أركان النظام السابق ينتظرون محاكمتهم إيلاف بعد نحو عام ونصف من الحرب الأهلية والاضطرابات السياسية في ليبيا، تقول جماعات حقوق الإنسان وخبراء القضاء أن النظام القضائي الليبي الجديد قد يكون عرضة لتكرار أخطاء النظام السابق.
يقبع العشرات من مساعدي وكبار مسؤولي النظام السابق الذي كان يتزعمه العقيد معمر القذافي في سجون خاصة من دون محاكمة أو أي تمثيل قضائي، إضافة إلى 9 آلاف شخص يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب قبيل انتهاء حكم القذافي في نقاط احتجاز تشرف عليها الميليشيات المسلحة في انتظار إحالتهم للمحاكمة أمام نظام قضائي بدا يخطو أولى خطواته.
في هذا السياق، أشارت صحيفة ال "فاينانشال تايمز" إلى أن تأسيس محاكم خاصة لكبار مسؤولي النظام السابق في ليبيا أدى إلى مخاوف لدى جماعات حقوق الإنسان من وجود نظام قضائي موازٍ له دوافع سياسية ويشرف عليه قضاه لهم توجهات خاصة تنذر بقضاء يكاد يكون شبيهاً بالنظام السابق.
مجمع السجن وقاعة المحكمة في طرابلس - المعروفة اختصاراً بإسم مرفق إعادة التأهيل - هي أحد المرافق الثلاث في البلاد حيث تحتجز الشخصيات الرفيعة المستوى من النظام السابق بانتظار المحاكمة.
ويصر مسؤولو السجن على أن مرفق إعادة التأهيل في طرابلس - والاثنان الآخران في بنغازي ومصراتة – يشكلون حماية للمسؤولين السابقين من الأذى، وبمثابة بديل لنقلهم في قوافل مسلحة على طول شوارع المدينة.
ونقلت الصحيفة عن عثمان جيلاني، وهو تاجر سيارات سابق تحول إلى ثوري وهو الآن أحد المتحدثين الرسميين في مرفق إعادة التأهيل، قوله "نحن نتعامل مع حالات واضحة جدا من جرائم خلال الثورة".
لكن يشعر البعض بالقلق من أن الثوريين السابقين يقومون بوضع محاكم منفصلة تلتزم بقواعدهم الخاصة، تماماً كما شكلوا قوات مسلحة موازية تحت وزارتي الدفاع والداخلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن معايير الأدلة للدفاع عن المتهمين قد تكون أقل في مرافق إعادة التأهيل مما هي عليه في المحاكم الأخرى، وهي غير قادرة أحياناً على النظر في قضايا ضد أفراد النظام السابق، لا سيما وأن الوثائق الرسمية والقانونية تضررت خلال حرب العام الماضي.
من جهته، قال محمد عبد السلام عنجاوي، رئيس هيئة القضاة في محكمة شمال طرابلس الابتدائية: "نحن ضد تشكيل المحاكم الخاصة. كما أن المتهمين ليس لديهم ثقة في هذه المحاكم، فالأمر كما لو أنه تم اختيار القضاة على وجه التحديد لملاحقتهم".
يأمل نشطاء حقوق الإنسان أن تغير الثورة من واقع القضاء السابق هناك قلق متزايد حول آلية محاكمة النظام السابق، خاصة إذا تقرر توسيع ولاية هذه المحاكم الخاصة لتشمل الجرائم التي ارتكبت خلال حكم العقيد القذافي، أو المخالفين الآخرين.
ونقلت الصحيفة عن صالح الميرغني، محامي ليبي في مجال حقوق الإنسان، قوله: "الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله هو محاكمة هؤلاء الرجال في المحاكم العادية، حيث يضطلع قاضي معين في كل حالة من الحالات، وليس من خلال تشكيل محاكم خاصة".
على الرغم من تدمير مباني المحاكم ومراكز الشرطة، وما تحتويه من أدلة وثائقية، يقول خبراء قانونيون إن نظام القضاء الجنائي العادي بدأ بالعودة إلى الحياة. لكنه حتى الآن امتنع عن تناول قضايا حساسة سياسياً، بما في ذلك الجرائم التي ارتكبت من قبل الميليشيات الثورية.
وقال عنجاوي: "يعود ذلك إلى تهديد القضاة الذين يخشون الإشراف على قضايا مثيرة للجدل. فبعضهم تعرضت منازلهم للحرق أو تعرضوا للهجوم".
وأضاف ال "فاينانشال تايمز" أن هناك مخاوف من أن بعض القضاة هم من الموالين القذافين معتبرة أن تطهير البلاد من بقايا النظام السابق من شأنه تعزيز الثقة الثوريين في نظام العدالة.
ويعتبر الميرغني، الذي سعى لتحقيق العدالة لضحايا التعذيب من الميليشيات الثورية، فضلاً عن أولئك الذين قتلوا من قبل عناصر النظام السابق، إن النظام الليبي بحاجة إلى إصلاح قانوني.
وويضيف: "من الضروري فحص وتصليح النظام القضائي. أننا بحاجة لقضاة أفضل، وجعل القضاة يشعرون بالأمان ليكونوا مستقلين في عملهم. ما تحتاج إليه ليبيا اليوم هو إعادة هيكلة دقيق، وليس عملية تطهير واسعة النطاق".