يحتفل العالم بعد غد الخميس باليوم العالمي للاختفاء القسري الذي يدعو العالم لاستذكار مشكلات ضحاياه والتضامن مع أسرهم وحث المجتمع الدولي والحكومات على مكافحة تلك الظاهرة. وقال آيزلينج ريدي ، مستشار قانوني أول بمنظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان ان الاختفاء القسري يلحق أذى لا يحتمل ليس فقط بالضحايا وإنما أيضا بأفراد أسرهم الذين غالبا ما ينتظرون سنوات أو عقود لمعرفة مصيرهم ، مشددا على أهمية وضع هذه المعاهدة التاريخية حيز التنفيذ وأنه من أجل وضع حد لهذه الممارسة يتعين على كل دولة إدراك أنه لا يجوز أبدا اختطاف الأشخاص وإخفائهم".
وأعرب فريق الأممالمتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري أو (غير الطوعي) والتابع لمفوضية حقوق الإنسان في بيان عن أسفهم لاستمرار استخدام الاختفاء القسري من قبل بعض الدول كأداة للتعامل مع حالات الصراع أو الاضطرابات الداخلية.
وورد بالبيان " شهدنا استخدام ما يسمى باختفاء "المدى القصير"، حيث يتم وضع الضحايا في الاعتقال السري أو أماكن مجهولة خارج نطاق حماية القانون ويطلق سراحهم بأسابيع أو بأشهر وأحيانا بعد أن يتعرضوا للتعذيب وبدون عرضهم أمام قاض أو سلطة مدنية أخرى.
وأضاف بيان الفريق الأممي أن هذه الممارسة مثيرة للقلق جدا سواء كانت تستخدم لمكافحة الإرهاب أو لمحاربة الجريمة المنظمة أو منع الحروب الأهلية.
وطالب خبراء حقوق الإنسان الدول بمواصلة تعزيز إعلان الأممالمتحدة بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ووضعه موضع التنفيذ الكامل لاسيما في تعريف الاختفاء القسري بوصفه جريمة منفصلة ومستقلة في التشريعات الوطنية.
ومن جهتهم يناضل أقارب المختطفين بلا هوادة من أجل التوصل لاتفاقية مناهضة الاختفاء القسري ، والتي توسع الحظر المفروض على الاختفاء القسري وتعترف بحقوق أسر الضحايا، بينما تقود الأرجنتين وفرنسا الاتفاقية دبلوماسيا لكسب الدعم الدولي اللازم لها.
وما يثير القلق بوجه خاص هو استمرار المضايقات التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان وأقارب الضحايا والشهود والمحامون الذين يعنون بقضايا الاختفاء القسري ؛ واستغلال الدول أنشطة مكافحة الإرهاب كذريعة لانتهاك التزاماتها ؛ استمرار مرتكبو أعمال الاختفاء القسري في الإفلات من العقاب على نطاق واسع.
وتعتبر جريمة الاختفاء القسري من الجرائم الجسيمة والخطيرة التي أدانتها وجرمتها كل الاتفاقيات الدولية، وغالبا ما تلجأ إليها الدول المستبدة لتهديد خصومهم السياسيين وإخراس صوتهم إلى الأبد، وغالبا ما تسارع السلطات إلى الإنكار عندما تلجأ إلى هذا الأسلوب غير المشروع، بل وترفض الإفصاح عن مكان وجود الشخص المختفي الذي يتعرض لكل أنواع التعذيب والمعاملة اللا إنسانية الحاطة بالكرامة الإنسانية، وفي كثير من الأحيان ينتهي به المطاف إلى الاختفاء بصورة أبدية.
جدير بالذكر أن الاختفاء القسري يحدث عند القبض على الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغما عنهم أو حرمانهم من حريتهم على أي نحو آخر على أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو على أيدي مجموعات منظمة، أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها ، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم ، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون.
ويكثر استخدم الاختفاء القسري كإستراتيجية لبث الرعب داخل المجتمع، فالشعور بانعدام الأمن الذي يتولد عن هذه الممارسة لا يقتصر على أقارب المختفي ، بل يصيب أيضا مجموعاتهم السكانية المحلية ومجتمعهم ككل.
وباتت ظاهرة الاختفاء القسري مشكلة عالمية ولم تعد حكرا على منطقة بعينها من العالم، فبعدما كانت هذه الظاهرة في وقت مضى نتاج دكتاتوريات عسكرية أساسا، يمكن اليوم أن يحدث الاختفاء القسري في ظروف معقدة لنزاع داخلي، أو يستخدم بالأخص كوسيلة للضغط السياسي على الخصوم.
وعملت المنظمات غير الحكومية وعائلات المفقودين ومجهولي المصير منذ عام 1980 على تأسيس فريق العمل الخاص بالاختفاء القسري الذي كان الملجأ الوحيد لعائلات الضحايا، وفي عام 1989 سجلت لجنة حقوق الإنسان عبر الفريق 18 ألف حالة اختفاء قسري، وبعد عشر سنوات زاد العدد إلى 770،48 حالة.
كما شهدت العديد من النزاعات المدنية المسلحة في أواخر القرن ال 20 حالات اختفاء قسري تحت غطاء عمليات مكافحة الإرهاب منذ هجمات 11 سبتمبر 2001، وتم الإبلاغ عن حالات جديدة في الشيشان وفي روسيا وفي أجزاء أخرى من شمال القوقاز، إضافة إلى آلاف الحالات المعلقة منذ التسعينيات والتي لم يجر التحقيق فيها بشكل سليم.
وفي باكستان إختفى المئات منذ عام 2001، بينما أخفت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش العشرات من "السجناء الأشباح"، وهم أشخاص احتجزوا في مراكز إعتقال سرية بعضها في أوروبا.. وهناك ما لا يقل عن 30 ألف حالة إختفاء في سريلانكا منذ أواخر الثمانينيات؛ وتم الإبلاغ عن مئات الحالات في الفلبين وتايلاند؛ كما تورطت قوات الأمن الهندية في ارتكاب 10 آلاف حالة إختفاء في كشمير منذ التسعينيات.
وفي الشرق الأوسط، وقعت العديد من حالات الاختفاء خلال العقود الماضية في ليبيا ولبنان والعراق واليمن، وفي الجزائر لا تزال قضية المفقودين تتفاعل فقد عرضت السلطات الرسمية تعويضات لإغلاق الملفات ، لكن العائلات ترفض المقابل المادي وتطالب بالحقيقة حول إختفاء أكثر من 8000 جزائري إبان الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي.
أما في سوريا فقد اعتبر السيد وليد سفور، من اللجنة السورية لحقوق الإنسان أن وضعية المفقودين في سوريا هي من بين الأسوأ في العالم مشيرا إلى أن هذا الأمر مستمر منذ قرابة الأربعين عاما على مستوى عال جدا، فقد اختفى في الثمانينات أكثر من 17 الف معتقل سوري ولم يظهر لهم أثر حتى هذه اللحظة.
وفي أمريكا اللاتينية ، لا تزال آلاف العائلات تنتظر معلومات عن مصير الأقارب الذين اختفوا وتنتظر تقديم الجناة للعدالة.
وقد وجهت الأممالمتحدة نداء خاصا هذا العام إلى أهالي الضحايا لمساندتهم والقول بإنهم ليسوا وحدهم في مواجهة هذه الجريمة النكراء التي تستعملها الأنظمة للتعامل مع حالات الصراع والاضطرابات الداخلية.
والاعتراف باليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري هو مبادرة قدمتها فرنسا عام 1979، ثم تطورت مع إنشاء الرئيس الأمريكي بيل كلينتون اللجنة الدولية لشئون المفقودين عام 1996، تلاها تبني الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري عام 2006، وعندما تم فتح باب التوقيع عليها في 6 فبراير عام 2007، وقعت 57 دولة على الفور.
والدول ال 21 التي صادقت على الاتفاقية حتى الآن هي ألبانيا والأرجنتين وبوليفيا والبرازيل وبوركينا فاسو وشيلي وكوبا والإكوادور وفرنسا وألمانيا والهندوراس والعراق واليابان وكازاخستان ومالي والمكسيك ونيجيريا وباراجواي والسنغال وإسبانيا والأوروجواي.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت الاحتفال باليوم العالمي للاختفاء القسري في 30 ديسمبر عام 2010. مواد متعلقة: 1. البوم محيط .. احتفالات العيد فى ارجاء العالم الاسلامى 2. البوم محيط .. احتفالات المصريين بالعيد 3. قطاع الفنون يفتتح احتفالية ورشة ناجي الخميس.. ومعرض لفن التشكيل الزجاجي الأحد المقبل