قال تعالى : ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ .. وفي مثل هذا اليوم من عام 622 م ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة إلى المدينةالمنورة، فرارا من أذى المشركين في قريش بعد أن ذاقوا ويلات العذاب والتشريد، وانطلقوا يدعون لنشر الدين الخاتم في موطن بعيد . وقد استقبل الأنصار المهاجرون استقبالا رائعا، وكانوا متشوقين حقا للدخول في دين الإسلام، وقال عنهم المولى جل جلاله : والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم}التوبة:100 .
وقد سبقت تلك الهجرة ، هجرة أخرى لأحد عشر رجلا وأربع نسوة، تسللوا للحبشة، هربا من أذى قريش، وكان بينهم عثمان بن عفان ذي النورين رضي الله عنه وامرأته رقية بنت محمد وغيرهما . وتبعت ذلك هجرة ثانية للحبشة أيضا في أعداد أكبر اقتربت من المائة رجل وامرأة ، استنجدوا بملك الحبشة النجاشي الذي اقتنع بحجتهم ونصاعة موقفهم أمام المشركين الذين طلبوا في إعادتهم لقريش، فلم يقر النجاشي ذلك، حتى إنه عرف بإسلامه سرا . في الهجرة للمدينة، كان رسول الله (ص) قد خرج مع صحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه للمدينة المنورة، وتجلت عناية الله في الطريق بأن أحاط رحلتهم بالسرية وسترت عليهم الحمامة والعنكبوت في غار "ثور"، ولم يتمكن المشركون من تتبع أثرهم، وهناك وضع الرسول وأصحابه المهاجرون معه ميثاقا لتنظيم العلاقة بين المهاجرين والأنصار. وكان الله سبحانه يسري عن رسوله ويخبره : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ) [محمد: 13]وفي المدينة بدأ تأسيس دولة الإسلام، وقد بدأ التقويم الهجري في عصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه