رويترز - أعلن اليوم الجمعة عطلة رسمية في باكستان احتجاجا على فيلم مسيء للنبي محمد أنتج في الولاياتالمتحدة مما يبرز نفوذ الأحزاب الدينية وقدرتها على صياغة الأجندة السياسية. وأشعل محتجون غاضبون من الفيلم النار في كشك لتحصيل الرسوم على طريق سريع خارج العاصمة ودار للسينما في مدينة بيشاور بشمال غرب البلاد وظهر هذا في لقطات بثها التلفزيون على الهواء.
ومع قلقها من الإحباط المنتشر لإخفاقها في توفير خدمات أساسية أعلنت الحكومة الباكستانية اليوم الجمعة يوم احتجاج على الفيلم في محاولة من جانبها على ما يبدو للاستفادة من موجة الغضب التي أشعلت احتجاجات عنيفة في عدد من الدول الإسلامية.
ويقول منتقدوها إن هذا النهج متوقع من حكومة يصفها كثيرون بأنها غير كفء لمواجهة تحديات صعبة بدءا من تمرد حركة طالبان المستمر وانتهاء بانقطاع الكهرباء المزمن الذي تكررت الاحتجاجات بسببه.
وقال آخرون أن الدعوة إلى "يوم في حب النبي" خطوة تنم عن دهاء سياسي من الحكومة.
وقال أبو بكر سعيد فاروقي المتحدث باسم منظمة إسلامية ساعدت في تنظيم المظاهرات "قلبنا يقطر دما. نستطيع تحمل أي شيء إلا الإساءة لنبينا وقرآننا."
وتريد الحكومة الاستفادة من كل مساعدة تستطيع الحصول عليها. ويواجه رئيس الوزراء رجاء برويز اشرف ضغطا من المحكمة العليا لإعادة فتح قضايا فساد ضد رئيس البلاد. وعزلت المحكمة سلفه لأنه لم يفعل هذا.
الصراعات السياسية وألهت الصراعات السياسية مرارا الزعماء المدنيين ويعتبر الجيش الذي حكم البلاد لأكثر من نصف عمرها البالغ 65 عاما المؤسسة الأكثر فعالية وحسما في وقت الأزمات.
ويعارض الكثير من الأحزاب التي نظمت الاحتجاجات تحالف باكستان مع الولاياتالمتحدة التي لم تتعاف الا مؤخرا من عدد من الانتكاسات.
وأدان عدد من منتقدي الحكومة إعلان اليوم عطلة رسمية باعتبار هذا استغلالا للمشاعر في ديمقراطية شابة مازالت تسعى لتحديد مكان الدين من الحياة العامة.
وأغلب سكان باكستان البالغ عددهم 180 مليون نسمة مسلمون.
وظل زعماء يستخدمون لعقود الدين لإكساب حكمهم شرعية وتأثرت السياسة كثيرا بالأحزاب الدينية التي لا تحصل على أصوات كثيرة في الانتخابات لكنها قادرة على إثارة الغضب في الشارع.
وقال حسين حقاني سفير باكستان السابق بالولاياتالمتحدة "كل ما يحتاجه الأمر بضع مئات من الناس وكومة من الحجارة والظهور على التلفاز. الأحزاب الدينية تحتجز الحكومة رهينة."
وأنشي حزب الشعب الباكستاني الحاكم باعتباره حزبا تقدميا من تيار يسار الوسط له ميول علمانية ولكن على غرار أغلب القوى السياسية في باكستان فإن تحركاته تصب في مصلحة الأحزاب الدينية حين يقع تحت ضغط.
وبدأ الحزب ومعارضوه التنافس لكسب التأييد الشعبي قبل الانتخابات العامة المنتظر إجراؤها العام القادم ويفسر هذا فيما يبدو استغلاله الغضب الذي يذكيه رجال الدين بشأن الفيلم بدلا من محاولة تهدئته.
وقالت الكاتبة مهرين زهراء مالك "أصبح حزب الشعب الباكستاني مهووسا بالسياسة الداخلية وبإعادة انتخابه لدرجة أنه نسي نوعية العلاقة التي يريدها مع العالم الخارجي."
وكان أداء الأحزاب الدينية هزيلا في الانتخابات الماضية. لكن تنظيم الاحتجاجات وسيلة سهلة لاستعراض قوتها السياسية وضمان تمكنها من تشكيل تحالفات مع أحزاب أقوى.
وقال النائب اياز امير إن الحكومة أعلنت العطلة لتقويض الأحزاب الدينية في محاولة لإظهار أن لديها هي الأخرى مسوغات إسلامية. وأضاف "انتزعت الحكومة نقطة منهم هذه المرة."
نزع فتيل الغضب وتابع أن من المنطقي أن تحاول الحكومة نزع فتيل غضب المحتجين بأن تتيح لهم متنفسا بدلا من من أن تأمر الشرطة بمنع التظاهرات وتجازف بإثارة غضب الناس.
وكانت معظم المظاهرات في اليوم التالي للتغطية الصحفية للفيلم مباشرة صغيرة وسلمية. ولم يسمع كثيرون عن الفيلم.
وبدأت الجماعات الدينية بث إعلانات تلفزيونية تطالب المسلمين بالتضحية بأرواحهم فداء للرسول. ورفعت لافتات تطالب بقتل صناع الفيلم.
وقالت الشرطة إنه في مدينة حيدر اباد وجه رجل دين حشدا لمهاجمة منزل صاحب متجر رفض الانضمام للاحتجاجات.
وقذف محتجون الحجارة وحطموا سيارات وأحرقوا مركزا للشرطة في وسط إسلام اباد خلال محاولتهم الوصول إلى السفارة الأمريكية.
ولم تشاهد سوى قلة من المحتجين الذين أجرت رويترز مقابلات معهم الفيلم إلا أن الحكومة تعتقد فيما يبدو أنها تستطيع استغلال الغضب المتزايد في البلاد التي يسود فيها الاعتقاد بأن الولاياتالمتحدة تسعى إلى إيذاء المسلمين مما يذكي المشاعر المناهضة لواشنطن.
وفي كلمة ألقاها أمام شخصيات بارزة بمناسبة العطلة ضخم اشرف من شأن هذه المخاوف من الغرب فيما يبدو وقال عن الفيلم المسيء للنبي "كان هذا هجوما متعمدا مع سبق الإصرار قائما على الانحياز والكراهية والتحامل." مواد متعلقة: 1. رئيس وزراء باكستان يدعو الأمة الإسلامية لتوحيد صفوفها ويناشد بتجريم ازدراء الأديان 2. محتجون غاضبون من الإساءة إلى الإسلام يشتبكون مع الشرطة الباكستانية 3. الخارجية الباكستانية تستدعي القائم بالأعمال الأمريكي احتجاجا على الفيلم المسيء