ما الفرق بين مذابح بشار في ترميسة والحولة وبين مذابح إسرائيل في دير ياسين عام 1948 ومذبحة رفح 1956؟!! منذ أكثر من 64 عاماً أقدم الصهاينة على ارتكاب مذبحة دير ياسين التي راح ضحيتها أكثر من 250 شهيداً، معظمهم من النساء اللواتي جرى بقر بطونهم، والأطفال الذين قطََّّع الصهاينة أوصالهم وفصلوا رءوسهم عن أجسادهم .. من أجل أن يدب الرعب في قلوب أهالي القرى الفلسطينية المجاورة .. فيجبرون على هجر قراهم تاركين كل ما يملكون للغزاة الصهاينة.
وفي عام 1956، ارتكب اليهود مذبحة لا تقل بشاعة عن مذبحة دير ياسين، حيث قاموا في 28 من شهر نوفمبر من ذلك العام بقتل ما لا يقل عن 400 ضحية من شباب بلدة رفح الفلسطينية، بدعوى البحث عن الفدائيين الذين كانوا يعملون مع الجيش المصري ضد المستعمرات الإسرائيلية الحدودية. هذا بخلاف المجازر العديدة التي ارتكبها اليهود الصهاينة ضد المدن والقرى الفلسطينية خلال وعقب الحروب التي خاضوها في الضفة الغربية وقطاع غزه، والذين كانوا دوما هم المعتدون بلا جدال.
هنا لا نستطيع توجيه اللوم لهؤلاء الصهاينة الغزاه لأننا نعرف أنهم أعداؤنا، وما يفعلونه يقع في دائرة العداء بيننا وبينهم، وفي إطار مقاومتنا لمحاولة استيلائهم على كامل التراب الفلسطيني وتهجير الفلسطينيين (أصحاب الأرض) للدول العربية المجاورة، كي يتسنى لهم إقامة الدولة اليهودية على الأرض الفلسطينية.
لكن في الحالة السورية التي نرى فيها نظام بشار يُعمل القتل والتعذيب والتمثيل في جثث الضحايا، ويطلق الأيدي الطائفية الآثمة لارتكاب تلك الجرائم البشعة بحق المعارضين لنظامه .. فإن الأمر يختلف، حيث لا نستطيع إيجاد أي سبب يبرر ارتكاب هذه الجرائم، سوى وجود دوافع قميئة لا تعبر عن إرادة بشار وعائلته في الاحتفاظ بالحكم والتسلط على رقاب العباد فحسب، وإنما لجنون الطائفية المقيتة التي ترى في الطوائف الأخرى أعداء يحل لنظام بشار وطائفته بسفك دمائهم.
فلم يعد من المقبول تماما أن يقال بأن ما يرتكب بحق الشعب السوري من جرائم بعيد عن أن يكون حرباً طائفيه. فهي حرب طائفية بامتياز، إذ من غير المعقول أن يتم قتل الأطفال والنساء ذبحاً بالأسلحة البيضاء وبدم بارد، على يد أصحاب المذهب الواحد حتى لو كان الضحايا ممن ارتكبوا جريمة الخيانة العظمى.
وليس في هذا القول أي مبالغة، فهناك الكثير من الأدلة على أن الحرب التي يشنها بشار ونظامه على الشعب السوري هي حرب طائفية بامتياز، لعل من أبرزها تصاعد وتيرة الجرائم التي يقوم الشبيحة بارتكابها، والتي يًمهد لها بقصف مدفعي وصاروخي وجوي عنيف للقرى والبلدات والأحياء السكنية المستهدفة. إضافة للمشاهد التي بثت وما زالت تبث على الفضائيات، والتي تنطوي على مظاهر حقد طائفي دفين لم تشهده الإنسانية إلا في عصور بربرية مرت بها. كما تكشف عن الكيفية التي يتم بها تعذيب المعتقلين المعارضين للنظام، والتي غالباً ما تفضي إلى الموت.
فليس من شك أن هذه المشاهد تثبت أن ثمة نوازع طائفية بغيضة، هي التي تقف وراء الأحداث الدامية والقتل البربري الممنهج الذي يمارسه شبيحة النظام ضد المدنيين، وبخاصة الأطفال والنساء والرجال من أبناء الطائفة السنية.
ويشاء القدر أن يًذكِّر هذا النظام بأن للظالم نهاية محتومة، لا بد وأن تكون من جنس الجرائم والمظالم التي يرتكبها. فبالأمس طال العقاب الإلهي أولئك المجرمين الذين كانوا مجتمعين في مبنى الأمن القومي السوري، والذين يلقبون "بخلية الأزمة" التي أوكل إليها بشار الأسد مهمة وضع الخطط التي تستهدف قمع الثورة السورية، ومتابعة تنفيذها وتقويم ما يتحقق من نتائج تطبيقها. كما منحها هذا الحاكم الظالم كل الصلاحيات التي تمكنها من تنفيذ مهامها، بما في ذلك استخدام كافة الأسلحة المتوافرة في ترسانته العسكرية.
ليس من شك أن هذه الواقعة تعد ضربة قاصمة لنظام بشار، فقد حرمته من أقدر وأخلص القادة المكلفين بحماية النظام وقمع الثوار ومناصريهم، فضلاً عن أنهم يمثلون قمة السلطة العسكرية والأمنية التي يستعين بها بشار في إدارة الأزمة داخل سوريا وخارجها.
ولقد كان وقع هذه الكارثة على بشار صادماً إلى حد أن قيل بأنه هرب إلى بلدة "قرداحة" مسقط رأسه ومثوى والده الراحل حافظ الأسد عقب وقوع ذلك التفجير. ومن المعروف أن هذه القرية تقع على الساحل السوري، وأن جل سكانها هم من الطائفة العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد.
فإذا ما استذكرنا تلك الانشقاقات غير المسبوقة التي أعقبت تلك الكارثة، وأشهرها ما قيل عن انشقاق كتيبة أو لواء بكامله، فضلاً عن سيطرة الثوار على المعابر الحدودية مع العراق وتركيا- برغم ما يقال عن استعادة جيش بشار لها في وقت لاحق- ثم تلك المواجهات حامية الوطيس بين الثوار وجيش بشار في المدن والقرى، والتي يغلب عليها طابع حرب الشوارع، ثم امتدادها لتشمل قلب العاصمة دمشق ومدينة حلب،،،
،،، نقول : إذا ما استذكرنا ذلك .. فهذا يعني أن منظمومة الدفاع عن نظام بشار بدأت تتهاوى واحدة تلو الأخرى، وكلها تصب- على ما يبدو- في اتجاه واحد يفضي- لا محالة- إلى سقوط هذا النظام، وفي وقت أقرب مما يُقدِّر له الخبراء في الشرق أو الغرب أو في المنطقة.
فمهما يقال عن الإمكانات التسليحية التي يتمتع بها جيش النظام وشبيحته، وعن ضعف القدرات التسليحية لدى الثوار في مواجهة قوات بشار .. فإن ثمة عاملاً حاسماً يعمل لصالحهم وهو، أنهم يتعاملون مع جيش بشار النظامي على قاعدة حرب العصابات التي تتمتع بنَفسٍ طويل وبقدرة فائقةٍ على الحركة والكر والفر، وبخاصة إذا ما كان الشعب يعاضدها ويساندها.
هذا بخلاف الجانب المعنوي الذي تتمتع به وهو شعورها بعدالة قضاياها ومواقفها/ وأن صراعها هو مع الباطل الذي عمل ويعمل على الحط من كرامة أبناء الشعب السوري، وسرقة ثرواته وإشاعة الفساد بين أوصال وطنه.
صحيح أن ردة الفعل لدى جيش بشار ستكون عنيفة وقاسية ودموية- وهذا ما حدث ويحدث بالفعل في الأيام التي تلت وقوع الانفجار، حيث سقط في يوم واحد ما لا يقل عن 250 شهيدا على يد هذا الجيش-ً .. وصحيح أن بشار قد يفقد عقله فيستخدم كل ما في ترسانته من أسلحة فتاكة في تدمير أكبر قدر من المدن والقرى السورية التي يعتقد أنها تأوي الثوار وتساندهم .. وصحيح أنه قد يلجأ إلى استخدام الأسلحة الكيماوية ضد بعض المناطق إذا ما استسلم لخاصة العناد والمكابرة والكِبْر التي تتصف به شخصيته المريضة ،،،
،،، غير أن ما صحيح أيضاً، أن هذا لن يمنع نظامه من السقوط .. لأن الغالبية العظمى من أبناء هذا الجيش، هم من أبناء العشائر السنة الذين ضاقوا ذرعاً بالجرائم التي ترتكبها قطاعات معينة من هذا الجيش، وبخاصة الفرقة الرابعة ذات الطابع الطائفي العلوي، وكذلك المخابرات الجوية المعروفة بولائها لبشار، فضلاً عن القادة والكوادر العلوية التي تسيطر على مفاصل هذا الجيش وكتائبه، والتي يبدو أنه قد جرى أعدادها مع نشأة نظام الأسدين على يد الراحل الأب حافظ الأسد.
ما نريد الوصول إليه هو: إن على بشار الأسد أن يسلم بأن مقاومته للثوار لن يكتب لها النجاح، وأن يدرك بأن دعم الروس والصين وغيرهما له لن يدوم، إذا شعروا أن الأرض بدأت تميد من تحت أقدامكم وهو ما يجرى الآن بالفعل. فالشعب السوري لم يبق لديه ما يبكي عليه، فقد استخدمتم كل أسلحة التدمير من دبابات وطائرات وصواريخ ورشاشات وبوارج في تدمير مدنه وقراه وقتل أبنائه وقطع أرزاقه وتهجيره .. ومع ذلك لم تفت هذه الجرائم في عضض المقاومة، بل زادتها قوة ومناعة وتصميما على التصدي لكم .. لا لشيء إلا لأنها تؤمن بأنها على حق وأنتم على باطل.
أما حجتكم الواهية بأن هناك عصابات مسلحة تستهدف تدمير البلد فهي باطلة، بدليل معارضة كل مدن سوريا وشعبها وقراها وضياعها وبياديها لكم ولطغيانكم.
أما ادعاؤكم بأن أمريكا والغرب هي راعية الثوار، فأمر تعلمون جيداً بطلانه. ويقيناً سوف تتخلون عن هذا الادعاء، حين تتحرر سوريا منكم بفعل رياح التغيير التي تهب على المنطقة، وحين ترونها ما زالت على العهد بها قلعة حصينة صامدة في وجه إسرائيل والغرب كما كانت عبر تاريخها الطويل، برغم العقود الأربعة الأخيرة التي أطبق نظام الأسدين خلالها على صدر أبنائها.