تعددت الوثائق المطروحة في الساحة السياسية المصرية التي قامت عليها جهات غير منتخبة وبطريقة فرض الأمر الواقع وسرعة اتخاذ قرارات وإثبات موقف سياسي سواء من المؤسسة العسكرية من خلال وثيقة السلمي أو من خلال وثيقة الأزهر التي كتبت بمشاركة الليبراليين والعلمانيين وغيرهم على أثرخوف العديد من الجهات الفنية على تراثهم الفني وانتاجاتهم الدرامية والفنية المختلفة .
ففي 8 يناير 2012 اصدر الأزهر الشريف بيانا ليعبر عن الأزهر والمثقفين حول الحريات الاساسية من منطلق تطلعات المصريين بضرورة تحديد العلاقة بين المباديء الكلية للشريعة الإسلامية والحريات في المواثيق الدولية وانتهوا إلى جملة من المباديء لهذه الحريات وهي حرية العقيدة ، وحرية الرأي والتعبيير، وحرية البحث العلمي،وحرية الإبداع الأدبي والعلمي وذكر أنه يتمثل في أجناس الأدب المختلفة من شعر غنائي ودرامي، وسرد قصصي وروائي، ومسرح وسير ذاتية وفنون بصرية تشكيلية، وفنون سينمائية وتليفزيونية وموسيقية، وأشكال أخرى مستحدثة في كل هذه الفروع .
ثم وجدنا بعد إقرار الدستور من يخاطب الأزهر بلغة جديدة توحي بالاحتماء واللجوء السياسي للمرأة التي تخشى على حريتها كما صاغتها المواثيق الدولية والتي لم يذكرها لفظا دستور مصر الجديد ( مصر في عنق الأزهر ومشايخته ) عبرت مرفت تلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة بهذه الكلمات عن أهمية الدور الذي يقع على عاتق الأزهر الشريف خلال الفترة الحالية خاصة في ظل الظروف الصعبة النى تمر بها البلاد.
وبعد استفتاء الشعب المصري على دستور بلادة ووافق عليه بأغلبية غير مسبوقه في تاريخ الدساتير الدولية وبعد أن أستمر العمل داخل الجمعية التأسيسية لهذا الدستور ستة أشهر وبعد ان شارك في اعداده الأزهر الشريف من خلال ممثليه وبعد إقرار مادة الأولى من نوعها في دساتير مصر تتضمن (... ويؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية. )
بدأ الأزهر الشريف في إعداد وثيقة لحقوق المرأة ولكن من أعد الوثيقة من الأعضاء ، وما هي بنودها ، وما الفرق بينها وبين الدستور المستفتى عليه، وهل دستور مصر لا يحقق حقوق المواطنين جميعا ، بما فيهم المرأة ،ومن ناقشها ، ولماذا لم تطرح في وسائل الإعلام على الناس ، وما هي الجهات التي يمكن أن تعطي لنفسها الحق في إصدار وثيقة لحقوق المرأة خارج نطاق الشعب مصدر السلطات وخارج نطاق الديموقراطية والشرعية الدستورية والمؤسسات التشريعية وهل يمكن استخدامها وتمريرها غصبا عن المرأة المصرية وبتكليف من جهات غير منتخبة ، وهل يمكن قبول العمل بها واستخدامها في المحافل الدولية أو في تقرير المجلس القومي للمرأة في الأممالمتحدة ، ولماذا ظهرت فجأة دون مناقشات مجتمعية ؟؟؟تساؤلات إجاباتها توضح المقصود من الوثيقة بعد إقرار دستور البلاد .
أعتقد انه من العدل والإنصاف أن ندعو إلى التطلع إلى دستور مصر الجديد دستور الثورة في مواد الحقوق والحريات ومن أول الديباجة لنعرف كيف نص على كرامة المرأة واشتملت مواده على معظم ما جاءت به المواثيق الدولية ما عدا ما تم التحفظ عليه فيها والخاصة بما يخالف الشريعة الإسلامية وكذلك ما يخص بالاحتكام للمحاكم الدولية في النزاعات الخاصة بعدم تطبيق المواثيق الدولية الخاصة بالمرأة ، والغريب لمن يصر على وضع هذه المواثيق في الدستور وينتظر وثيقة شيخ الأزهر التاريخية كما تقول رئيسة المجلس القومي للمرأة حول "حقوق المرأة"، هن أنفسهن من أعلن رفضهن الزج بالأزهر الشريف في الأمور السياسية ثم نجد العكس تماما في التعامل مع المؤسسة الدينية فيما يخص إصدار وثيقة لحقوق المرأة ممن اعتبرن ان الشريعة الإسلامية في حقوق المرأة بدعة !!
كما ذكرت ذلك رئيسة المجلس القومي للمرأة المعينة من قبل المجلس العسكري والتي مازالت تعمل حتى الأن ذكرت ذلك في منتدى حوار المرأة والتحول الديموقراطي في مصر في نوفمبر 2012بالأسكندرية .
وربما تجيب هذه الفقرة عن سبب العمل على إصدار هذه الوثيقة قبل العام الجديد وقبل عقد المؤتمر الدولي للمرأة حيث نجد أن هذه الجهات أعلنت رفضها للدستورقبل استكماله وأثناء العمل به وعملت على استقطاب العديد من الفئات والنساء المصريات من خلال جمع مليون توقيع لرفض الدستور علنا ومن خلال حملة دعائية سلبية كاملة قبل ان تنتهي الجمعية التأسيسية من المسودة النهائية وتم الإعلان الرسمي للمجلس القومي للمرأة برفض نساء مصر للدستور قبل الاستفتاء عليه وكما قالت رئيسته بلغة إستعلائية على الإرادة الشعبية التي وافقت على الدستور :(نحن جموع النساء من هيئات رسمية ، ومجتمع مدني ، وأحزاب ، ومفكرين ، وشخصيات عامة ، نرفض مسودة الدستور ) ، لذلك فسوف يلجأون لطرق أخرى لتفعيل رؤيتهن لقضايا المرأة وحقوقها المزعومة مثل موضوع فرض الإنفاق على الزوجة، والمعنى المحدود للقوامة ونزع إرادة الزوج المنفردة للطلاق واستخدام التوافق في اصدار التشريعات الخاصة بالمرأة .
المتصفح قليلا في الوثيقة يجد بها أمورا كثيرة لا خلاف ولا جدال فيها, ولكن أيضا المتصفح للوثيقة يجد فيها ما يرجعنا لعصر النظام البائد والمطالب النسوية والمجلس القومي للمرأة فيما يخص وجوب بالانفاق على الأبوين حيث تنص على (رعاية الأبناء ماديا ومعنويا هي أولى مسئوليات الأسرة وهي حق وواجب على الأبوين ) فكيف يكون فرضا على الام الإنفاق مثل الرجل فتكون عائلة مثله في الانفاق على الأبناء وهو ما لم تفرضه الشريعة عليها .
وفي الوثيقة يظهر صوت القلة التي تدعو إلى التوافق ، ولا توافق على الأغلبية والديموقراطية فتنص الوثيقة على (الحرص على ان تكون التشريعات الخاصة بالمرأة ذات طبيعة اجتماعية توافقية ) بما يعني الهروب من أغلبية البرلمان والأسس الديموقراطية والشورى في التشريع والرجوع إلى حجة التوافق بين الاحزاب وهو غير صالح تطبيقيا ولا سياسيا ولا دينيا ولا تشريعيا .
ترفض الوثيقة أمور من صلاحيات مجلسي الشعب والشورى من خلال النص التالي (الرفض التام لتسييس القضايا المجتمعية ) فكيف يقوم المجلس النيابي بعمله في إصدار التشريعات والقوانين الخاصة بالمرأة وهو يمثل أحزاب لها توجهات سياسية ، وعلى الجانب المعاكس لرؤية تسييس القضايا المجتمعية للمرأة المصرية وكيف يطالبون بضرورة قبول المواثيق الدولية من خلال المجتمع الدولي ويطالبون باحترام المواثيق الدولية الخاصة بالمرأة !!وكيف تصدر المؤسسة الدينية والتي ليس من واجباتها إصدار وثائق قومية نيابة عن الشعب وثيقة سياسية !!
وتحرم الوثيقة أمور لم نسمع عنها في الشريعة فيما يخص بعمل المرأة حيث تنص على (تحريم اختزالها في الوظائف الجسدية وحدها ) فماذا تعني بالوظائف الجسدية وحدها فهل المرأة يمكن ان تقوم بدور جسماني بدون تفكير!! وهل المقصود بها ربة البيت وهل ربة البيت لا تقوم بعمل عقلي !! اعتقد ان حتى الحيوان يفكر قبل القيام بالسلوك .وهذه الأمور تسوق لها وسائل الإعلام بجدارة في الأعمال الدرامية عندما يأتي على لسان الزوج : انتي هنا للمسح والكنس والطبخ و بس ..
وفي الأمور التي يوجد بها خلاف فقهي كالنقاب نجد الوثيقة تنص على (إن كشف الوجه والكفين أجازتهما الشريعة ولا ينبغي ان تمنع منه عادة أو تحول دونه ثقافة) فكيف نقبل كلمة (لا ينبغي) في هذا النص !!
أما موضوع الطلاق فنجد الوثيقة تنهي عن إجرائه بالإرادة المنفردة فتنص على أن (يقوم الأمر على أساس الاتفاق والتفاهم بين الطرفين لإنهاء العلاقة الزوجية لا بالإرادة المنفردة).فهل هذه الحالة تقرها الشريعة الإسلامية ؟؟
وتتناول الوثيقة مفهوم القوامة بشكل محدد حيث تنص على أنه (يعني الإلتزام المالي نحو الأسرة ) ولكن مفهوم القوامة مصطلح إسلامي له ضوابطه الشرعية ولا يقتصر على الإنفاق بل يشمل أمور عديدة أخرى كالرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية والدينية والمالية والنفسية وغيرها .والقرآن الكريم يأتي بما فضل الله بعضهم على بعض قبل ذكر بما أنفقوا .فالأمر ليس في الإنفاق وحده بين الزوجين يمكن أن تزال قوامة الرجل .
اعتقد أن العديد من الجهات المعنية بحقوق المرأة والشريعة الإسلامية الرسمية منها والأهلية والشخصيات العامة وقادة الرأي يمكن أن يكون لهم أراء أخرى حول هذه الوثيقة بعد دستور الثورة الذي يحقق من خلال موادة حقوقا لم تعرفها المواثيق الدولية ولا العديد من دساتير دول العالم المتقدم فالحق مكفول للمرأة العاملة وربة البيت والعائلة والفقيرة والأرملة والمطلقة والموظفة والفلاحة والفتاة والأمهات وأمهات الشهداء والحرفيات وصاحبات الأعمال والمعاقات وحفظ كرامة المرأة مصان في البيت وفي الشارع وفي المؤسسات التي تعمل بها ، وتحقيق الأمن المجتمعي لها والحفاظ عليها من كل ما يمكن أن يلحق بها أذى حتى ولو أذى معنوي محفوظ في دستور مصر الجديد .