رغم التفاؤل الذي عمّ المحادثات بين الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره السوداني الجنوبي سلفا كير ميارديت في أديس أبابا منذ الأحد الماضي، والتأكيدات بأنها تمضي بصورة إيجابية، إلا أنه ظهرت مساء الثلاثاء، مؤشرات على تعثر تلك المفاوضات، أدت إلى إرجاءها، وذلك بسبب الخلاف حول مجموعة قضيتي الأمن والحدود. ملفي النزاع
وأفادت مصادر بأنه تم الاتفاق خلال المحادثات على العديد من القضايا، إلا أن ملفي الأمن وأبيي، لا يزالان ضمن الملفات الشائكة التي تحول دون التوصل إلى اتفاق نهائي، لكن العضو في الوفد السوداني العبيد مروح، أكد أن "تقدماً تم احرازه".
وأضاف مروح في تصريحات "للجزيرة" ، أن جلسات القمة ضيقت شقة الخلاف حول منطقة الميل 14، وتوصلت إلى تفاهم مبدئي بشأن ملف شركة "سودابت"، وتحدث عن توافق على استكمال الأجهزة الانتقالية في منطقة أبيي حتى تعد لإجراء الاستفتاء على مستقبل المنطقة في أكتوبر من العام المقبل، وكانت تقارير تحدثت عن الاتفاق على كافة الملفات الاقتصادية.
وقد التقى البشير وسلفا كير مساء امس، لليوم الثالث على التوالي، من دون تسجيل تقدم ملموس في المحادثات حول مجموعة من القضايا الرئيسية العالقة بين البلدين.
وعقب انتهاء المحادثات، قال كبير مفاوضي جنوب السودان دينق الور: "إن الاجتماعات ستستمر وستتم مناقشة القضايا العالقة".
البشير متفائل
وكان الاعلان عن هذه القمة النادرة بين البشير وميارديت، قد بعث الآمال في امكانية التوصل إلى اتفاق شامل، بعد أن بدا أن جولة المباحثات بين مفاوضي البلدين، التي يرعاها الاتحاد الأفريقي بدعم من مجلس الأمن الدولي، لم تسفر عن أي نتائج مثمرة طوال الأشهر الماضية.
من جانبه، أعلن الرئيس السوداني عمر البشير مع بداية القمة، أن المحادثات الجارية بينه وسلفا كير ميارديت، تمضي بصورة إيجابية، وهناك مرونة تسمح بالتوصل لاتفاق، موضحاً أن الخلاف أصبح محدوداً فيما يتعلَّق بمنطقة "الميل 14" وهي جزء من المنطقة العازلة.
وقال البشير في حديث مقتضب مع رؤساء تحرير الصحف السودانية، عقب اللقاء الثالث الذي جمعه مع سلفا كير في القصر الرئاسي بأديس أبابا: "إنه يرى أن تكون كل المنطقة وعمقها 23 كيلومتراً منزوعة السلاح، وأن تدار عبر الإدارة الأهلية كما كان سائداً في المنطقة منذ مئات السنين"، موضحاً أن هناك اتجاهاً لمعالجة الوضع النهائي بشأن بلدة أبيي النفطية المتنازع عليها في مسار منفصل.
وشدد البشير على أن تحسن العلاقات بين السودان والجنوب وفتح الحدود والتبادل التجاري وضخ النفط الجنوبي عبر الشمال، سينعكس إيجاباً على المحادثات في شأن الوضع النهائي حول أبيي، والمفاوضات حول منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
عبدالقادر وأموم أمام "الميل 14"
وفي محاولة أخرى للخروج باتفاق، أحال البشير وسلفاكير الملف الأمني إلى رئيسي وفديهما المفاوضين، إدريس عبد القادر وباقان أموم، لمناقشة المقترح السوداني في معالجة العقدة الرئيسية التي تعطل الاتفاق، وهي الخلاف على منطقة، بجعل كل المنطقة منزوعة السلاح، قبل أن يعقد الرئيسان جولتين ناقشتا تفاصيل ما توصل إليه عبد القادر وأموم.
وذكرت صحيفة "الصحافة" السودانية الثلاثاء، أن البشير وسلفا كير واصلا جلساتهما بالتركيز على ملف الأمن المرتبط بإنشاء منطقة عازلة بين البلدين، وتناولا تفاصيل محدودة في الملف الاقتصادي متصلة بشركة "سودابت" التي وضعت حكومة الجنوب يدها عليها، وكذلك مقترح الوسطاء لمعالجة الوضع في منطقة أبيي.
وأضافت أن السودان اقترح جعل منطقة الميل 14 منزوعة السلاح، بينما طرح الجنوب الانسحاب 7 أميال أي نحو 5.11 كيلومترات، جنوب بحر العرب "خط الصفر" حسب الخريطة الإفريقية، ويواصل الجانبان مناقشة تفاصيل الملف.
وقال مسئول في فريق الوساطة الإفريقية: "إن الطرفين باتا على وشك التوصل إلى اتفاق في الملف الأمني، وإن لجنة من الطرفين والوساطة تصوغ مشروع اتفاق".
وكشف المسئول أن الخلاف ينحصر في مسافة انسحاب قوات الدولتين من منطقة الميل 14 بين ولاية شرق دارفور وولاية شمال بحر الغزال من خط الصفر في المنطقة، بعدما تجاوزا أن يكون عمق الشريط العازل في المنطقة المعنية مختلفاً عن بقية المناطق الأربع الأخرى المتنازع عليها.
المنطقة الفاصلة
والهدف من هذه المنطقة الفاصلة منع تجدد المواجهات الحدودية، فضلاً عن قطع خطوط امدادات الحركات المتمردة الناشطة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق السودانيتين، اللتين تتهم الخرطومجوبا بدعمها.
وأدى النزاع الأخير إلى تدهور اقتصادي في كلا البلدين، ولا سيما منذ أن أوقفت جوبا إنتاجها النفطي في يناير/ كانون الثاني الماضي، احتجاجاً على مطالبة الخرطوم برسوم باهظة مقابل نقل النفط عبر أراضيها.
وعلى اثر توقف تصدير النفط، واجهت الخرطوموجوبا انخفاضاً في قيمة عملتيهما فضلاً عن ارتفاع نسبة التضخم وغلاء غير مسبوق في الأسعار.
وبدوره ، هدد مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على البلدين في حال استمرار خلافاتهما بما يعرض حياة المدنيين على جانبي الحدود للخطر.