كنا ننوي أن نكتب عن الخبطة الأمنية الرائعة لجهاز الأمن الوطني والتي نجح من خلالها أن يلقي القبض علي خلية إرهابية تعمل في مجالات الاتجار بالأسلحة وتهريبها إلى داخل مصر وخارجها، وكنا ننوي أن ندعو هذا الجهاز أن يواصل عملياته دفاعاً عن مصر، ومطاردة لدعاة العنف في كل مكان، وهذا هو دور جهاز الأمن الوطني العظيم لكي لا تصبح مصر مثل العراق وليبيا الشقيقين، وهو دور بلا شك كلنا نقف خلف جهاز الأمن الوطني لننظف بلادنا من كل دعاة العنف والإرهابيين الذين يهددون أمننا القومي أيا كانت توجهاتهم وانتماءاتهم الفكرية والأيديولوجية. لكن حدثت واقعة الاعتداء علي الدكتور تقادم الخطيب المدرس المساعد بالجامعة وعضو لجنة تقصي الحقائق في أحداث الثورة، حيث أنزله ضابط ومجموعة من الجنود من علي ظهر أتوبيس خلال توجهه إلى بلدته بمحافظة قنا لقضاء العيد وأهانوه وسبوه.. وقالوا له ان الثورة التي تتحدث عنها هي في التليفزيون فقط، وأخطر ما قاله دكتور تقادم أن الضابط أخرج قطعة حشيش من جيبه.. وقال له سنلفق لك قضية وأبقي وريني الثورة هتعملك أيه، وظل الضابط ورجاله يحتجزون دكتور تقادم ويهينونه لفترة طويلة.
وكما نعلم جميعا فأن مثل تلك السلوكيات والتصرفات والإجراءات التي يرتكبها ضباط الشرطة كانت من أهم أسباب قيام ثورة 25 يناير المجيدة، وما ترتب عليها من تدمير الشعب لمرافق ومنشآت وسيارات جهاز الشرطة بالكامل، وهو ما تسبب في أضرار جسيمة يدفعها الاقتصاد القومي، وللأسف تلك السلوكيات من قبل عناصر بجهاز الشرطة تتكرر من جديد بعد الثورة، ومع شخصية مثل الدكتور تقادم الخطيب تحديدا، هذا يعني أنه من الممكن أن يحدث ما تعرض له «تقادم» لآخرين في هذا البلد من المستضعفين.
ولقد استمعنا إلى تعليق اللواء مدير أمن قنا الذي قال أن دكتور تقادم رفض إبراز بطاقته وأن الداخلية من حقها أن تشتبه بالأشخاص، لكن رجال القانون قالوا إن قانون الاشتباه أبطلته المحكمة الدستورية، وليس من حق الداخلية أن تشتبه بأي مواطن بعد إلغاء قانون الطوارئ إلا في حالتين معروفتين وهما أما الضبط متلبس أو وجود إذن نيابة، والحالتين ليس من بينهما حالة دكتور تقادم.
إذن من الواضح أن عناصر بالشرطة غير مسئولة ولا تزال تتعامل مع الشعب علي أساس غير قانوني، تلك العناصر تعودت أن تتعامل مع الناس علي أساس قانون الطوارئ، وبعد الغاء هذا القانون باتت تلك العناصر في أزمة حقيقية، وهو ما يتطلب أعادة تدريبها وتأهيلها أن تحترم القانون والدستور وحقوق الإنسان عندما تتعامل مع المواطنين، ونثق أن السيد وزير الداخلية سوف يجد حلاً مع تلك العناصر من أبناء الشرطة لأجل تدريبها علي احترام القانون، وذلك إذا ما كانت تلك العناصر تريد أن تستمر في أماكنها بعد ثورة 25 يناير المجيدة، ولكي تكون الشرطة فعلاً في خدمة الشعب.