ظاهرة التحرش الجنسي من أكثر الظواهر التي لايزال يعاني منها المجتمع المصري، والتي تزداد فى الأعياد وأماكن التجمعات حيث يتحرش الشباب بالفتيات فى الشارع امام المارة دون استحياء. وارجع علماء الطب النفسي انتشار التحرش الجنسي في مصر إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية وازدياد معدلات الطلاق والكبت الجنسي في المجتمع،كما أن التحرش لا يرتبط بالمناطق الفقيرة فقط،بل أن بعض الأماكن الراقية يحدث فيها ذلك .. و أكدوا أيضا ان التحرش بالعدوان و العنف حيث كلما تصاعدت موجة العنف في المجتمع كلما ذاد التحرش .
اما عن أطفال الشوارع الذين تتراوح أعمارهم ما بين 14 و17 عاماً يمثلون نسبة كبيرة من المتحرشيين، وبالتالى لا يعد هذا النوع من التحرش بدافع غريزى وإنما نتاج لغياب الرقابة وانعدام التربية فى المنزل، ولأن هؤلاء الأطفال يتعرضون للانتهاك و الاضرار المستمر و الاحتقار سواء بالضرب أو بالشتم .
معاملة الفتاة على أنها جاني وليست ضحية مشكلة تتمثل في أن المجتمع المصري تسيطر عليه تابوهات أخلاقية وفكرية، وهو الأمر الذي تعتقد أنه “يصعّب من مواجهة ظاهرة التحرش، لأن المجتمع يضع اللوم في النهاية على الفتاة وليس على الجاني المسألة هنا تحتاج الى توضيح فهناك تتداخل بين مجموعة الاسباب و الدوافع حيث ام الملابس التي ترتديها القتاة ليست الا سبب من الاسباب التي تؤدي الى التحرش
لم يعد مرتبطا بما ترتديه الفتياة من ملابس، فمن ترتدي النقاب تتعرض لما تتعرض له غير المحجبة من تحرش، كما أنه لا يقتصر على مرحلة عمرية معينة، فجميع الفتيات عرضة للتحرش في مصر، وهو ما يكشف أن فكرة التحرش لم تعد مرتبطة بالتدين من عدمه
لم يعد التحرش الجنسي ظاهرة محدودة تحدث مع فئة قليلة من الناس في فترات متباعدة، وإنما أصبح كابوساً يطارد النساء، في كل وقت وكل مكان، لا فرق بين الليل والنهار، وبين الهدوء والزحام ويطال الفتاة الصغيرة والمرأة الكبيرة، إنه كابوس يطارد الجميع، وصمت المرأة وخوفها من نظرة المجتمع إليها، إذا ما أبلغت عن تعرضها للتحرش، يشجعان على تمادي المتحرشين في أفعالهم. لقد أصبح المطلوب أن تتخلى المرأة عن خوفها وصمتها، وتخوض المواجهة بجرأة، لتتخلص من هذا الكابوس
كشفت الدراسات نتائج جديدة، فتبين أن 64.1 في المئة من المصريات يتعرضن للتحرش بصفة يومية، في حين أشارت 33.9 في المئة إلى أنهن تعرضن للتحرش أكثر من مرة، وليس بصفة دائمة وفي الوقت الذي يلقي الكثير من الرجال باللوم على خروج الفتاة إلى سوق العمل، أفادت نتائج الدراسة أن 41.8 في المئة من عينة البحث الذكور أكدوا أن قيامهم بالتحرش يشبع رغباتهم الجنسية المكبوتة، بينما رأى 23.1 في المئة من الرجال أنهم يرون في ذلك اعترافاً بذكورتهم وإحساسهم بالثقة في النفس، ويرى آخرون في ذلك إذلالاً وإهانة للمرأة
هناك فتيات لا يرون للتحرش سبباً حقيقياً إلا اختفاء منظومة القيم من المجتمع، وليسوا مفتنعين بالأسباب الواهية التي يتشدق بها المتحرشون، من بطالة وكبت جنسي، بسبب عدم الزواج، فالجديد في الأمر أنه أصبح لدينا جيل جديد من الأطفال المتحرشين، أعمارهم لا تتجاوز ال8 سنوات، إذاً فعلينا ألا ننكر أنه أصبح جزءاً من ثقافة المجتمع
رأي علماْ الدين: لا طهارة من الدنس، ولا تخلص من الرجس، حتى تمتنع الأسباب المثيرة من الأساسي جاء الإسلام بتعاليم سامية، علمت الإنسان احترام أخيه الإنسان وعلمته أن للآخر حرمة يجب ألا يتعداها، وجعل من مقاصده الكبرى حفظ العرض، وسدت الشريعة جميع الذرائع والطرق الموصلة إلى هتك الأعراض بالأمر بالحجاب وغض البصر وتحريم الخلوة بالأجنبية وغير ذلك.
وقد حرم الله سبحانه الأعراض كما حرم الدماء والأموال، وخطب بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر حياته وفي موقف من أعظم المواقف. ومما قال في خطبته تلك: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، فليبلغ الشاهد الغائب.
وحين نرى ما يتكرر من الشكاوى بسبب التحرش ندرك حكمة الإسلام، في تشديد عقوباته على الفاحشة لحماية الإنسان من الظلم والعدوان كي تقوم الحياة الإنسانية على أساس الأمن والطمأنينة والأمان كما ندرك خطر الوسائل التي تمجد الفاحشة وتزينها وتطلق الشهوات البهيمية من عقالها وتسمية ذلك أحيانا «بالفن الراقي» و « الحرية الشخصية» وأحيانا «والتقدمية» و«المدنية» وكان الأجدر بهاته الأشياء أن تسمى بمسمياتها الحقيقة كالجريمة والفاحشة.
ويريد الشهوانيون من هذا الصنيع انتشار السعار الجنسي المحموم بلا رادع ولا وازع، فلا يقر قلب، ولا يسكن عصب، ولا يطمئن بيت، ولا يسلم عرض، ولا تقوم أسرة، ويتحول الآدميون إلى قطعان من البهائم، يجهش فيه الذكر على الأنثى بالحيلة أو القوة! ثم يتوج ذلك بالتقدم والحرية وإذا اتفقنا على شناعة ما يرتكبه الرجل بحق المرأة لما يتحرش بها؛ فإننا لا نعفي المرأة من اللائمة بسبب عوامل الإغواء والإغراء التي تتزين بها لتوقع الرجل في طريقها عن قصد أو غير قصد؛ وتلتجئ إلى وسائل محرمة لتهييج السعار الجنسي بشتى الوسائل ودفع الرجل إلى التحرش بها فالأجسام العارية في الطريق، والحركات المثيرة والنظرات الخاطفة، والإشارات المومئة، وغيرها من الأحوال والأحداث التي يصعب استقصاؤها، بما ذا توحي للرجل وأي رسالة تريد أن توصلها له، إنها ولاشك رسالةهَيْتَ لَكَ.
ولسنا نمنع المرأة من التجمل أو الزينة لكنا نريد أن تجعل ذلك في مواضعها؛ فكل أنثى مولعة بأن تكون جميلة، وتهوى الجمال وتحب أن تظهر به للرجال، ولم يكبت الإسلام فيها هذه الرغبة بل هذبها ونظمها، وأمرها بتجلية ذلك الجمال إلى رجل واحد هو شريك الحياة وزوجها الحلال تتزين له كيف تشاء ومتى تشاء، وتتغنج معه بالطريقة التي تريد. والخطاب الشرعي كما توجه للرجل بغض بصره والوقوف عند حدوده توجه للمرأة بطلب الكف عن عوامل الغواية التي تستدرج بها الرجل للوقع في حبالها ومن ذلك ما ورد في قوله سبحانه: "فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ "ويلاحظ بجلاء النهي الخضوع اللين الذي يثير شهوات الرجال، ويحرك غرائزهم، ويطمع مرضى القلوب ويهيج رغائبهم! ومن هن اللواتي يحذرهن الله هذا التحذير؛ إنهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين، اللواتي لا يطمع فيهن طامع، ولا يرف عليهن خاطر مريض، فيما يبدو للعقل أول مرة. وفي أي عهد يكون هذا التحذير؟ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصفوة المختارة من البشرية في جميع الأعصار، ولكن الله الذي خلق الرجال والنساء يعلم أن في صوت المرأة حين تخضع بالقول، وتترقق في اللفظ، ما يثير الطمع في القلوب، ويهيج الفتنة. وأن القلوب المريضة التي تثار وتطمع موجودة في كل عهد، وفي كل بيئة، وتجاه كل امرأة ، ولو كانت هي زوج النبي الكريم، وأم المؤمنين. وأنه لا طهارة من الدنس، ولا تخلص من الرجس، حتى تمتنع الأسباب المثيرة من الأساس. فكيف بهذا المجتمع الذي نعيش اليوم فيه. في عصرنا المريض الدنس الهابط، الذي تهيج فيه الفتن وتثور فيه الشهوات، وترف فيه الأطماع؟ كيف بنا في هذا الجو الذي كل شيء فيه يثير الفتنة، ويهيج الشهوة وينبه الغريزة، ويوقظ السعار الجنسي المحموم؟ كيف بنا في هذا المجتمع، في هذا العصر، في هذا الجو، ونساء يتخنثن في نبراتهن، ويتميعن في أصواتهن، ويجمعن كل فتنة الأنثى، وكل هتاف الجنس، وكل سعار الشهوة؛ ثم يطلقنه في نبرات ونغمات؟! وأين هن من الطهارة؟ وكيف يمكن أن يرف الطهر في هذا الجو الملوث. وهن بذواتهن وحركاتهن وأصواتهن ذلك الرجس الذي يريد الله أن يذهبه عن عباده المختارين ومن ثم يستحيل ضبط هذه التحرشات وتطهير المجتمع منها إلا بعقيدة تمسك بالزمام من الذكر والأنثى، واستحضار لرقابة الله في الحركة والسكون واللباس، وسلطة ردعية تأخذ المتحرشات والمتحرشين بالتأديب والعقوبة، وترفع كلا الجنسين من درك البهيمة إلى مقام الإنسان
إن لتحرُّش الذكور بالإناث أو العكس أسبابًا عدة ، يمكن إجمالها فيما يلي غياب الوازع الديني أو انحساره من النفوس الفراغ فقدان الاهتمامات النافعة غياب دور الأسرة البطالة المقنعة وغير المقنعة الكبت العاطفي في محيط الأُسرة عدم توجيه المال الذي يحوزه المرء الوجهة الصحيح و عدم وجود الأنشطة الجماعية و انعدام أو ندرة البرامج الهادفة في وسائل الإعلام فقدان القدوة واضطراب معاييرها
قال الله سبحانه وتعالي :{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}) ، حيث أمر الحق سبحانه المؤمنين بغضّ أبصارهم ، والأمر بغض البصر فيها يفيد الوجوب لأنه حقيقتة. رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ( إنّ الله كتب علي ابن آدم حظه من الزني ، أدرك ذلك لا محالة ، فزني العين النظر ، وزني اللسان النطق ، والنفس تتمنّي وتشتهي
إن التحرُّش بالأُنثى يتضمّن الإساءة إلي سمعتها ، وإفساد حياتها إن كانت زوج ، أو يُقلِّل الرغبة في الزواج منها إن لم تكن متزوجة ، إضافة إلي ما يُسبِّبه ذلك من إساءة إلي أهلها وذريتها ، والإساءة إلي سمعة المجتمع الذي يمارس فيه هذا السلوك ، بل الإساءة إلي الأخلاق التي ينبغي علي المسلمين التخلق بها ، إضافة إلي خدش حياء مَن يري ذلك من أفراد المجتمع ، وذلك كله يمثل إضرارًا بالمرأة وبمن تنسب إليهم ، وإضرارًا بزوجها وأولادها ، بل بأفراد المجتمع بأسره ، وقد نهي الشرع عن الإضرار بالغير
كما أن من القواعد المقررة في الشريعة أن ( الضَرر يُزال ) ولا يمكن إزالة الضرر الذي يلحق بالمرأة وذويها وأفراد المجتمع إلا باتخاذ كل ما من شأنه منع التحرُّش
كما أنّ التحرش بالنساء يتضمّن الإخلال بأمن المسلمين في طُرقهم ومجامع أسواقهم ودواوينهم وغيرها ، وذلك محرم. حيث أفادت الأحاديث حرمة ترويع المسلم وإخافته ، كما أن هذا التحرش يتضمن إفسادًا في الأرض بحسبانه متضمنًا قطع الطريق علي المتحرَّش بها ، أو إلجائها إلي الطريق الضيقة بغية النيل منها أو سماعها ما تكره ، أو إجبارها علي الرضوخ له بطريقة أو أخرى ، وقد يتضمن إخافتها أو إرعابها لتحقيق مقصوده ، وذلك يكوِّن جريمة ومن ثم فإنه يرد في حق المتحرشين بالنساء العقوبتان الدنيوية والأخروية الواردتان في قول الله تعالي :{إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } إذا أخافوا النساء أو ترصّدوا لهنّ في الطرقات أو الأسواق أو الدواوين أو المصالح الحكومية أو نحوها ، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلي أن عقوبة المحارب إن أخاف السبيل ( كما هو الحال في المتحرِّش بالنساء ، إن اقتصر أمر التحرُّش علي مجرّد إخافتهنّ أو إلجائهنّ إلي موضع ليُلقي علي مسامعهنّ فيه ما يُريد إلقاءه هو النفي من الأرض ، أي الحبس مدة يُقدِّرها ولي الأمر بحسب حال المتحرش وحسب ما يراه مُحقِّقًا الغاية من إيقاعه بالفاعل ، وهو قطع دابر هذه الجريمة من المجتمع.
إن الإقلاع عن هذا السلوك إنما يكون باقتلاع مادته ، وإزالة الأسباب التي أفرزته ، فيجب غرس القيم الدينية في النشء ذكورًا وإناثًا ، فهي العاصم من الوقوع في الزلل، أو الانسياق وراء الغرائز من دون تبصُّر أو تدبُّر أو تروّ و إحكام الرقابة عليهم من الوالدين ، بحسبانهما مسئولان عن هذه الذرية أمام الله تعالى. مواد متعلقة: 1. مصر العظمى.. في طهران!! 2. إجلاء أكثر من أربعة آلاف شخص جراء اندلاع حرائق جنوبي أسبانيا 3. مسيرات حاشدة للقوى السياسية بالغربية للمطالبة باستكمال أهداف الثورة