نشرت جريدة "الواشنطن بوست" تقريرا على صفحتها الفنية خاصا بتصوير معركة الحروب الأهلية الأمريكية بشكل فني، وذلك بعنوان "الحرب الأهلية الأمريكية والفنون: الفن يضع المعركة خلفا ". يبدأ محرر التقرير بالإشارة إلى أن دائما الفنون لا تركز على تصوير البندقية أو المدافع وإنما دائما الدخان الذي يشوب السماء الملونة بلون الشمس البرتقالي الذي اختفى لونه بسبب ما تداخل معه من دخان معارك دامية، أو تصوير الجنود مجتمعين يستمعون لصلاة الأحد. ويؤكد على رغبته أن كانت تستبدل تصوير هذه المشاهد الحربية بتصوير مناظر الطبيعة الخلابة من آفاق جبلية وسواحل ومراعي ليلا ونهارا. وها هي مناظر الحرب الأهلية الأمريكية تعود من جديد في المعرض الذي يقيمه متحف "سميثونيان" للفن الأمريكي، مع أن لوحات الحرب لم تكن في مقدمة المعرض، ولكنه كان المعرض الوحيد طيلة هذا الموسم الذي يدرس أثر الحرب على الفن. ويضم المعرض لوحات للفنان وينسلو هوميروس، وهي لوحات تظهر الجنود في ساحة العمل والحرب على حد سواء. وتتميز أعمال المعرض بأنها تضم لوحات لا تصور الحرب بشكل مباشر، وإنما تشير وتدل على وجودها مثل لوحة "السحب الرمادية المنخفضة" لمارتن جونسون " 1859 "، ولوحة "الأشجار الميتة" لستانفورد روبنسون جيفورد " 1861 " وغيرها من اللوحات التي تنذر بالخطر القادم. وقد يجادل بعض المشككين بأن ليس كل تلميح بعدم ارتياح من جانب الفنان بعمله يدل على أنه يفكر في الحرب، وتجيب عن ذلك إليانور جونز بإجابة مقنعة وهي أنه قبل وأثناء الحرب الأمريكية الأهلية وضع الفنانون لغة متميزة لتمثيل القلق الوطني والصدمات النفسية وهو تصوير ذلك من خلال مناظر طبيعية مليئة بالتوتر. واستشهدت على أن تصوير الحرب ليس دائما بتصوير معاركه بأكبر لوحات التاريخ الأمريكي وهو لوحة "إعلان الاستقلال" لجون ترمبل والتي لك تحوي أية تصاوير للجنود بداخلها. والفن هنا غير النظرة التي ينظر بها ويصور الحروب، فنجد الفنان جاردنز أعماله الفنية لا تزيد عن ثلاث أو أربع بوصات يصور فيها فوضى الأشجار واضطراب الناس والرعب المسيطر عليهم، الأمر الذي يتطلب ممن ينظر لأعماله أن يدقق النظر كي يستطيع أن يرى كل ذلك في هذه المساحة الصغيرة؛ ليتحول النظر إليها أقرب من النظر إلى عينة داخل مختبر لاستكشافها. ونجد هوميروس دودج مارتن يقوم من خلال تصويره الفني بتصوير مشهد أخر في لوحته " ميناء هنري : نيويورك "، مصورا الحطام وحديد الألغام، فيربط بين تدمير المناظر الطبيعية التي تأثرت بالحرب فضاع جمالها، بالإضافة إلى زيادة الألوان بلوحته ليدل على كثافة البيانات والارتباك الحادث حينذاك وهو ما يسمى فنيا ب "الواقعية الفوتوغرافية". يضم المعرض 75 عملا فنيا عن القرن التاسع عشر، ينظر خلالها للحرب بطريقة أكثر بدائية في بعضها وبقلق كبير في بعضها الآخر، وفي حين أنه لا يغطى موضوع الفن والحرب الأهلية الأمريكية بشكل كلي، فإنه يرصده بشكل كاف إلى حد كبير.