حالة من الغليان تصيب الشارع القطري، بسبب الإعلان عن مشاركة دانيال بارنبويم، عازف بيانو وقائد الأوركسترا الإسرائيلي الشهير، في "مهرجان الدوحة للموسيقى والحوار، والذي يستمر إلى مارس المقبل، حيث أبدى قطريون وخليجيون استياءهم الشديد لوجود بارنبويم في الدوحة، لذلك دعوا إلى رشقه بالبندورة والبيض الفاسد. وأكدت مراكز بيع التذاكر أن الحفل سيقام اليوم في 15 يناير/ كانون الثاني الجاري، حيث سيؤدي الموسيقار بارنبويم وصلته بشكل منفرد، ليعود في 17 من الشهر ذاته ليؤدي وصلة مع فرق أخرى.
ليست الأولى وليست قطر غريبة على بارنبويم، فقد زارها مراراً فى الماضى، آخرها حين استضافته أوائل 2010 مع فرقته، فقدم أمسية ضمن فعاليات "الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010"، ودعوه ثانية فى إبريل الماضى للمشاركة فى "مهرجان الدوحة للموسيقى والحوار" أيضاً، لكن السلطات القطرية ألغت المهرجان الذى كررته هذا العام، ودعت إليه الموسيقار، مثيرة غضب الكثيرين بوضوح.
وكان حفل دانيال بارنبويم ألغي في أبريل الماضي من "مهرجان الدوحة للموسيقى والحوار"، بضغط من هيئات مقاومة التطبيع، حيث وصفت هذه الهيئات الحفل بأنه "مشرع للاحتلال، تحت غطاء الفن"، وهذه المرة الخامسة التي تدعو فيها قطر الموسيقي الإسرائيلي، والدولة العربية الوحيدة التي قدمت فيها الفرقة عزفها كانت المغرب في 2003.
والأوركسترا التي يقودها بارنبويم تضم موسيقيين إسرائيليين وعرباً، مناصفة تقريباً، وتهدف إلى بناء جسور بينهم، وتعزيز التفاهم بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتمهيد الطريق أمام حل سلمي عادل للصراع العربي الإسرائيلي.
وكان وراء هذا المشروع البروفسور الفلسطيني إدوارد سعيد والمايسترو الإسرائيلي دانيال بارنبويم. حيث التقيا صدفة وقررا المساهمة في عملية السلام، حسب مفاهيمهما ومبادئهما على أساس "أن الاوركسترا تقدم أفضل مثل للديمقراطية والحياة الحضارية"، منذ بدء المشروع الذي ترعاه بلدية إشبيلية الإسبانية.
غضب قطري ولأنه إسرائيلي، فقد تحرك الغاضبون من مشاركته في المهرجان ولجأوا إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن اعتقادهم بأنه جاء للتطبيع بسلاح الأوتار والأزرار، مع أنه صهيوني رشيق، أي موسيقار لا حظ له في السياسة ولا نصيب، حسبما كتبوه عنه هنا وهناك.
ومعظم الغاضبين من مشاركته هم من القطريين مع قلة خليجيين تحفظوا على وجوده في الدوحة كعازف على أوتار التطبيع القهري - على حد قولهم .
فقد بث محمد ماجد الأنصاري وهو كاتب في "العرب" القطرية وباحث بمعهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية بجامعة قطر ويدرس دكتوراه بجامعة مانشستر، رسائل اعتبر فيها الحفل الموسيقي تحدياً للدين. كما قال في تغريدة ثانية: "الدولة زادت أبناءها شرفاً بمواقفها مع القضية الفلسطينيةوغزة، واليوم تجلب لنا هذا العار".
أما القطري، المعروف باسم @vipaljnooby في "تويتر"، فكتب في هاشتاج "لا_لحفل_الموسيقار_الإسرائيلي"، وهو مخصص منذ السبت الماضي على الموقع للتعبير عن الغضب من مشاركة بارنبويم في المهرجان، فقال: هزلت، مالقيتو إلا إسرائيلي، خلصوا الفنانين وإن كان ضد الصهيونية. يعني معقولة بيوقف ضد جماعته كلها تمثيل".
ومقترح هاشتاح "لا_لحفل_الموسيقار_الإسرائيلي" على "تويتر" هو المغرد القطري يوسف العمادي، أو @y3madi على الموقع، وفي إحدى تغريداته لخص كل شيء بكلمتي "اتقوا الله". وهناك تغريدة للدكتور الإماراتي طارق العوضي قال فيها "لا"، وزاد عليها: دانيال_يعزف_على_جراحنا.
واقترح قطري اسمه التويتري "علي" أو Alialsharshani@ في الموقع، أن يدع الغاضبون الموسيقار يأتي "وعقب ما ايخلص العزف يرجمونه بالبيض والطاطم الخربان بلفيت ما عجبكم العزف" كما قال. أما القطرية لطيفة آل درويش، واسمها @Sh6r6r في الموقع، فكتبت تغريدة استنكرت استضافة الإسرائيلي في الوقت الذي لم ينته فيه معرض الفنان الفلسطيني ناجي الذي اغتاله الإسرائيليون.
وقال أحد المعلقين "قطر تلعب على المكشوف في ظل المقاطعة العربية لإسرائيل وهذا التطبيع في العلاقات منذ زمن طويل وبدأ يرى النور"، فيما قال مغرد آخر "علاقة قطر بالمجتمع الإسرائيلي هي علاقة دولة خليجية بمجتمع مسلم ويهودي كما هي مصر المجتمع المسلم والمسيحي".
مغردون آخرون طالبوا الإعلامي القطري الشهير عبدالله العذبة بالتعليق على الحدث، باعتباره أحد أبرز الإعلاميين الأكثر تعليقا في الشأن الخليجي.
فيما تساءل البعض عن رد فعل علماء الدين على رأسهم رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي حامل الجنسية القطرية، فقال أحدهم: "أود أن أسأل أين العريفي والعوضي القرضاوي وفتاويهم لم نسمع شيئا".
وعلى النقيض نجد من يؤيد زيارة دانيال بارنبويم ويقول - Abu AlAhmedai: "لماذا الزعل من وجود مغن صهيوني؟ أليسوا أصدقاءنا وحلفاءنا؟! ما المشكلة، أليس لهم سفارات في بلاد العرب والمسلمين؟".
صهيوني معتدل ودانيال بارنبويم إسرائيلى من الغارقين فى بحر العولمة بامتياز، فقد ولد فى 1942 ببيونس آيرس، ويتكلم 7 لغات، وهاجر مع أبويه الروسيين أصلاً فى 1952 من الأرجنتين إلى فلسطين، من ضمن حملات تهجير اليهود إليها، وفيها قاد فى 1957 فرقة موسيقية فى حيفا وهو مراهق عمره 15 سنة.
أما حالياً فيقيم فى برلين، مع أن مقر فرقته التى تضم 103 عازفين اسبان وعرب وفلسطينيين وإسرائيليين هو فى مدينة إشبيلية الإسبانية، وجميعهم يحملون جوازات دبلوماسية من إسبانيا ليتمكنوا من السفر إلى أى دولة، لذلك هم إسبان فى قطر الآن، مثل بارنبويم تماماً.
والمعلومات عن الموسيقار تشير إلى أنه صهيونى معتدل، لكن هناك إشارة فى سجله الماضي قد توحى بماضٍ مختلف، فحين تزوج من عازفة كمان بريطانية اسمها جاكلين دو بريه فى 15 يونيو 1967 بعد أن اعتنقت اليهودية، دخل إلى القدس بعد 3 أيام من احتلالها فى حرب ذلك العام، فأقام حفل زفافه عند حائط المبكى متحدياً مشاعر المقدسيين.
حفل بغزة وكان دانيال بارنبويم قد أحيا في مايو 2011 للمرة الاولى حفلا في قطاع غزة، حضره مئات الفلسطينيين، بينهم العديد من الأطفال. وترأس بارنبويم (68 عاما)، الذي يعد مدافعا عن السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، فرقة انشئت خصيصا للمناسبة، سميت "اوركسترا غزة"، ضمت موسيقيين ينتمون لابرز الفرق الموسيقية الاوروبية.
واقيم الحفل، الذي نظمته منظمات فلسطينية بالتعاون مع الاممالمتحدة، في مركز المتحف الثقافي في مدينة غزة، وتخلله عزف لمقطوعات لموزار، بينها "موسيقى الليل" و"السيمفونية رقم 40".
وغالبا ما يزور بارنبويم الضفة الغربية، لكن السلطات الاسرائيلية لطالما رفضت السماح له بزيارة قطاع غزة، مرورا بالاراضي الاسرائيلية، كان آخرها في نيسان / ابريل 2010.
واليمين الإسرائيلي طالب باعتقاله لأنه يصر على خرق نظام منع التجول المفروض على المناطق الفلسطينية، وفي أحد المطاعم الإسرائيلية قذفه بعض الإسرائيليين بالبندورة وبتهمة خائن.