تمر اليوم 5 نوفمبر ذكرى ميلاد المفكر والمؤرخ الأمريكي ويل ديورانت 1885، تلقى في البداية تعليما كاثوليكيا صارما. لم يستسغ الفتى ديورانت في هذه الفترة مقولات التعليم الكنسي وقد فرض على أهله ان يقبلوا التحول إلى دراسة التاريخ والفلسفة. وشيئا فشيئا وصل ديورانت إلى مرتبة أستاذ في أرقى الجامعات "جامعة كولومبيا" بعد ان نال شهادة الدكتوراه في الفلسفة. فأخذ يلقي محاضراته على الطلبة دون التقيد بالمناهج المقررة واختار ركن القادة والزعماء الأبطال الذين تركوا بصماتهم على التاريخ حتى اجتذبت محاضراته الكثير من الطلبة والمهتمين حتى من خارج أسوار الجامعة. ربط ديورانت في تفكيره ومحاضراته بين الفلسفة والتاريخ ربطا عضويا. وبعد أن لاقت محاضراته نجاحا غير مسبوق قرر ان ينشر كتابا مستمدا في اغلبه من هذه المحاضرات اسمه "قصة الفلسفة". ولاقى هذا الكتاب انتشارا كبيرا وقد عاد على مؤلفه بواردات مالية مكنته من التخلص مما كان يثقل عليه في عمله في الجامعة. فتحرر من هذا العمل وشرع في تأليف "قصة الحضارة" الذي استمر في تأليفه أكثر من ثلاثين سنة معتمدا في معاشه كل هذه الفترة بصورة رئيسة على واردات كتاب قصة الفلسفة.
وبعد تأليف قصة الفلسفة كتب ديورانت ما يمكن اعتباره تدوينا لرحلته الفكرية وقلقه المعرفي عندما أصدر كتابا بعنوان "التحول". تحدث ديورانت في هذا الكتاب عن ضيقه وبرمه بالتفكير المقولب وشغفه بمعرفة حياة البشر على حقيقتها خاصة من قبل العظماء والقادة التاريخيين الكبار. وبعد ذلك بثلاث سنين تقريبا اصدر كتابا رائعا هو الآخر بعنوان "مباهج الفلسفة". حاول في هذا الكتاب ان يقرب المفاهيم الفلسفية بطريقة أدبية رائعة إلى القارئ العام.
واستمرت مغامرة ديورانت في الكتابة عن الشخصيات النافذة والمؤثرة عندما كتب بعد هذا الكتاب "مغامرون في بحار العبقرية". ثم تفرغ بعد ذلك وزوجته لأكبر مشاريع التأليف في العصر الحديث عندما وضع ديورانت قصة نابضة شيقة للحضارة في 39 مجلدا. وقد وعد قراءه ان يحرر كتابا في أعقاب إتمامه لقصة الحضارة بعنوان "عظات التاريخ" . وقبل أن يغادر عالمنا عام 1981 وقبل بلوغه مائة سنة كتب آخر كتبه بعنوان "أبطال من التاريخ" .