نشرت جريدة "الجارديان" البريطانية نعيا لرحيل المؤرخ البريطاني أريك أيفيس عن عمر 81 عام المؤرخ من مواليد 12 يوليو 1931 ، وهو يعتبر من جيل المؤرخين الذين كتبوا عن فترة حكم أسرة تيودر لبريطانيا ، كما كان عضوا نشطا في جامعة برمنجهام ، حيث تولى منصب مدير بها وقاد من خلال مرحلة جديدة بالجامعة لتطوير الفنون والعلوم الإنسانية بها . وقد تخصص في كتابة التاريخ في الحقبة الزمانية التي عاش بها هنري الثامن ، وكان مع أبناء جيله يكتبون عن التاريخ بتحولاته السياسية والدينية والقانونية والتي ساهمت بشكل كبير في تطوير فهمنا لهذه المراحل التاريخية . ولد أريك في رومفورد بإسيسكس ، حيث تعلم في مدرسة برينتوود ، ليلتحق بعد ذلك بكلية الملكة ماري بجامعة لندن ويحصل بها على الدرجة الأولى في تخصص التاريخ . وقام بدراسته العليا بلندن ، حيث تناول مجموعة من المصادر الخاصة بالقانون تاريخيا وهي ما نتج عنها أطروحته التي شكلت نوعا من المرجعية للمحامين البريطانيين في إعادة الإصلاح ببلدهم بريطانيا عام 1983 . خدم بالقوات الملكية البريطانية في الفترة ما بين 1955 إلى 1957 ، ليعمل بعد ذلك باحثا في البرلمان التاريخي عام 1957 ، ثم أستاذا زميلا في معهد شكسبير برجامعة برمنجهام في الفترة ما بين 1958 إلى 1961 ، كما عمل محاضرا بقسم التاريخ بجامعة ليفربول في الفترة ما بين 1962 و1969 . وفي جامعة ليفربول قام بعدة أبحاث تنصب معظمها على العمل في كتابه الأكثر شهرة " آن بولين " ، حيث أصبح مهمتما بشدة بالفترة التي حكم بها هنري الثامن انجلترا ، وخاصة محاكمة زوجته الثانية الملكة آن بولين بتهمة الخيانة العظمى ووقوع جريمة الزنا بينها وبين أحد أفراد الحاشية عام 1536 . وخلال ذلك قام أريك بكشف وثائق تدل على القيام بمكائد من تدبير توماس كرومويل ليزيح آن وغيرها من طريق هنري الثامن ممهدا الطريق ليتزوج من جين سيمور ، وقد بدأ ينشر أطروحاته عن حياة آن الملكة التي اتهمت بالخيانة وتم إعدامها بقطع رأسها عام 1986 ، ليخرجها بعد ذلك منقحة مكتملة عام 2004 . وتميز أريك في كتاباته في سير العلماء بالقدرة على التوجه لجميع طوائف الشعب مما جعلها كتابات تلاقي قبولا شعبيا واسعا ، كما تميز أسلوبه بالجمع بين النثر والبحث الدقيق الذي يجعله يتوصل إلى نتائج مبتكرة وجديدة ، ومثال ذلك بحثه الذي حول الملكة بولين من خائنة إلى صاحبة دور كبير في التاريخ الإنجليزي فقد لعبت دورا مؤثرا في الإصلاح البروتستانتي بناء على إيمانها القوي بإنجيلها . لعب الدين دورا هاما جدا في حياة أيفيس ، وكذلك زوجته روث التي دعمت فيه هذا الإتجاه فقد كان واعظا قويا وحيويا ومدافعا عن الكنيسة ، وقد من بلغ من إيمانه الشديد أن اصدر كتابه الأقل شهرة " الله في التاريخ " عام 1979 والذي تحدى به تفسيرات الماركسية وأصحاب الإتجاه المادي ، وذلك من أجل استعادة البعد الروحاني في فهمنا للعلمية التاريخية . انتقل من جامعة ليفربول إلى جامعة برمنجهام حيث عمل أستاذا للتاريخ الإنجليزي حتى تقاعده عام 1997 ، كما عمل عميد كلية الآداب في الفترة ما بين 1987 و 1989 عمل خلالها على إصلاح الكلية ، كما ساهم في إصلاح معهد الفنون الجميلة . اعتز كثيرا بمهنة التدريس ، وأوضح أنها تسير جنبا إلى جنب مع البحث والتدقيق وهو ما يطور أفكار الباحث ، كما عمل على تصميم دورات مبتكرة انصب عدد منها على حياة شكسبير كنوع من الاتصال بحياته بشكل جعل اعقد المفاهيم لدي تلاميذه بسيطة وواضحة . لم يتقاعد بالشكل المفهوم وإنما أصبح أكثر نشاطا مما سبق ، فقد عمل على دعم كرسي دراسي في مدرسة وارويك في الفترة ما بين 1985 و 2003 ، ليعود مرة ثانية إلى التأريخ مع كتابته سيرة السيدة جين جراي " ملكة التسعة أيام " التي مثلت نموذجا جيدا للشابات ، فقد حاولت في أيام حكمها التسعة الصمود والانجازات الإصلاحية حتى حدث الانقلاب ضدها وتم اعدامها عام 1553 . توفي إيفيس ليترك ورائه ابنته سوزان ، وابنه جون .