على معارض النقابات وخاصة المهندسين، كان ذلك في مطلع التسعينات وخرج مالك والشاطر بارباح تجاوزت عدة ملايين باسعار تلك الايام ، لكن الشركة منيت بمداهمة أمن الدولة لها ، وليس هذا فحسب بل إن الشاطر مني بهزيمة ساحقة بعد وقوع خطة تمكين الإخوان في الحكم التي كانت تحويها الشركة بيد الأمن، وكانت خطة قد أعدتها قيادات الجماعة بالإسكندرية ، واعتبرت صيدا ثمينا للنظام .. وعلى إثر ذلك اعتقل الشاطر وصديقه ..
بعد اعتقال دام لعام، استكمل الشاطر خطته في السيطرة على نوادي النقابات وتم تصعيده في مكتب الإرشاد بدعم من الدكتور محمود عزت، واسندت له مهمة تنمية اموال وموارد الجماعة..
لكن النكبات تتوالى، فقد اعتقلت المحاكمات العسكرية الجائرة خيرت الشاطر ، وحكم عليهم خمسة اعوام وبداخل سجن المزرعة استطاع ادارة نشاطه بالخارج وحين خرج تم تعيينه نائبا للمرشد وقد توسع بعد خروجه من السجن بصورة كبيرة للغاية في المشروعات الاقتصادية للجماعة وبمساعدة حسن مالك فانشا شركات ادوية وسياحة وملابس ومفروشات وهنا اعترض الكثير من قيادات الاخوان المخلصين على اختلاط مال الدعوة باموال التجارة وطالبوا بتصعيد المحاسبة والرقابة..
سعى الشاطر لما وصفه ب"مفاهمات مع أمن الدولة" لكي لا تتحرش به مجددا، وقد اشترطوا عليه أن تحجم الجماعة من مشاركتها في الانتخابات البرلمانية، ولما لم يحدث ذلك واكتسحت الجماعة 88 مقعدا بأكمله، لفقت للشاطر محاكمة انتقامية في قضية مليشيات الأزهر الاخيرة، وقد اعتقل الشاطر مرة اخرى 2006 واستمر بمشاركته بمكتب الارشاد بشكل أكبر .
ويشير المؤلف أخيرا إلى نفوذ الشاطر الرهيب بعد خلع مبارك وخروجه من المعتقل، فأصبح مسئول الاتصال الداخلي مع الجيش والحكومة والنخب ومفوضا على بياض لاتخاذ أي قرارات! ويؤمن الشاطر بملف الاعلام لذا كان له مشاريعه الخاصة منها اخوان ويكي واخوان تيوب وتراث الاخوان واخوان ويب وشركة لانتاج الفني وشبكة رصد على الفيس بوك وتولى الاشراف على الاعلام الرسمي للجماعة وهو موقع اخوان اون لاين وفضائية مصر 25 وجريدة الحرية والعدالة .