«نيكاي» الياباني يرتفع مع انتهاء الإغلاق الحكومي في أمريكا    وزير قطاع الأعمال يتابع تجهيزات إنتاج الأتوبيسات والميني باصات الكهربائية الجديدة    الرقابة المالية توافق على إنشاء أول منصة رقمية للاستثمار في وثائق الصناديق العقارية    الكهرباء: مستمرون في التنسيق مع البيئة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة والتحول نحو الطاقات المتجددة    نزع ملكية أراضي وعقارات لتطوير محور المحمودية بمحافظة الإسكندرية    مئات الشاحنات تعبر رفح محمّلة بالمساعدات في طريقها إلى كرم أبو سالم لتسليمها للجانب الفلسطيني    وزيرا خارجية مصر وتركيا يؤكدان تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والتعاون الصناعي    25 ديسمبر.. الحكم في دعوى مطالبة الحكم محمد عادل ب10 ملايين جنيه تعويضا من الإعلامي إبراهيم فايق    رونالدو يقود هجوم البرتغال أمام أيرلندا.. تشكيل المنتخب المتوقع في تصفيات كأس العالم    الأعلى للثقافة: مدونة السلوك خطوة مهمة لضمان احترام الآثار المصرية وتعزيز الوعي الحضاري    مخاطر وأضرار مشروبات الطاقة على طلبة المدارس.. استشاري تغذية توضح    كل ما تريد معرفته عن جولة الإعادة في انتخابات النواب    معلومات الوزراء يستعرض فى تقرير جديد ملامح المدن المستدامة وفق التحديات البيئية    وزير الصناعة والنقل يبحث مع وزير الصحة والكيماويات والأسمدة الهندي سبل تعزيز التعاون المشترك    الاستعانة ب 12 سيارة من الشركة القابضة بالإسماعيلية ومدن القناة لسرعة شفط مياه الأمطار ببورسعيد    روبيو: واشنطن لا تتطلع لإدارة قطاع غزة    نائب رئيس الوزراء وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    سعر الدينار الكويتى اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 أمام الجنيه    دوري المحترفين، 5 مباريات اليوم في الجولة ال 12    علاء نبيل: نعمل على تسهيل احتراف الهواة    اعتماد نادي اليونسكو للتنمية المستدامة بجامعة القاهرة ضمن الشبكة العالمية    الأرصاد تحذر.. أمطار غزيرة ورعدية على هذه المحافظات    رابط التسجيل للتقدم لامتحانات الطلبة المصريين فى الخارج 2026    تشييع جثمان زوجته أُنهي حياتها خنقا علي يد زوجها بالمنوفية    توقف حركة الملاحة والصيد بميناء البرلس لسوء الأحوال الجوية    استئناف حركة الطيران فى مطار الكويت الدولى بعد تحسن الأحوال الجوية    الرئيس يوافق على إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد    خبراء: المتحف المصرى الكبير يحقق أرباحًا اقتصادية وسياسية    التعليم تعلن شروط التقدم والفئات المسموح لها أداء امتحانات الطلاب المصريين بالخارج    جوتيريش يدعو للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة    البرتقال بكام فى أسواق الخضار والفاكهة اليوم الخميس 13 -11-2025 فى المنوفية    طريقة عمل البطاطا بالكاسترد بمذاق لا يقاوم    استمرار امتحانات منتصف الفصل الدراسي الأول بهندسة جنوب الوادي الأهلية    رئيس الوزراء يقرر تجديد ندب القاضى حازم عبدالشافى للعمل رئيسًا لمكتب شئون أمن الدولة لمدة عام    من عثرات الملاخ وتمرد عادل إمام إلى عالمية حسين فهمي، قصة مهرجان القاهرة السينمائي    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    أديل تخوض أولى تجاربها التمثيلية في "Cry to Heaven" للمخرج الشهير توم فورد    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    الصحة: خلو مصر من التراخوما إنجاز عالمي جديد.. ورؤية الدولة هي الاستثمار في الإنسان    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صدام وشيك بين الأهلي واتحاد الكرة بسبب عقوبات مباراة السوبر    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    استخراج الشهادات بالمحافظات.. تسهيلات «التجنيد والتعبئة» تربط أصحاب الهمم بالوطن    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    «سحابة صيف».. مدحت شلبي يعلق على تصرف زيزو مع هشام نصر    أمطار تضرب بقوة هذه الأماكن.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب    غضب واسع بعد إعلان فرقة إسرائيلية إقامة حفلات لأم كلثوم.. والأسرة تتحرك قانونيا    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا 22 عملية أمنية ضد "داعش" طوال الشهر الماضي    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة اقتحامات وعمليات نسف في الضفة الغربية وقطاع غزة    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    أبو ريدة: سنخوض مباريات قوية في مارس استعدادا لكأس العالم    أشرف قاسم: «كنت أتمنى من الأهلي والزمالك معاقبة زيزو وبيزيرا»    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول النقد والكتابة في الفن التشكيلي
نشر في محيط يوم 17 - 11 - 2012

بديهي أن الكتابة عن الأعمال الإبداعية التشكيلية البصرية ونقدها أمران يأتيان تاليان للعمل الإبداعي نفسه، فإذا لم يكن هناك إبداع أصلا فلن تتواجد كتابة نقدية بشأنه.

إذا رجعنا إلي بدايات تاريخ الفن الحديث في مصر في أواخر القرن التاسع عشر، سنجد إجماعا بأن الحركة الفنية المصرية الحديثة نشأت بداياتها معتمدة في الأساس علي فنانين أجانب مقيمين بمصر، ومصريين متأثرين بالثقافة الغربية، كما سنجد أن متذوقى هذا النوع من النشاط الفني كانوا من أعضاء الجاليات الأجنبية بالبلاد، والأجانب المتمصرين، وقطاع من المثقفين المصريين ذوي الثقافة الغربية، وكانت اللغات الأجنبية، وبخاصة الفرنسية، هي لغة التفاهم التي تجمع بين كل تلك الفئات، ومن ثمة فقد جاءت كافة الكتابات حول الفن في نهايات القرن التاسع عشر و بدايات القرن العشرين في الصحف والمجلات التي تصدر في مصر باللغات الأجنبية، بينما خلت الصحف العربية آنذاك من أية كتابات خبرية كانت أو مقالات نقدية بشأن الفن التشكيلي، وتشكل تلك الظاهرة عبء وعقبة أمام من يتصدي لتأريخ تلك الفترة.

كانت غالبية الكتابات باللغة الفرنسية بقلم كتاب أجانب، انضم لهم بعض من المصريين الذين امتلكوا ناصية الكتابة باللغة الفرنسية أمثال محمد ناجي، وأحمد راسم، وجبرائيل بقطر......إيميه آزار...غيرهم، واستمروا في تحرير كتابات بالفرنسية حتى منتصف القرن العشرين، ثم انحسر ذلك الاتجاه تدريجيا وظهر بعضا من رجال الأدب والكتاب والصحافيين المصريين أخذوا علي عاتقهم، تدريجيا وبشكل عارض، تناول موضوعات تتعلق بالفن التشكيلي بدءا من ثلاثينيات القرن العشرين، ومن أبرز الأمثلة لهؤلاء الكاتب محمود عباس العقاد، وتوفيق الحكيم ، ويحي حقي ، ولويس عوض، وادوارد الخراط، وزكي نجيب محمود ........... وآخرين، لكن أغلبهم تناول الفن التشكيلي باعتباره جانبا من جوانب اهتماماتهم الأدبية والفلسفية بوجه عام.

في توقيت متزامن ظهر كتاب (فنانون أو متذوقي الفن) تخصصوا في كتابات الفن التشكيلي باللغة العربية، ومن بين أبرز هؤلاء الفنان رمسيس يونان ، كامل التلمساني، صدقي الجبانجي ، الدكتور بدر الدين أبوغازي، الوزير ثروت عكاشة، حسين بيكار، الناقد مختار العطار، وتبعهم آخرون....... بعضهم رحل عن دنيانا، والباقون منهم ما زالوا ناشطون رغم تقدمهم في السن، ومن أبرزهم كل من الصحافيين النقاد، كمال الجويلي ، حسن عثمان، صبحي الشاروني، والفنان عز الدين نجيب، عصمت داوستاشي، صلاح بيصار، فاطمة علي ........وغيرهم، ثم ظهر جيلان لاحقان من شباب الكتاب والنقاد، حقق بعضهم نجاحا طيبا، أما الغالبية الباقية فللأسف أصابتها مجموعة الأمراض التي استشرت بكل المجالات في المجتمع المصري بشكل وبائي، فصرنا نلمس في كتاباتهم مظاهر لضحالة الفهم، وفقر المعرفة، وضيق الأفق، والكثير من الفهلوة، واللجوء للاستسهال، وسلق الموضوعات، إذ تغلبت عليهم الرغبة في تحقيق نجاح سريع دون بذل جهدا حقيقيا، فصاروا يمطرون القراء بنصوص إنشائية، متخمة بالألفاظ الرنانة الجوفاء، يغطون بها علي عدم تمكنهم من المادة التي يكتبون عنها، ناهيك عن ضعف شديد في الأسلوب والصياغة العربية للأفكار، إلي درجة إرباك القراء، ودفع بعضهم إلي عدم المضي في القراءة، بل قد يظن بعضا من القراء أن عجزهم عن فهم المقال يرجع إلي قصور فيهم أنفسهم، لوقوعهم تحت الاعتقاد الواهم بأن الكاتب خبير، وعالم ببواطن الأمور، والحقيقة أن مثل هذا الكاتب غير مكتمل المعرفة، سطحي التفكير يلزمه الإلمام بما يتحدث عنه بشكل أكثر إفاضة وعمقا.

إن أغلب ما يتم تناوله من موضوعات تتعلق بالفن حاليا في وسائل الأعلام المختلفة، يأتي في صيغة خبرية أو وصفية، ويرجع السبب في ذلك لعدم اقتناع القائمين علي تحرير الصحف بأهمية الفنون البصرية في المجتمع، إذ يعدونها ترفا لا طائل من وراءه، كما أستشعر في كثير مما يكتب أن الكاتب مجرد ناقل لخبر، دون إلمام بالموضوع وخلفياته، لذا عادة ما يجئ مبتور وغير مكتمل، لا يلقي ضوءً علي جوهر الخبر، وإنما يركز علي حواشي غير ذات أهمية، ربما لأن لها بريق زائف يجتذب قليلي الخبرة

كما ألمس في بعض الكتابات النقدية - التي تظهر في وقتنا الحاضر- إسهابا واضحا في الوصف بشكل أدبي مستفيض، مع الاستعانة بالكنايات، والمحسنات اللفظية، والتكرار، والصور الخيالية، حتى تجد نفسك أمام قطعة من الشعر المنثور مكانه الصفحات الأدبية ، وليس تحليلا نقديا لأعمال تتعلق بالفنون التشكيلية البصرية، وللأسف هذا النوع منتشر انتشارا كبيرا بين الكتاب والنقاد المعاصرين لدينا.

وفي جانب آخر يقع بعض كتاب الفن ونقادة، الذين يُعْرَفْ عنهم تمكنهم وعلمهم، في فخ التكبر والخيلاء، فيحدثون الجمهور بلغة فوقية يصعب استيعابها، وعادة ما يُضَمِنُون كتاباتهم تعاريف وألفاظ مبهمة غامضة، غير عابئين بتبسيطها للقراء، وعلي سبيل المثال كان الفنان الراحل أحمد فؤاد سليم في العديد من كتاباته يتعمد بث الشعور بالنقص لدي القارئ العادي، لشعوره هو - الفنان سليم- بالتفوق علي من حوله، ولم تكن لديه الرغبة في أن يفيض بعلمه بيسر علي الآخرين، وهو ما تسبب في توتر علاقاته بالعديد من زملائه، بعكس فنان ناقد آخر وهو الراحل الفنان حسين بيكار الذي كان يبسط الأمور، ويتعهدها بالشرح بأسلوب سهل واضح، وكان كريما لا يبخل بعلمه ويتيحه للآخرين، ويعف عن مهاجمتهم دون سبب وجيه ومقنع.

للأسف الشديد أن كثيرين من الكتاب والنقاد الشباب الجدد يأخذون نموذجهم في الكتابة النقدية، من مدرسة الفنان أحمد فؤاد سليم، ويقتدون بأسلوبه دون الاقتداء بعلمه، في الوقت الذي نحن في حاجة للجوء إلي مدرسة الفنان الراحل حسين بيكار من أجل توسيع القاعدة التي من الواجب تشجيعها لتقرأ في الفن وتتفهمه.

ولا يفوتني أن أذكر من الكتاب ذوي الوزن والمكانة في عالم النقد الأستاذ مختار العطار الذي جمع بين اتساع الأفق والمعرفة، وأيضا جزالة أسلوبه العربي ووضوحه، وقد ساعدت دراسته لفترة بكلية الآداب قسم اللغة الانجليزية قبل التحاقه بكلية الفنون الجميلة، علي التمكن من اللغة الانجليزية فأعانته في الاطلاع علي المراجع الأجنبية بسهولة، والتعرف علي الكثير مما يجري بالعالم الغربي، وفي هذا الصدد نصيحتي لشباب الكتاب والنقاد أن يزيدوا من معرفتهم باللغات الأجنبية وبخاصة الانجليزية والألمانية والفرنسية، والاطلاع علي المراجع والنصوص بهذه اللغات، خاصة وأن الوصول إلي المعلومات أصبح متيسرا عن طريق الانترنت والدخول إلي شبكة المعلومات الدولية.

وختاما لا يجب أن أغفل طائفة أخري من كتاب الفن ونقاده الذين حصلوا من العلم والمعرفة قدرا كبيرا، لكنهم لسبب أو لآخر، برضاهم أو رغما عنهم، تجمدوا عند المستوي الذي حَصَّلُوه، ولم تعد لديهم رغبة في الاستزادة علما ومعرفة من المصادر المتعددة المتاحة، وللأسف عددهم كبيرا في مجتمعنا، استمرءوا الكسل والاستسهال.

لقد زاد الإيقاع في زماننا المعاصر، وأصبحت التغيرات والتجديدات والابتكارات متسارعة بشكل غير مسبوق، وظل المحافظون من فنانين وكتاب ونقاد ثابتين علي ما اكتسبوه، يهاجمون الاتجاهات الفنية الجديدة، ويعكسون ذلك في كتاباتهم، يتمسكون بالأنماط والأساليب التقليدية، يعارضون الأساليب الجديدة غير المألوفة والمبتكرة، وينزلون عليها بالنقد الشديد والتجريح القاسي، دون رفق أو هوادة.

تلك خواطر الإفصاح عنها قد يفيد، وترديدها قد ينبهنا إلي مثالب نقع فيها جميعا، ولا أستثني نفسي من ذلك، فعلينا تجنبها، ومحاولة تقويم جهدنا عند الكتابة والنقد بشكل يخدم تطور الحركة الفنية المصرية، ويسجل أنشطتها للمعاصرين وللأجيال اللاحقة بإذن الله، وهناك بالفعل بصيص من الأمل يتمثل في مجوعة من شباب الفنانين والنقاد الجادين في تناول أمور الفنون البصرية بجدية أوضح، وفعالية أشد من الأجيال السابقة عليهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.