كل الحديث هذه الأيام في تونس عن التعويضات لمساجين حركة النهضة بمبلغ يقدر بمليار دينار تونسي (ما يعادل حوالي 700 مليون دولار) في بلد يعيش أزمة اقتصادية. "أنباء موسكو"
وأثار اعتزام الحكومة التونسية المؤقتة سن قانون التعويض الكثير من الجدل منذ طرحه في سياق العدالة الانتقالية، ولكنه برز خلال الأيام القليلة الماضية كواحد من أبرز المواضيع التي انشغلت بها الأوساط السياسية، حيث في الوقت الذي تشدد فيه حركة النهضة الإسلامية على مشروعية هذه التعويضات، لا تتردد أحزاب اليسار في رفض هذا القانون، وتؤكد على أهمية رصد الأموال التي سيتم دفعها كتعويضات لتنمية في البلاد.
وتحت ضغط الشارع أجلت الحكومة التونسية الثلاثاء البت في مشروع القانون إثر احتجاج مئات المتظاهرين ضده أمام مقر المجلس التأسيسي.
وقال سمير ديلو، الناطق الرسمي باسم الحكومة، التي يقودها حمادي الجبالي أمين عام حركة النهضة الإسلامية في مؤتمر صحافي الثلاثاء: "تم تأجيل البت في الموضوع إلى غاية استيفاء دراسته بما يحقق احترام ضابطين اثنين: الوفاء بالتزامات الدولة، وعدم المساس بالتوازنات المالية للدولة".
وأشار ديلو إلى أن الحكومة لن تتراجع عن تعويض "المضطهدين وستفي بالتزاماتها تجاههم".
وتظاهر المئات من التونسيين الثلاثاء تعبيرا عن رفضهم للقانون وتجمع أكثر من ألف تونسي أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي في منطقة باردو من الضاحية الغربيةلتونس العاصمة، تلبية لدعوة للتظاهر أطلقتها في وقت سابق جمعيات أهلية، للتعبير عن رفض المجتمع المدني لهذا القانون الذي تسعى حركة النهضة الإسلامية إلى تمريره.
ورفع المشاركون في هذه التظاهرة الأعلام التونسية ولافتات تضمّنت شعارات رافضة ومنددة بالقانون المذكور، منها "لا للتعويض... الشعب أولى من الإرهابيين والمجرمين"، "إنقاذ المال العام مهمة ثورة".
كما انتقد المشاركون في هذه التظاهرة الاحتجاجية حركة النهضة الإسلامية برئاسة راشد الغنوشي باعتبارها صاحبة مشروع هذا القانون، حيث هتف البعض منهم بشعارات منها "يا شعب فيق فيق النهضاوي يسرق فيك"، "لا تعويض لا نفاق يا عصابة السراق".
واحتدم الجدل حول هذا الموضوع في أعقاب استقالة وزير المالية حسين الديماسي من الحكومة التونسية المؤقتة، حيث وصف في بيان استقالته مشروع القانون المذكور ب"الانزلاق الأخطر الذي أفاض الكأس"، ما دفعه إلى الاستقالة باعتباره سيفرز نفقات إضافية خانقة للمالية العامة.
ويقول الرافضون لهذا القانون إن قيمة الأموال التي يتعيّن على الحكومة التونسية دفعها كتعويضات تتجاوز مليار دينار (637 مليون دولار)، فيما تنفي الحكومة ذلك، حيث اعتبر سمير ديلو الناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير حقوق الإنسان، أن ما يُتداول من معلومات عن قيمة التعويضات للمساجين السياسيين "غير صحيح ولا علاقة له بالواقع".
وأضاف في تصريحات إذاعية، الثلاثاء، أن وزارته بصدد دراسة ملفات التعويض للمساجين السياسيين والتي بلغت إلى حد الآن 11176 ملفا، مؤكداً أنه "لن يتم تعويض المتمتعين بالعفو التشريعي العام على حساب الموازنات المالية العامة".