أثار مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني الدولية وعدد من المدافعين الحقوقيين من منطقة الخليج قضية القمع المستمر للمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين في الدول العربية الإنسان وأن عدداً عدد غير مسبوق من حكومات المنطقة العربية خضع إلى المراقبة والنقد الدولي، لارتكاب هذه الحكومات لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ، جاء ذلك خلال الدورة الحادية والعشرون لمجلس الأممالمتحدة . زياد عبد التواب، نائب مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قال إن"هناك العديد من محاولات قمع وإخماد الثورات تمارسها كثير من الدول العربية ضد النشطاء الحقوقيين على مدى العام ونصف العام الماضي"، مضيفًا أن هذه الدورة شهدت تعرض العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان من السودان والإمارات العربية المتحدة والبحرين إلى هجوم حاد من جانب حكوماتهم أو من جانب جهات فاعلة مرتبطة بحكوماتهم، وذلك بسبب تعاونهم مع الأممالمتحدة.
وأضاف عبد التواب "إننا ندعو الأممالمتحدة والدول الأعضاء إلى تكثيف جهودها بصورة عاجلة لتوفير الحماية لهؤلاء الحقوقيين، وغيرهم ممن يحذون بشجاعة حذوهم"، مؤكدًا أن هذه الأعمال الانتقامية ضد المتعاونين مع الأممالمتحدة لا تمثل فقط انتهاكًا لحقوقهم، لكنها تمثل أيضًا هجومًا على الأممالمتحدة نفسها وعلى قدرتها في العمل بالصورة الملائمة".
بدأت هذه الدورة من المجلس بنقاش خاص حول "العمليات الانتقامية" أو الهجمات ضد المتعاونين مع الأممالمتحدة، وعلى الرغم من هذه المبادرة الإيجابية من قبل دولة المجر، إلا أن حكومات عدة مازالت مترددة في مواجهة تلك الحالات الملموسة.
من جهته قال جيرمي سميث،عضو مركز القاهرة "إذا كانت الدول الأعضاء بالأممالمتحدة جادة بشأن هذه القضية، فيجب عليها أن تتحرك لما هو أبعد من مجرد مناقشات نظرية، وأن تدين بشدة عمليات هجوم بعينها".
وشهدت هذه الدورة استعراضًا لحالة حقوق الإنسان في كل من المغرب والجزائر وتونس والبحرين، ومن جانبها قبلت حكومة المغرب ب 128 توصية من أصل 140 توصية قدمتها الحكومات المختلفة بالمجلس، وتونس ب110 توصية ورفضت ثلاث توصيات، إلا أن أوضاع الصحفيين وحرية التعبير في تونس لا تزال تثير القلق، بما يحتاج لمراقبة خاصة عن كثب، لاسيما أن على تونس وضع ضمانات في دستورها الجديد تحمي حرية التعبير من كافة الانتهاكات.
البحرين والجزائر، قبلتا معظم توصيات عملية الاستعراض الدوري الشامل، ولكن يبقى توافر الإرادة السياسية والعزم على تنفيذ تلك التوصيات، لاسيما في ظل استمرار تعرض المدافعين عن حقوق الإنسان بالبلدين لمضايقات عنيفة.
ناقشت الجلسة أيضا انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في حق الشعب الفلسطيني من قبل المستوطنين الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تشمل الإيذاء الجسدي والمضايقات ومصادرة الممتلكات، بالإضافة إلى استمرار الانتهاكات الحقوقية الخطيرة في قطاع غزة وتردي الحالة الإنسانية تحت الحصار المفروض على القطاع في الأسبوع الأخير من هذه الدورة.
وفى هذا الإطار قام مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وعدة منظمات دولية غير حكومية أخرى، بإلقاء الضوء على السابقة الخطيرة التي أقدمت عليها حكومة إسرائيل، والخاصة بتجميد التعامل مع مجلس حقوق الإنسان منذ بداية هذا العام، وطالبت المنظمات المجلس بمخاطبة الأمين العام من أجل تعيين مبعوث خاص له، للتحقيق في الرفض الممنهج من قبل إسرائيل في التعاون مع آليات الأممالمتحدة، فضلاً عن اقتراح سبل للتغلب على هذا العزوف عن المشاركة والتعاون.
واعترضت المملكة العربية السعودية على قرار لمكافحة زيادة معدلات وفيات الأمهات أثناء فترتي الحمل والولادة، في تحدٍ فج لحقوق الإنسان. إذ صرحت المملكة العربية السعودية أمام المجلس أن القوانين المحلية والتقاليد والقيم لها أولوية على القانون الدولي، ومن ثم أعلنت أنها لن تقبل المجموعة الكاملة من إرشادات التوجيه الفني المتعلقة بالحد من وفيات الأمهات والحفاظ على صحتهن الإنجابية والتي أوصى بها قرار المجلس.
من جانبه قال عبد التواب "أن النضال من أجل احترام حقيقي لحقوق الإنسان من قبل حكومات المنطقة العربية قد بدأ لتوه، بما يتطلب دعمًا من المجتمع الدولي، وإدراك واضح أن هذا ليس وقت الانشغال أو الإعراض عن المطالبين بالإصلاح والديمقراطية في المنطقة العربية". وفي هذا الإطار رحب عبد التواب بتجديد القرارات الخاصة بالسودان وسوريا واليمن في دورة المجلس الحالية.
خلال هذه الدورة تم تجديد القرار الصادر بشأن سوريا، والذي قدمته المغرب وقطر والمملكة العربية السعودية، ولم تصوت ضده غير روسيا والصين وكوبا، والخاص بتكليف لجنة لتقصى الحقائق في سوريا، يمتد عملها حتى مارس 2013، وصدر قرار أخر بشأن اليمن، وتم إقراره بالإجماع، وعن السودان أيضًا تم اعتماد قرار بالإجماع بشأن تجديد تكليف الخبير المستقل المعني بالسودان لمدة عام واحد جديد.
عن تلك القرارات تقول باولا داهر، من مركز القاهرة "خاب أملنا بسبب تجاهل القرارين المعنيين باليمن والسودان للفشل المستمر في إيقاف الانتهاكات الخطيرة المستمرة لحقوق الإنسان من جانب هاتين الحكومتين، بل وبدلاً من ذلك، أعاد المجلس تقريبًا إنتاج واعتماد قرارات سابقة مع إشارة ضعيفة للوضع الحالي على الأرض" مضيفة " أن الاستعراض الدوري الشامل لهذه الدول في المستقبل لابد أن يأتي بناءً على استجابة المجلس للوضع الفعلي على الأرض، وليس استجابة للملائمات السياسية". مواد متعلقة: 1. حقوق الانسان فى السلاح الذى تقتلنا به الداخلية ؟! 2. مجلس حقوق الانسان يدعو لاحترام كافة سلطات الدولة لاحكام المحكمة الدستورية 3. مؤتمر لمنظمة حقوق الانسان حول "دستور مصر الجديدة... قضايا وإشكاليات"