الحياة اللندنية: تواجه الحركة الإسلامية السودانية، بعد أكثر من نصف قرن على نشأتها، تحديات تهدد استمرارها في ظل تجاذبات بين قياداتها في شأن ضرورة وجودها بعدما تحولت من مشروع للتجديد الإسلامي إلى جهاز سلطوي بحملها الرئيس عمر البشير إلى الحكم بانقلاب عسكري في العام 1989. وتعد الحركة الإسلامية لعقد مؤتمرها الثامن بعد أسابيع، وينتظر أن يقدم أجوبة على أسئلة حائرة ظلت تطرح نفسها منذ أكثر من عقدين من الزمان، إذ حلت نفسها عقب وصول البشير إلى السلطة ثم عادت، من دون ان يظل لها وجود فاعل في الحياة السياسية، للعمل عبر جناحها السياسي وهو الحزب الحاكم.
وسيتحول مؤتمر الحركة الإسلامية إلى محكمة سياسية لتجربتها في السلطة وحصاد 23 عاما من الحكم كأول حركة في المنطقة تصل إلى السلطة، إذ يرى حتى بعض رموزها أنها اختطفت من قبل قيادات ظلت تحكم باسمها فيما ظلت غالبية أعضائها وناشطيها في مقاعد المتفرجين.
ويرى العديد من قادة الحركة الإسلامية ومفكريها انه ينبغي على الحركة إجراء مراجعات فكرية وسياسية لحصاد تجربتها في شأن مشروعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، خصوصاً بعد انفصال جنوب السودان الذي تتحمل مسؤوليته التاريخية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية وضعف القيم الاجتماعية في ظل حكمها الذي استند إلى الشريعة الإسلامية.
وثمة انقسام في مواقف الإسلاميين في شأن جدوى استمرار الحركة كجسم مستقل عن حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم، خصوصاً ان زعيمها الحالي علي عثمان طه يتولى منصب نائب رئيس الحزب ونائب الرئيس في القصر الرئاسي، إذ يعتقدون أن الازدواجية في القيادة والأجسام التنظيمية لا مبرر لها.
غير أن ناشطين إسلاميين يدعون إلى استمرار الحركة الإسلامية باعتبارها تضم الإسلاميين في الحزب الحاكم دون غيرهم، على ان تمارس السياسة عبر الحزب وان تركز على الأنشطة الدعوية والاجتماعية والثقافية، وهو الدور الذي انسحبت منه عقب اعتلائها السلطة خصوصا في أوساط الشباب والطلاب، ما ترك فراغاً استغلته تيارات سلفية متشددة.
ودعت الحركة الإسلامية إلى مؤتمرها نحو 150 من قيادات الإسلاميين من دول «الربيع العربي» باعتبارهم ينطلقون من قاعدة فكرية وسياسية واحدة، لكن تلك الحركات التي وصلت إلى السلطة خصوصاً في مصر وتونس لا تريد ارتباطا وثيقا مع إسلاميي السودان كي لا تدفع ثمن أخطاء تجربة الحكم في الخرطوم.
وذكرت مصادر مطلعة في الحركة الإسلامية ل «الحياة» ان بعض رموز الإسلاميين العرب ابلغوا نظراءهم في الخرطوم رغبتهم في توحيد الإسلاميين في السودان الذين انشقوا في العام 1999 عندما استقل زعيمهم الروحي حسن الترابي وأسس حزب «المؤتمر الشعبي» وصار من ابرز مناهضي حكم البشير الذي صنعه، علماً بأن جهودا مماثلة فشلت قبل 12 عاما. مواد متعلقة: 1. جنوب السودان: سنستغرق نحو 6 أشهر لاستئناف انتاج النفط جزئيا 2. نافع : السودان يرحب بأي توجه أمريكي للتطبيع معه 3. وفد السودان يكثف اجتماعاته تمهيدا لاستئناف التفاوض مع "قطاع الشمال"