من خلال رحلات الدكتور المهندس رزق طه شبانه الأستاذ المتفرغ بمعهد التبين للدراسات المعدنية بجمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية ، يؤكد أن الأزهر له مكانة كبيرة لدى هذه الجمهوريات ومطلوب دور أكبر للأزهر فى فى تعليم أبنائهم علوم الدين واللغة العربية. وكان الدكتور شبانه يدرس الدكتوراه فى معهد موسكو للصلب والسبائك فى السبعينات من القرن الماضى ، وقد زار طشقند عاصمة ولاية أوزبكستان وكانت تابعة للإتحاد السوفيتى الذى انهار وتفكك فيما بعد .
وأصبحت أوزبكستان دولة مستقلة بعد عشرات السنين تحت الاحتلال وكانت الرحلة بالطائرة شاقة وهى مدينة يقطن بها الثلج فى كل مكان نظيفة تخطيطها جديد بعد أن هدمها السوفيت بحجة الزلزال وأعادوا بناءها كأفضل ما يكون لكنها فقدت مبانيها الإسلامية من مساجد ومآذن أى فقدت شكلها الإسلامى تماماً .
وكانت مدينة عامرة بالمساجد والمآذن الذى أقيم بدلاً منها تمثال الزعيم الشيوعى لينين زعيم الثورة الشيوعية البلشفية فى ميدان واسع وبها مركز إسلامى به بقايا مسجد متهدم لم يتبق منه إلا أحد أركانه تقريباً . وحين قابل د. شبانه إمام المسجد وهو إمام آسيا الوسطى كلها وسأله من أين جئت ؟ وحين عرف أنه من مصر قال له بلد الأزهر وبكى بكاءاً شديداً وأبلغه أن يبلغ سلامه لشيخ الأزهر والذى لا يعرف اسمه لانقطاع الاتصالات بين هذه الجمهوريات والأزهر فى ذلك الوقت سمرقند .
توجه د. شبانه بعدها إلى سمرقند التى كانت عاصمة للإمبراطورية المغولية بعد أن أسلم المغول والتتار ويصف المدينة بأنها تشبه حى السيدة زينب بالقاهرة نفس المناظر ونفس المحلات والمطاعم ويكاد أن يقول نفس الآدميين ودخل أحد المطاعم وجلس فى الفراندة الخشبية الطويلة وبعد تناول طعامه سأله أصحاب المطعم عن جنسيته وحين عرفوا أنه مصرى رددوا جميعاً بلد الأزهر وإنسالت دموعهم ، حتى أن صاحب المطعم رفض أن يأخذ حساب الطعام ، وقالوا أنه بركة للمكان ، قائلين : لا تنسونا يا أهل الأزهر .
بعدها توجه لزيارة المدرسة التى دفن بها تيمورلنك وأولاده وتيمورلنك هو تيمور الأعرج سلطان المغول والذى امتدت إمبراطوريته الإسلامية بما فيها الصين والهند حتى آسيا الوسطى كلها بما فيها باكستان وأفغانستان وطبعاً إيران وكازاخستان والمدرسة ضخمة البناء ذات صحن متسع ومغطاة بالفسيفساء وهى المدرسة الذى بناها سنمار – عشيق الملكة – والذى قتلهما تيمورلنك بإلقائهما من أعلى المدرسة المرتفعة فلقيا حتفهما وظهر المثل المتداول "جزاء سنمار" .
وأثناء زيارته لسمرقند فوجئ بالمشرفة على الرحلة تدعى أن المسلمين أحرقوا سمرقند أثناء الفتح الإسلامى لأنها استعصت عليهم فى فتحها فكذبها د. شبانه أمام كل الحاضرين من كافة الجنسيات وهى مشرفة كانت لها علاقة بالإتحاد السوفيتى وأكد لها أن الذى أحرق هذه المدينة هو جنكيزخان ملك المغول أما المسلمون فقد دخلوها بواسطة بعض الذين أسلموا من أهلها عن طريق فتحة فى السور الحصين وصفق له جميع الحضور رغم أن الكثير منهم جاء من دول كانت شيوعية فى ذلك الوقت.
سوق طشقند أثناء تجوال د. شبانة بالسوق المركزى لطشقند وهو سوق كبير متسع منظم تلتف حوله العديد من المحلات والتى لا تزيد مساحتها عن 4م طول 3م عرض وبها الكثير من البضائع بدءاً بالملابس الجاهزة والأقمشة ووجد أحد أصحاب هذه المحلات يقرأ القرآن ويلتفت حوله فقد كان القرآن الكريم ممنوعاً منعاً باتاً بالإتحاد السوفيتى لخشيتهم من التأثير على الناس وكانوا يفتشون الزائرين فى المطارات والموانئ البحرية.
اطمأن الرجل وأخرج من جيبه مصحفاً وأخذ يقرأ القرآن بصوت مسموع فسأله صاحب المحل عن جنسيته وعندما عرف أنه مصرى هتف بأعلى صوته بلد الأزهر الله أكبر وكان شعور كل من بالسوق حين يعلمون أنه مصرى.
وبعد عودة د. شبانه إلى القاهرة تقابل مع أحد الأساتذة المسلمين من كازاخستان يعمل فى جامعة الماآتا فى كازاخستان وهو الأستاذ رشيد – ونشأت بينهما صداقة سريعة وتوجه معه إلى شيخ الأزهر الدكتور سيد طنطاوى رحمه الله عليه وتولى الترجمة من الروسية إلى العربية بينهما وطلب الأستاذ رشيد من شيخ الأزهر قبول عدداً من الطلاب من الجنسين بجامعة الأزهر ليتعلموا الإسلام الحقيقى من أهم منابعه ومدارسه وجامعاته وقبل طلبه من الإمام الأكبر شيخ الأزهر.
وفى الزيارة الثانية طلب الأستاذ رشيد إنشاء مدرسة لتعليم شعب الدونجان المسلم الذى يعيش فى كازاخستان وقبل طلبه ومن هذا المنطلق يطالب د. شبانه مؤسسة الأزهر وهى الجامعة الإسلامية الذى يتردد اسمها فى جميع أنحاء العالم بزيارات مستمرة لجمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية وإنشاء المعاهد والمدارس والجامعات الإسلامية بها وهى الجمهوريات التى حافظت على طابعها الإسلامى رغم الاحتلال السوفيتى سبعون عاماً حاول فيها طمس الهوية الإسلامية بهذه الجمهوريات وفشل.
وكان يأمل د. شبانه فى زيارة مدينة بخارى ولم يسعفه الوقت وهى مدينة الإمام البخارى رضى الله عنه جامع الأحاديث النبوية الشريفة فى " صحيح البخارى " وهى مدينة المساجد والمآذن والآثار الإسلامية الكثيرة والوفيرة والعظيمة.