لم تمض أيام على الحملة القومية «وطن نظيف» والتي قامت برفع 600 طن قمامة من مدينة دمنهور و 5 آلاف طن من مراكز ومدن المحافظة علي مدار ثلاثة أيام, إلا وتراكمت من جديد أكوام القمامة، وكأن شيئا لم يكن فمن قراقص إلى زاوية غزال مرورا بمنشية الحرية وعزبة سعد فعزب شبرا مشهد واحد متكرر، قمامة في كل مكان«ذباب» أوبئة وأمراض تزيد من فاتورة الاحتياج الصحي للمواطن البحراوي. الباعة الجائلون، قلة عدد عمال النظافة، عدم وجود الرقابة، عدم الاستجابة للشكاوي، كانت الكلمات المترددة على ألسنة أهالي البحيرة خلال جولة شبكة الإعلام العربية "محيط" بالمناطق الأشد فقرا والأكثر إهمالا بالمحافظة .
يقول الاسطي " محمد مكي " ميكانيكي ومن أبناء مركز دمنهور - عمال النظافة يمرون يوميا، لكن في المناطق الرئيسية التي يمر منها المسئولين يمرون مرتين في اليوم، نحن نعذرهم، فأكوام القمامة المتراكمة علي مدار اليوم في المناطق الشعبية والمزدحمة،بينما المناطق التي يمر بها عمال النظافة مرتين هي الأقل كثافة واستهلاكا لكنها طريق السادة المسئولين، ونحن نصنحنا من قبل بزيادة عدد جامعي القمامة في المناطق الأكثر كثافة لتلافي ظهور تلك الأكوام كل يوم.
متخلفون حتى في القمامة !! ويصيف إبراهيم مسعد – محاسب- أن القمامة ثروة قومية، وفي الدول المتقدمة يتم إعادة تدويرها، للاستفادة من المعادن والخامات التي تقل يوميا بسبب كونها ثروات معدنية يتم استخراجها من الجبال وبالتالي فهي إلى زوال، وكما شاهد في الدول الأخرى التي زارها يتم أعادة تدوير المخلفات الصلبة لتصبح معادن جديدة بعد إزالة الشوائب بها، فما المانع أن نحافظ علي ثرواتنا.. بدلا من تحولها إلى كوابيس تؤرق صحتنا وصحة أبنائنا، مؤكدا على أن الحشرات الناقلة للأمراض من ذباب وبعوض وصراصير تسبب يوميا في المئات من حالات نقل الأمراض بالمحافظة ومختلف أنحاء الجمهورية فهل نحن متخلفون حتى في القمامة؟!!
وأشار آخر – رفض ذكر اسمه - أن الوقاية خير من العلاج، والمرض يكلف الدولة والمواطن الكثير من الأموال في الوقت الذي لا تكلف إزالة تلك القمامة وإنهاء ما يترتب عليها من أمراض ربع تلك القيمة، فكل بيت الآن به إما مريض فشل كلوي أو كبد أو سرطان.. نحن نشعر أن استمرار أزمة أكوام القمامة مفتعلة، وإلا فكيف تم إزالة ألاف الأطنان في ثلاثة أيام، هل حصل العاملون علي إجازة بعدها.. أم أنهم لم يكونوا يعملون أصلا؟.. بدلا من دفع العملة الصعبة في العلاج والتشافي، نستطيع أن نوفر تلك الأموال لنهضة حقيقة في مصر بإزالة أكوام القمامة المستفزة.
مساكن قراقص تستغيث بينما يستكر المهندس محمد قمح إهمال الدولة لمنطقة قرقاص حيث يسكن، ومساكن قراقص القريبة منها، التي لا يمر بها أحد إلا نادرا، ووافقه الرأي مراد ابو عوف أحد قاطني منطقة زاوية غزال حيث أشار إلى أن الأهالي يجمعون قمامة منازلهم ويلقونها في منطقة خصصوها لذلك لكن الجهات المسئولة تتراخي عن إزالة تلك الأكوام حتى أصبحت مقلبا كبير ينقل الأمراض ويلوث المدينة، ويزيد من فاتورة الرعاية الصحية .
ويقول آخر يتم إلقاء القمامة في المصرف المقابل لمساكن قراقص مما يجعلها أكثر نقلا للأوبئة، وبدلا من العلاج، نستطيع منع انتشار الأمراض بوقف هذه السلوكيات الخاطئة.
وفي منشية الحرية وعزبة سعد أكد عدد من الأهالي أنهم يقومون بتجميع قمامتهم في أكياس ويضعونها أمام منازلهم، لكن بعد يوم واثنان يكتشوف وجود أكوام من القمامة كتلك الموجودة أمام شارع السلام بمنطقة منشية الحرية.
أكوام القمامة تهدد بكوارث يقول المهندس محمد علي أن أكوام القمامة تهدد بحرائق كبري قد تودي بحيات العشرات إذا ما استمر إلقاء القمامة بجوار أكشاك الكهرباء في مدن ومراكز محافظة البحيرة بدون توعية بخطورتها ولا رادع لمن يفعلون، مشددا علي ضرورة نقل مقالب القمامة من جوار أكشاك الكهرباء فبطبيعة الحال ومع هذه التراكمات يتم تحلل المواد العضوية، وينبعث غاز الميثان الذي يشتعل ذاتيا عند ارتفاع درجة حرارة الجو وبالتالي اشتعال أكشاك الكهرباء أو تحولها لصناديق قاتله بمجرد لمسها.
القمامة مسئولية دولة ومن جانبه أكد كمال فايد - مير مركز طلعت حرب للدراسات التنموية- إن مشكلة القمامة في مصر مشكلة دولة، ومشكلة عدم الاهتمام بالتدوير الصحيح لتلك الثروات المهدرة أو تشجيع المؤسسات الخاصة علي ذلك، بالإضافة إلى أن تباعد فترات الجمع يؤدي إلى ظهور تلك الأكوام وصورة متزايدة .
مضيفا أن سلوكيات المواطن البسيط أصبحت جيدة، فهو يجمع قمامة منزلة ويضعها في المكان المخصص في كيس بلاستيكي، لكن فترات جميع القمامة المتباعدة وعدم الاستخدام الأمثل لتلك الموارد، يؤدي إلى تحولها لكابوس من الأمراض وهدر الموارد و المنظر الغير حضاري المتمثل في أكوام القمامة التي شاهدتموها.