على مدار 10 سنوات، اعتاد المصريون رؤية إمضاء فاروق العقدة، محافظ البنك المركزي المستقيل، على العملة المصرية بمختلف فئاتها، إلا أنهم سيبدأون في رؤية اسمًا جديدًا عليها بعد قرار الرئيس محمد مرسي، مساء اليوم الخميس، بقبول ترشيح هشام رامز، محافظا للبنك المركزي. وسطع نجم العقدة على المشهد الاقتصادي المصري عام 2003، عندما أصدر الرئيس السابق حسني مبارك قراراً جمهورياً بتعيينه محافظاً ل"المركزي" خلفاً للدكتور محمود أبو العيون الذي نشب بينه وبين رئيس الوزراء عاطف عبيد خلافًا حادًا حول مدى استقلالية البنك في إدارة السياسة النقدية ومشروعات الخصخصة، بجانب تحرير سعر الصرف، وفقا للأهرام.
"العقدة" من مواليد محافظة الدقهلية عام 1946، والتحق بكلية التجارة جامعة القاهرة وكان ترتيبه الأول على دفعته وتم تعيينه معيًدا بالكلية، ثم حصل على الماجستير في المحاسبة من الجامعة ذاتها عام 1975، ليسافر في بعثة لاستكمال دراسته بكلية "وارتون" الأمريكية في بنسلفانيا، والتي حصل منها على ماجستير بإدارة الأعمال "المالية" عام 1981، وبعدها بعامين حصل على الدكتوراة في إدارة الأعمال والاقتصاد التطبيق.
عمل العقدة ببنك "أوف نيويورك" بالولايات المتحدة لمدة 20 عاًما حتى تولى منصب نائب رئيس البنك لمنطقة الشرق الأوسط، وكان من المرشحين لرئاسة الحكومة في السنوات الأخيرة للنظام السابق، وبعد الثورة رشُح لرئاسة الحكومة أيضًا.
ويؤكد الكثير من الخبراء أن العقدة نجح في إدارة القطاع المصرفي والمحافظة علي سلامته خلال الأزمات التي مرت به علي مدار السنوات السابقة، فضلاً عن إدارة سوق النقد بكفاءة مما أدى لانتظام سوق الصرف وإعادة القوة والثقة في الجنيه والقضاء على ظاهرة "الدولرة"، مدللين على كفاءته باختياره كأفضل محافظ لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2011 وتكريمه على هامش الإجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين نهاية سبتمبر الماضي بواشنطن بناء على اختياره للجائزة من قبل مطبوعة "الأسواق الناشئة" التابعة لمؤسسة "اليورومنى" واستنادًا إلى مجموعة من المعايير العالمية جاء فى مقدمتها الثقة التى تمكن محافظ البنك المركزى المصرى من بثها فى المتعاملين مع الاقتصاد والبنوك المصرية خلال الفترة الانتقالية بعد الثورة.
وتم اختيار العقدة، من اتحاد المصارف العربية،أيضا، كأفضل محافظ بنك مركزى فى المنطقة العربية لعام 2005، كما اختارته مؤسسة" اليورومني" عام 2007 كأفضل محافظ فى منطقة الشرق الأوسط تقديرا لما حققه من إنجاز فى تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح المصرفى.
يذكر أن العقدة شارك جيش مصر فى معركته لتحرير سيناء حيث تطوع مجندًا بالقوات المسلحة بعد النكسة فى الفترة من 1968 حتى 1974 وتحقق انتصار أكتوبر المجيد.
وقد شهد الاحتياطي النقدي محطات من الصعود والهبوط، منذ تولى الدكتور فاروق العقدة منصب محافظ البنك المركزي فى ديسمبر 2003، خلفاً للدكتور محمود أبو العيون الذي كان يشغل المنصب منذ أكتوبر 2001، حيث لامس الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية حينها نحو 14.8 مليار دولار.
وأخذ الاحتياطي فى الصعود ليصل إلى أكبر مستوياته فى عام 2010 عند 35.22 مليار دولار، وبعد أن عصفت الأزمة المالية العالمية بجزء منه فى عام 2009 ودفعته للتراجع إلى 31.31 مليار جنيه، وبعد أن وصل لنحو 34.7 مليار فى 2008، الذي شهد انطلاق شرارة الأزمة بالولايات المتحدةالأمريكية.
وتبدأ رحلة هشام رامز، المرشح الجديد لمنصب المحافظ، مع نفس المستويات تقريبًا التى تسلمها العقدة إلا قليلاً عند 15 مليار دولار إلا أن اختلاف الظروف والتحديات التى تواجه رامز ستضعه فى اختبار أصعب من سابقه الذي تسلم مهامه مع دخول برنامج الإصلاح الاقتصادى خلال حكومات الرئيس السابق بقوى ودعم من مؤسسات تمويل عالمية بهدف إصلاح الجهاز المصرفي.
ورغم نجاح العقدة فى إدارة عمليات الاستحواذ والدمج فى عام 2006 لأربعة بنوك هي الدقهلية والمصرف الإسلامي الدولي (بنك الاستثمار والتنمية)، وبنك النيل، والبنك المصري المتحد، في بنك واحد هو المصرف المتحد، إلا أن هناك تحديات تواجه رامز على رأسها الانفلات الذى شهده سعر صرف الجنيه مقابل سلة العملات الأجنبية، وفى مقدمتها الدولار واليورو.
وتشير بيانات البنك المركزى إلى أن الاحتياطى النقدى فقد نحو 11 مليار دولار من قيمته خلال عام الثورة وكذلك خلال العام الماضى 2010، مما يشكل تحديًا كبيرا، مع زيادة فجوة الاستيراد، وتصاعد الطلب على شراء القمح من الخارج لتوفير الخبز.