* تطهير القضاء وفق الأهواء خطيئة * تهديدات الأمن طالت الهلباوي ورشدي وصابر * الثورة سرقت ثلاث مرات
كتبت – شيماء عيسى
اجتمع الثلاثة الكبار في "جبهة إنقاذ مصر" بالخارج، والتي نشأت بلندن وهدفت لتغيير نظام مبارك الفاسد وفكرة التوريث . وأكدوا ل"محيط" خلال مؤتمر شهدته نقابة الصحفيين اليوم أنه من غير الممكن أن يرتضي المصريون بمستبد جديد تحت أي مسمى . وقادة الجبهة هم : الدكتور كمال الهلباوي أمين عام منتدى الوحدة الإسلامية والقيادي الإخواني سابقا، الدكتور أحمد صابر المتحدث باسم الجبهة وأستاذ الاقتصاد السياسي، وثالثهم الدكتور أسامة رشدي المستشار السياسي لحزب البناء والتنمية التابع للجماعة الإسلامية .
وردا على تساؤل "محيط" حول استقلال القضاء ودولة القانون والحريات وهو هدف الجبهة حين نشأت عام 2005، والذي ينظر كثيرون لها باعتبارها غايات لم تتحقق رغم قيام الثورة بل وتراجعت في عهد الرئيس مرسي، قال الدكتور أحمد صابر : أي دولة في العالم لا تقوم بغير القانون الذي يحدد علاقة الحاكم بالمحكوم ، وربما ذلك سر تقدم بريطانيا ، ولسوف يظل التاريخ شاهدا على عصر عبدالناصر حين اعتدى على القاضي السنهوري، وأيضا سيظل شاهدا على كل محاولة للاعتداء اليوم على القضاء .
وأضاف صابر : أعرف أن هناك شخصيات فاسدة في القضاء، لكن التعامل معها كان يجب أن يخضع للقنوات الشرعية المعروفة، لا أن نرى من يغير النائب العام الذي لا يرضيه ويعين واحدا مكانه وفق هواه ، أو يحصن قراراته حتى لو كان بشكل مؤقت ، فالفكرة ليست في تطهير القضاء هنا ولكننا تلاشى لدينا الفاصل بين تطهير المؤسسة والقضاء عليها، وبين محاسبة شخص ومحاسبة منصب ، ولو سرنا على هذا الدرب فلسوف تغير السلطة كل قاض لا يعجبها .
أما الدكتور كمال الهلباوي فدلل على نزاهة القضاء ببريطانيا بقصة صديقه المعارض السعودي المنشق الدكتور محمد المسعري، والذي كان سيضطر للرحيل لجزر الباهاما لاغتياله خارج لندن ، بعد أن عاش لاجئا سياسيا فيها، وجاء ذلك بدفع من النظام السعودي بعد صفقة عقدها مع نظيره البريطاني ضمن صفقة اليمامة للأسلحة بقيمة 20 مليار استرليني، لكن الرجل أنصفه القضاء حين لجأ إليه وقال القاضي أنه لن يكون آمنا بالباهاما ، كما أمر له ولأسرته بجوازات بريطانية . وأضاف : لن نفرح حين نجد من يحاصر المحكمة الدستورية أن يقول للرئيس " اعطنا إشارة ونحضرهم في شكارة" كما لو كنا في غابة .
وقد اعترض الدكتور عادل عبدالموجود المحامي والمتخصص بالتراث، على مهاجمة الإعلان الدستوري، قائلا أنه جاء ضروريا في وقته لتطهير المؤسسة التي يجعل فيها كل مستشار نجله وكيلا للنيابة وهو بدرجة مقبول، ونعلم أن مؤامرة كانت تحاك بليل لهدم الحكم الإسلامي برمته وشارك بها ، كما شهد بأنه حين رفع دعوى ضد الكاتبة نجلاء الإمام التي أساءت كما يقول للذات الإلهية فإن تعليمات أمن الدولة أجبرت مكتب النائب العام على حفظ الدعوى .
أما الدكتور أسامة رشدي فأكد أن الإسلاميين تعرضوا 35 عاما لانتهاكات حقوق الإنسان وبالتالي فلن يصبروا عليها مجددا تحت أي مسمى، ودافع عن الإعلان الدستوري مؤكدا أنه جاء لتطهير المؤسسة التي شهد المستشار البسطويسي بأن 20% من قضاتها فاسدون ، وهناك تحالفات سياسية لهدم الحكم الحالي بلا أي سند شرعي.
وخلال المؤتمر الذي عقد بمناسبة عودة الدكتور أحمد صابر من لندن واستقراره بمصر، أكد الهلباوي أنهم تعرضوا لتضييقات أمنية عصيبة في لندن بسبب نشاطهم المعادي لنظام مبارك، لدرجة أن قائد الشرطة كان يتصل بهم في المؤتمرات يطمئن على أنهم لازالوا على قيد الحياة !
من جانب آخر، أكد صابر أن هناك طائفة واسعة ممن يعتبرهم الناس ثوريون هم في الأساس كانوا مرتعشين ولم يطيقوا التواجد مع الثوريين الحقيقيين، ومنهم في لندن من أقاموا اتحادا للمصريين بأوروبا وبيتا للأمة لجمع الساسة والحديث عن الثورة بالزور !
كما تذكر الهلباوي الأيام القلائل قبل الثورة حين كتب في مقال "عار على من لا ينزل ميدان التحرير" ، وقصيدة لمبارك جاء بختامها " قم أيها الشعب فانهض ضد مظلمة قد سيرت مصر أفغانا فبغدادا "
أما الدكتور أسامة رشدي ، فأكد أن جبهة الإنقاذ فتحت ذراعها لحركة 6 ابريل والجمعية الوطنية للتغيير وغيرها من الحركات الثورية وأطلقت صوتهم حرا في راديو الجبهة الذي يبث من لندن، وكان هو المشرف عليه . وعن المشهد اليوم اعتبر رشدي أنه نابع من تصدير الساسة لخلافاتهم مع النظام للشارع والزج بالأبرياء في هذا المعترك .
يعتبر الدكتور أحمد صابر أن حالة المصري قبل الثورة في الخارج كانت تشبه حرامي الغسيل، فهو ممنوع من كل شيء من السياسة ومن الثورة ، ويجب عليه أن يعمل فقط ، وتذكر حين دعا علنا على محطة "بي بي سي " لأن يتحرك المتظاهرون من ميدان التحرير للقصر الرئاسي لإسقاط مبارك ، وهي دعوة تخوف منها كبار الثوريين في مصر كجورج اسحق نفسه . كما أكد أن هناك أسماء شهيرة في جبهة الإنقاذ الوطني التي تدعي الثورية وهي ليست كذلك وأشار بالاسم لرئيس حزب الوفد الذي لم يكن متحمسا للثورة ضد مبارك في بدايتها .
الأهم ما طرحه صابر عن تحدث عمن سرقوا الثورة، وهم برأيه يبدأون من النخب الذين سبقهم المناضلون للشوارع بخطوات واسعة ، وثانيهم المجلس العسكري، والذي يرى صابر أن حكمه للبلاد كان معضلة أخلاقية حقيقية؛ إذ كيف للمشير طنطاوي الذي كان رجل مبارك في الجيش أن يكون رئيسا للسلطة بعد الثورة، برغم تدهور حالة الجيش في عصر مبارك وكونه ركنا أساسيا بالنظام القديم . وثالث سارقي الثورة برأيه هي تيارات الإسلام السياسي التي تعالت على القوى الوطنية بعد وصولها للحكم رغم أن الأخيرة هي من جذبتها للثورة وشجعتها عليها .
ولا يقف الأمر عند هذا الحد برأي الدكتور أحمد، فهو يؤكد أن كلا من عمرو موسى أو حمدين صباحي أو محمد البرادعي يسعون للسلطة ، ويتصورون أن الكرسي أوسع من محمد مرسي ، ولذلك لا يمكن أن نعتبر عملهم خالصا لوجه الوطن .
وبين مداخلات المؤتمر، أكد الدكتور سمير عليش، الناشط السياسي المخضرم، أننا نعاني من إدارة الشرعية الثورية في وقت نحافظ فيه على الدولة من الانهيار، وردا على ذلك أحمد الدكتور أحمد صابر أن الثورات في العالم يعقبها مخاض طويل، وبقدر ما تبذل الدماء بقدر ما نحصل على الحرية، وللأسف نحتاج كذلك لثورة في عقل المصريين التقليدي الذي يبحث عن فرعون ليبني له هرما ويعبده ، وهي بيئة مناسبة جدا لتحويل شخص صالح لمستبد فاتك بشعبه . مضيفا أن كل من صوت على أن يكون البرلمان قبل وضع الدستور أخطأ في حق هذا الوطن .
وأضاف صابر : الشعب هو المخلص الحقيقي لنفسه، وليس شخص أو مؤسسة، وليس عيبا أن نعيد الكرة من أساسها لو كانت خاطئة، ويجب أن نضع دستورا توافقيا حقيقيا، ونضع قواعد النظام الأساسي للدولة ، ونضع حكومة جاهزة لخطوات حقيقية في تخليص مصر من حالتها التي اقتربت كثيرا من الإفلاس الحقيقي .
وفي مداخلته، أكد الباحث في شئون الإسلام السياسي، أحمد بان، أننا ندفع اليوم ثمن الانتقال المبكر من مربع الثورة لمربع السياسة، وتواطؤ النخبة مع السلطة العسكرية ، مؤكدا أن جماعة الإخوان كان لديها خمسة أشهر بالبرلمان لتنجز قوانين هامة مثل السلطة القضائية لكنها لم تفعل ، ودستورنا ليس به توافق، وليس هناك مشروع محدد في رأس الحاكم ، وهو ما يدعو جبهة الإنقاذ لمواصلة عملها من الداخل هذه المرة .
أخيرا أطلقت الجبهة عددا من التحذيرات ، كان بينها دعوة الدكتور أحمد صابر للنظام للإلتفات جيدا لسيناء التي أصبحت حصان طروادة الذي يلعب عليه اليهود ، وحذرها من الإنشقاق داخل الوطن وداخل حتى البيت الواحد الذي حدث بسبب سياسة الرئيس مرسي والحكومة . أما الدكتور الهلباوي فأكد أن الدستور به مشكلات خطيرة تبدأ من سطره الأول الذي يقول بأنه دستور لثورة يناير، رغم أن من كتبوه ليسوا الأبطال الحقيقيين للثورة ، ومرورا بمواده التي جاءت على عجل بلا توافق حقيقي، ومنها المادة 219 التي تجعل مصادر الشريعة محددة للغاية رغم أن مذاهب أهل السنة والجماعة بها مسائل لا يمكن تطبيقها حاليا . وقال أن جماعة الإخوان ركزت مع البرلمان وتناست الميدان ، وكنا نتمنى أن نرى مليونياتهم حين هرب عبدالمعز المتهمين في قضية العمالة للخارج ، قائلا أننا لا يجب أن نصبح مثل الشيخ عاشور الذي انتقد عبدالناصر فصفق له الناس وحين تهكم ناصر عليه صفقوا أيضا !