يشهد المجتمع المصري، خاصة في الآونة الأخيرة، تفشى لظاهرة التحرش بالسيدات والفتيات في الشوارع والأماكن العامة، الأمر الذي يعكس صورة سلبية لمجتمعنا المصري؛ صورة تؤثر على الحياة اليومية لأفراده من الناحية الاجتماعية والأمنية والاقتصادية. لذلك فقد سعت جمعية شباب جرجا للتنمية بالتعاون مع حركة شباب جرجا إلى تناول هذه القضية مع جميع الأطراف المعنية من خلال ورشة عمل عقدت بقاعة مجلس مدينة جرجا تحت عنوان « معاً ضد التحرش»،والتي تدور حول أسباب التحرش واخطارة على المجتمع وطرق رصد حالات التحرش فضلا عن الآليات القانونية للحد من الظاهرة .
وفي محاولة جادة لتحليل أبعاد الظاهرة والأسباب الحقيقية وراء هذا الخلل في المجتمع والوصول إلى علاج فعال يمكن تطبيقه على أرض الواقع، والتي دعي إليها ممثلون عن القيادات التنفيذية المحلية وعلماء الأوقاف ومنظمات حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين.
وأكد محمود اللبان رئيس مجلس إدارة الجمعية على غياب المشروع الحلم والهدف الكبير الذي نلتف به لتفريغ الطاقات كما حدث أثناء الثورة ،الاتجاه نحو ربط ظاهرة التحرش بالثقافة المجتمعية الناتجة عن خلل في القيم والأخلاق والدين وهو الأمر الذي يستدعي تضافر جهود الجهات المعنية والجمعيات الأهلية والإعلام ودور العبادة، والتغلب على المعوقات التي تواجه الفتيات للإبلاغ عن التحرش في مراكز الشرطة أو ما يتعرضن له من انتقاد في الأسرة والمجتمع، وإيجاد سبل لضبط المتحرش.
وأوضح الشيخ عمر الزيات من علماء الأوقاف أن الدين الإسلامي يصون كرامة المرأة ضد أي انتهاك جسدي أو معنوي احتراماً لكرامتها الإنسانية، وأن المجتمع يجب أن يستعيد القيم التي تجلت أثناء الثورة.
وأوضح إسلام منصور الناشط الحقوقي والسياسي أن أحكام قانون العقوبات غير كافية، حيث قال أن هناك خلل في تحديد مسمى واضح لمفهوم "التحرش" في القانون مما يعيق تنفيذ العقاب أو الضبطية،فلابد من تدخل تشريعي يحدد مفهوم واقعة التحرش الجنسي ويحصر أنواعه، مؤكدا على ضرورة نشر الثقافة القانونية بالحقوق وتوجيه النظر لخطورة الظاهرة وكذلك إحكام الرقابة على الأطفال والصبية من الأسر والمؤسسات الدينية وتحكيم الإعلام والاهتمام بنوادي العلم.
وبالحديث عن دور الأسرة المصرية قالت الناشطة السياسية ثناء سعد أن الأم المصرية مقصرة في أداء دورها التربوي، وأنه لا علاقة بين زى الفتاة والتحرش فلا مبرر لهذا الفعل القبيح. ويأتي دور الإعلام فعليه تخصيص ساعة كل أسبوع بكل قناة لتوجيه الشباب وترسيخ القيم وأكدت أن الاضطهاد السياسي وتقييد حرية المرأة وسلبها حقوقها هي إحدى أسباب ظاهرة التحرش.
وقد صرح ثابت أبو الشباب المنسق العام لورشة العمل عقب الانتهاء أن الورشة أسفرت عن مجموعة من التوصيات وهي الخروج بتعريف محدد وواضح للتحرش الجنسي بهدف اقتراح قانون لطرحه ومناقشته في الدورة البرلمانية القادمة،توفير مكان آمن لتلقي شكاوى التحرش في أقسام الشرطة، نظراً لطبيعة الموضوع وحساسيته في المجتمع المصري.
كما تم الاتفاق على إصدار منشور للتعريف بالظاهرة، وآثارها السلبية على المجتمع وعلى السياحة، والرأي الديني والأخلاقي والحقوقي تجاه مرتكبها، وأساليب التصدي لها؛ على أن يتم تعميمها على المدارس وأكاديميات الشرطة وأقسامها المختلفة، ووزارة الأوقاف والكنيسة.
بالإضافة إلى إعادة النظر في منظومة القيم بالمناهج التعليمية بحيث تتضمن مفهوم الحرية الشخصية وحرية الآخر، وتكثيف الجهود التوعوية والأنشطة الثقافية المجاورة للعملية التعليمية الموجهة لفئة الشباب من خلال مراكز الشباب والأندية الرياضية وقصور الثقافة، وكذلك إجراء دراسات متعمقة حول الأسباب الحقيقية لظاهرة التحرش. مواد متعلقة: 1. التحرش الجنسي .. وصمة عار في حق رجال مصر 2. منتقبة تتهم ضابط بالأقصر بالتحرش بها.. ومصادر موثوقة تنفي الواقعة 3. التحرش الجنسي .. من الشارع إلى "فيس بوك"