أكد مسئولون أميركيون أن الولاياتالمتحدة تصارع بعد مرور 16 شهراً على بدء الانتفاضة في سوريا من أجل فهم قوى المعارضة بداخل البلاد بشكل واضح، مشيرين إلى أن الفجوات الاستخباراتية أعاقت الجهود الداعمة للإطاحة بالرئيس بشار الأسد. وأشار هؤلاء المسئولين كذلك إلى أن أجهزة الاستخبارات الأميركية كثفت جهودها لتجميع معلومات استخباراتية عن القوى الثورية ونظام الأسد خلال الأشهر الأخيرة، لكن نشاطاتها لا تزال مقصورة إلى حد بعيد على مراقبة الاتصالات التي يتم اعتراضها ومتابعة تطورات الصراع عن بعد، طبقاً لما نقلته عنهم صحيفة واشنطن بوست.
سعت الولاياتالمتحدة لتزويد المعارضة السورية بأجهزة اتصال مشفرة وكشفت مقابلات أجريت مع مسئولين استخباراتيين أميركيين وأجانب عن أن السي آي إيه لم تتمكن من فرض وجود لها داخل سوريا، على عكس الدور البارز الذي لعبته الوكالة في تجميع المعلومات الاستخباراتية من داخل مصر وليبيا أثناء الثورات هناك.
ولفتت الصحيفة في تلك الجزئية إلى أنه وفي ظل عدم وجود أي عملاء تابعين للسي آي إيه على الأرض داخل سوريا وتمركز حفنة منهم فقط على مواقع حدودية رئيسية، فإن الوكالة ترتكز بشكل كبير على نظرائها في الأردن وتركيا وعلى حلفاء إقليميين آخرين.
وتابعت الصحيفة بتأكيدها أن نقص المعلومات الاستخباراتية أدى لتعقيد قدرة إدارة أوباما على التعامل مع الأزمة التي تشكل فرصة للتخلص من خصم يقف في وجه أميركا منذ مدة طويلة وإن كانت تهدد بتدعيم المسلحين المتعاطفين مع القاعدة أو الإسلام المسلح.
وعاود المسئولون ليقولون إن الإدارة الأميركية تبحث عن طرق لزيادة دعمها غير المميت للانتفاضة. وقال أحدهم بعد أن أبدا قلقه بخصوص الفجوات القائمة والذي تحدث كغيره دون أن يكشف عن هويته نظراً لتطرقه إلى أمور استخباراتية " لكن علينا أن نعرف من هو المتفوق هناك أولاً، وهي المعلومة التي لا نعلمها في حقيقة الأمر. والوضع هناك ليس كما لو كان حربا جديدة. فالصراع مستمر هناك منذ 16 شهراً".
كما تسبب عدم الوضوح في إثارة حالة من القلق بين حلفاء الولاياتالمتحدة في المنطقة بشأن من سيحكم سوريا في حالة سقوط الأسد,وحتى بين أجهزة المخابرات العربية، أوضحت الصحيفة أن هناك من يتوق لمساعدة الثوار على الإطاحة بالأسد.
وقال مسئول استخباراتي شرق أوسطي أصر على عدم الكشف عن هويته نظراً لمناقشته دور بلاده في الأزمة السورية :" عملية الفحص لا تزال في مراحلها الأولى".
الاستخبارات الأميركية تواصل مساعيها لمعرفة تفاصيل ما يجري في سوريا كما لفت هذا المسئول إلى المخاوف التي تراوده بشأن خطر تعرض المعارضة للهيمنة من جانب الإسلاميين، ومن ثم التمهيد لحكومة من الإخوان المسلمين بعد رحيل الأسد، وأضاف :" نعتقد أن هذا رأي أغلبية، على الأقل بين الذين يقاتلون في الشوارع".
هذا وقد أعيقت بشكل كبير قدرة السي آي إيه على العمل من داخل سوريا نتيجة القرار الذي تم اتخاذه بغلق السفارة الأميركية في دمشق خلال شهر شباط / فبراير الماضي. وعلى عكس الثوار في ليبيا الذين نجحوا بصورة سريعة في فرض هيمنتهم على النصف الشرقي من البلاد، لم تتمكن جماعات المعارضة السورية من فرض سيطرتها على منطقة من الممكن أن تخدم كموطئ قدم بالنسبة لأطقم السي آي إيه.
ورغم القيود التي تم فرضها، قالت الصحيفة الأميركية إن الرئيس أوباما منح الوكالة سلطة تقديم المعونة للقوات المناوئة للأسد، من خلال مجموعة من العمليات التي تتطلب توقيع الرئيس.
وكانت الوكالة قد زودت المعارضة بالفعل بمعدات اتصال تعمل بالتشفير، ومن ثم تمكين الولاياتالمتحدة، كما هو مفترض، من مراقبة محادثاتهم. وأشار مسئولون أميركيون كذلك إلى أن طاقماً صغيراً مكوناً من حوالي ستة ضباط تابعين للسي آي إيه يتواجد بطول الحدود التركية – السورية قد عمل لفحص قادة المعارضة وإجراء التنسيق اللازم لتدفق المعدات والمستلزمات الطبية.
لكن المسئولين أوضحوا أن الوكالة لم تشارك في تقديم أسلحة، رغم تقاسمها معلومات مع بعض الدول التي تزود المعارضة السورية بالسلاح. ورغم الانتقادات التي يوجهها الجمهوريون للإدارة الأميركية، إلا أنها ترفض الانجرار بشكل أكبر للتورط في صراع شرق أوسطي آخر. وفي ظل المساعي التي يبذلونها لتقويض الأسد، كثفت السي آي إيه ووكالات أخرى جهودهم لوقف تدفق الأسلحة للنظام من إيران.
وأشار مسئولون أميركيون كذلك إلى أن تحسناً قد طرأ على المعلومات الاستخباراتية التي يتم تجميعها بخصوص بعض جوانب الصراع في سوريا. وعبر محللون استخباراتيون أميركيون أن الانفجار الذي وقع مؤخراً في العاصمة دمشق، وأسفر عن مقتل قيادات أمنية كبيرة، قد تم تنفيذه من جانب أحد الأشخاص المطلعين على بواطن الأمور والذي تربطه علاقة وطيدة بكبار مسئولي الأمن القومي السوريين.