أرست محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية مبدأ مهما في حكم لها لتطبيق الدستور لصالح الفقراء والعاجزين عن تدبير نفقات علاجهم بعد أن التزمت الدولة أمام الشعب بعلاج غير القادرين مجانا. وقضت المحكمة اليوم في حكمين بوقف تنفيذ قرار الإدارة السلبي بامتناع الهيئة العامة للتأمين الصحي عن صرف دواء مرتين وثلاث مرات أسبوعيا وأمرت بتنفيذ الحكمين بمسودتيهما بدون إعلان وبإحالة الدعويين إلى هيئة المفوضين لإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع.
أصدر الحكم المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عوض الملهطانى وأحمد درويش وعبد الوهاب السيد نواب رئيس المحكمة.
وذكرت المريضة الأولى أنها أصيبت بتصلبات متعددة بالنخاع الشوكى عن طريق تليف في الجهاز العصبي، بينما ذكرت المريضة الأخرى أنها أصيبت بمرض تيبس في العمود الفقري والتهاب حاد في المفاصل وأنها خاطبت قصر الاتحادية برئاسة الجمهورية لعلاجها على نفقة الدولة إلا أن طلبها تم رفضه.
وقالت المحكمة "إن التزام الدولة بتوفير خدمات الرعاية الصحية والتأمين الصحي وفق نظام عادل عالي الجودة ليكون ذلك كله بالمجان لغير القادرين، وأنه وحتى تصدر السلطة التشريعية المختصة قانونا يحدد من هم غير القادرين فإن المحكمة بحكم ولايتها في تحقيق العدالة تبسط رقابتها في هذا الشأن حتى لا يحرم مواطن مريض من الرعاية الصحية وتتعرض حياته للخطر بسبب تأخر صدور ذلك القانون.
وأضافت "لذلك فإن المعيار الذي يعتد به بشأن غير القادرين على العلاج هو معيار موضوعي لا ينظر فيه فحسب إلى الحالة المالية للمواطن المريض وإنما إلى ثمن وتكلفة الدواء مقرونا بحالة المريض المالية وهى مسألة نسبية تختلف من مريض لآخر في كل حالة على حده".
وتابعت "فإن لن تلتزم الدولة بمؤسساتها وأجهزتها المختلفة بجعل نصوص هذا الدستور واقعا ملموسا في حياة الشعب خاصة الفقير منه، لأضحت تلك النصوص مجرد شعار نظري لا يمس شرايين روافد الحياة الواقعية للشعب الذي ظل محروما في أخص وأغلى حقوقه في صحته بالعلاج المجاني لغير القادرين ردحا طويلا من الزمان في عقود سابقة".