توقع المؤرخ والفيلسوف دكتور محمود إسماعيل، المتخصص في التاريخ الإسلامي والحضارة في تصريحات خاصة ل"محيط" نهاية الإخوان المسلمين وسقوطهم خلال شهور على الأكثر، مؤكداً أنهم لا يعرفون سوى الكتب المحنطة المنتمية لعصور الانحطاط، وهي التقليد والمتون والحواشي والشروح، و ليس جوهر الدين ومناهجه وإشكالياته، مؤكداً أن الشعب كشفهم وسيسقطهم، فضلاً عن أن مشكلات مصر عتيدة من خلال تراكمات تزيد عن أربعين سنة. لا يمكن حلها بعيداً عن خبرات السياسيين التي لا تملك الجماعة منها شئ. وتذكر اسماعيل قول بن خلدون: ".. إن المتحدثين عن كونهم أهل الدين هم أبعد الناس عن السياسة، يدّعون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينضم إليهم الغوغاء، وينتهي الأمر إلى هلاكهم". مؤكداً أن الفقراء يزدادون جوعاً، والأسعار ستقفز عالياً قريباً.
وقال اسماعيل أن الخلافة الإسلامية شهدت عصور انحطاط ، ولذا لابد أن نستوعب أن الإسلام لم يحدد شكلا للحكم، وإنما مباديء عامة ننسج على هديها القوانين والنظم المتعلقة بالحكم كي تحقق فيما بعد مقاصد الشريعة.
ويواصل أستاذ التاريخ بأنه حتى في عصر الخلفاء الراشدين كان الصحابة تتغير مواقفهم، فمن مبايعة الصحابيين طلحة والزبير للإمام علي، رضوان الله عليهم، نجدهم يعلنون الحرب عليه فيما بعد، رغم أن ذلك العصر كان منزها عن كثير من أخطاء المراحل اللاحقة عليه، ابتداء من الدولة الأموية التي أصبحت "هرقلية" بها ترف وقوة، وفي العصر العباسي كذلك، وكانت حياة الخلفاء كها دعة وترف، فقد كانوا يقضون نحبهم في أعمار مبكرة ما بين اعشرين والثلاثين بسبب إسرافهم في الطعام والنساء.
ويروي المؤرخ عن الخليفة المتوكل صاحب مذهب أهل السنة والجماعة امتلاكه ل 12 ألف جارية، أيضاً شهدت هذه الخلافة ظلما وجورا، واعتبار الثورات فتنة وخروجاً على الله، والدين.
وثمّن إسماعيل ما قاله الخليفة عمر بن الخطاب للناس، حينما فتح امبراطورية كبيرة: "جردوا القرآن وأقلوا في الرواية عن محمد". مطالبهم بالتعامل مع روح القرآن، ومبادئه وان ينظموا هم شئون حياتهم وتفصيلاتها.
جاء ذلك على هامش مشاركة دكتور محمود إسماعيل في مؤتمر "الدين والسياسة" التي نظمته لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة، حيث رفض المؤرخ في كلمته مصطلح الدولة الدينية، قائلاً أن الأدق أن نقول دولة "ثيوقراطية"، واليهود هم اول من حققوا هذه الدولة التي تمزج بين الدين والعنصرية.
وردد ما قاله الكواكبي أن كل النظم "الثيوقراطية" التي شهدتها البشرية هي توظيف للدين لركوبه باعتباره دابة لتحقيق أغراض دنيوية بحتة.
وأكد المؤرخ أن كل النظم الاستبدادية كرست الدين من أجل السياسة، مؤكداً أن الحديث عن الدين وارتباطه بالسياسة مرفوض تماماً في عصور الازدهار، لافتاً إلى أن من ينادون بضرورة العودة إلى عصر الرسول لا يدركون أن المدنية كانت موجودة أيضاً.
وروى المؤرخ أقوال كبار الفقهاء عن ضرورة تحمل الحاكم الظالم، درءاً للفتنة، واعتبر إسماعيل ان الكتابات الخاصة بالدين والسياسة ظهرت عند انتهاء الخلافة، وبدأت سلسلة الكتابات وهي عبارة عن نقل لنماذج من حكماء الفرس ظهرت في العصر العباسي، منها أن السياسة والدين توأمان، معترضاً على ذلك قائلاً أن الدين ثابت بينما السياسة متغيرة.
وأكد إسماعيل على رغبته في تطبيق الشريعة الإسلامية كما طبقها العز بن عبدالسلام، والشاطبي، مؤكداً أن النص الديني متاح لتفسير جماعة الإخوان، التي تعاني من الجمود رغم أن كثير من آيات القرآن تحارب التقليد. لافتاً إلى أن التراث الإسلامي ملئ بالإسرائيليات وهي المسئولة عن الفوضى الدينية التي نعيشها الآن.
وفي السياق ذاته، قال أستاذ التاريخ دكتور محمد أحمد أن الدولة الفاطمية مارست الاستبداد باسم الدين، فقد استخدمت الدولة الفاطمية المذهب الإسماعيلي وترويجه في اتساع الخلافة الفاطمية، ولم يكن الفاطميون يمانعون في الكذب والرشوة لتوسيع دولتهم، والتخفي من ملاحقة الخلفاء العباسيون، مؤكداً أنه حين ضعف الدين في خدمة السياسة انهارت الدولة الفاطمية والسلطة الاستبدادية وسقطت عام 567 ه.