على الرئيس فك حصار الجماعة له والخلاص من دولة الفساد هل سيتحقق شعار "مشاركة لا مغالبة" في الجمعية التأسيسية؟
كتبت - سميرة سليمان
أكد الناشط الحقوقي والمحامي والمدير الأسبق لمركز "هشام مبارك" للقانون في حواره مع "محيط" أن الرئيس المنتخب د.محمد مرسي تنتظره معارك طويلة عليه أن يخوضها ويحقق نجاحاً بها من أجل بناء مصر الديمقراطية، لافتاً إلى أن على المواطنين أن يدركوا أن المعركة الحقيقية هي بين الدولة العسكرية والدولة الديمقراطية التي علينا أن نتقبل نتائج من تأتي به برحابة صدر.
وكشف سيف الإسلام عن مخطط "الشيطنة" الذي تتعرض له قوى الإسلام السياسي، فالإعلام هو الأبرز في هذا المخطط، مؤكداً أن هناك قوى عديدة تسعى إلى إفشال مرسي وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل، موضحاً أن هناك إمكانية إعادة الانتخابات الرئاسية من جديد..إلى نص الحوار.
ما تعليقك على حل ائتلاف شباب الثورة؟
تجربة الائتلاف نفسها جديدة سواء في التأسيس أو النشاط أو الحل، أن يعمل اتجاهات مختلفة تحت مظلة واحدة أمر ليس متأصل في المجتمع المصري، ثم يكتشف الائتلاف أن المهام التي يعمل عليها تقريباً انتهت، ومن ثم فلا ضرورة لاستمرار الائتلاف.
كيف ترى الأزمة بين المحامين والداخلية على إثر واقعة قسم شرطة مدينة نصر؟
الأمر يدل على أنه لا تزال قطاعات الشرطة تريد استعادة "عنجهية"، و"تسلط" و"تغول" سلطتها كما كانت في عصر مبارك، وهو مؤشر أن المعركة طويلة أمام الرئيس محمد مرسي لتكييف جهاز الشرطة مع الوضع الجديد، وهي مشكلة تواجه الرئيس مع كل أجهزة الدولة العميقة التي خلفها مبارك، حيث كانت تلك الدولة الفاسدة هي العمود الفقري لنظامه، ومن ثم يكون تفكيكها وإعادتها بما يناسب الوضع الجديد مهمة شاقة.
هل تراه أمر يستطيع الرئيس فعله؟ هناك أمور عائقة كثيرة ستواجه الرئيس المنتخب، منها الشرطة والإعلام الذين يحاولون تحجيمه لأنهم لا يريدونه، فقد كانوا يريدون شفيق، كما أن هذا التحجيم جزء من مخطط شيطنة الإخوان المسلمين، لذلك فالمعركة مستمرة، والسؤال هنا هل سينجح الرئيس في التعامل مع الموقف بشكل سياسي ذكي أم لا؟.
وعلى الرئيس أن يفك حصارين يتعرض لهما، الأول هو حصار جماعة الإخوان المسلمين لأن بفوزه أصبح رئيساً للمصريين جميعاً، والثاني هو حصار الدولة العميقة التي تركها مبارك ويترسخ بها كثير من القوى لا تريد نجاح الرئيس، بل ويتوافقون على أن الرئيس لن يمكث سوى ستة أشهر فقط، وسيضعون في الدستور نص انتقالي يسمح بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، كذلك مسارعة المجلس العسكري بإقرار موازنة الدولة لمدة عام يجعل الرئيس "مشلولاً" لا يستطيع التصرف في أموال الدولة إلا بالتفاهم مع المجلس العسكري.
وسيخطأ الإخوان خطأهم التاريخي في الموافقة على إعادة الانتخابات البرلمانية، في مقابل تمسكهم ببقاء مرسي رئيساً للجمهورية حتى نهاية مدته، وستحكم المحكمة الدستورية حينها لدواع قانونية بضرورة إعادة الانتخابات الرئاسية، لذلك سيعمل المجلس العسكري ومن ورائه امريكا وإسرائيل على عدم وجود مرسي، لأن أمريكا وإسرائيل لن يقبلا أن تكون هناك دولة يسيطر فيها الإخوان المسلمين، أو اليساريين، أو القوميين على حدود إسرائيل.
ذكرت مراراً مسألة مخطط شيطنة الإسلاميين ما أبرز ملامح هذا المخطط؟
ملامحه كثيرة منذ التركيز على أن حكومة الجنزوري لم تتعاون مع مجلس الشعب اعتماداً على حقيقة نفسية لدى المواطن العادي - الذي يتعامل مع نائب البرلمان باعتباره قناة للحصول على جزء من خدمات الدولة - أن البرلمان حين لم يستطع حل مشكلات مثل الأمن والسولار واسطوانات الغاز. هذا يعني لدى المواطن العادي أن البرلمان خذلهم، وهو شيطنة من القيادة السياسية وأقصد المجلس العسكري والحكومة، حيث يحاولون إلصاق الفشل بنواب البرلمان من الإسلاميين، ولدي تجربة شخصية حيت استقللت في يوم واحد ثلاثة عربات أجرة في أماكن مختلفة، وسمعت السائقين يرددون نفس العبارات التي تفيد أن النواب الإسلاميين لم يفعلوا شيئاً للشعب، وتكرار هذا الأمر يدل على أن هناك جهة منظمة هي من تتولى بث هذه الأقوال، من اجل عدم انتخاب الإسلاميين من جديد في سباق الرئاسة.
كذلك التوظيف السياسي لبعض الحوادث الصحيحة من قبل نواب البرلمان، مثل أزمة البلكيمي وونيس، من استغل تلك الأحداث لم يكن يقصد الأشخاص بل كان هدفه هو زعزعة ثقة المواطن في الإسلاميين، ورغم ان البلكيمي نائب سلفي إلا أن المواطنين يتعاملون مع الملتحين باعتبارهم كتلة واحدة، لذلك فإن هذا سينعكس على الإخوان ومرشحهم في الرئاسة.
لكن الشيطنة الأكبر تأتي من الإعلام، ويقف على رأس ذلك مشروع قانون "مضاجعة الوداع"، ذلك المشروع الصادم إنسانياً لمن يقرأه، ولن يتح له سبيل التأكد من مصداقية الخبر، بل سيتعامل معه باعتباره صحيحاً، خاصة لتركيز الإعلام على إبرازه، ثم تبين بعد ذلك ان الخبر مختلق، هذا النمط من الأمور، يعتمد على أننا نلقي بالطعم إلى المواطنين ونسوقهم إلى طريق بعينه، يصل بهم في النهاية لكراهية الإسلاميين وعدم انتخابهم.
ومن ضمن مخطط الشيطنة أيضاً، توقيت الحكم في قضية الفنان عادل إمام، ورغم أنني من أكثر المحامين الذين عملوا في قضايا الحسبة، إلا أن توقيت القضية أثار ريبتي، وكأن الهدف هو خلق حالة من الفزع لدى المبدعين والفنانين بأنه إذا تولى الإخوان الرئاسة سيكون هذا مصيركم، لذلك تم الدفع بهذا القطاع بأكمله لدعم شفيق في سابق الرئاسة، دون أن يتبينوا الموقف أو يدركون أن من يرفعون الدعاوى هم أفراد لا يقف ورائهم جماعات.
كذلك التأكيد لدى المواطن العادي أن الإخوان يريدون السيطرة على مفاصل الدولة، رغم أن هذا أمر منطقي وجزء من قواعد اللعبة السياسية، فلا يوجد حزب في العالم حينما يفوز لا يترجم فوزه بالسيطرة على مفاصل الدولة، هكذا كان سيحدث مع شفيق إذا فاز، وهو أمر ليس مختص بالدولة الدينية أو الإخوان، لكن تصويره على أنه هكذا جزء من شيطنة الإخوان.
ما الذي يتعين على دعاة المدنية فعله للتفاهم مع الرئيس الجديد؟
الجميع يتعاملون مع الإخوان والسياسيين باعتبارهم كيان واحد، رغم أن الإخوان هو تنظيم قديم يعمل بالسياسة، والسلفية هي حركة وليس تنظيماً، دخل تيار منهم إلى ساحة السياسة مؤخراً، لذلك فإنهم أكثر القوى قابلية للتطور لأنهم حديثو عهد بالسياسة، وإذا وضعت نفسي مكان القوى السياسية لرأيت ضرورة التعاون مع السلفيين، وأن أصعب مهمة تعاون الإخوان مع السلفيين، وأسعى أنا كقوة من خارج الإسلاميين للاستفادة من التنافس والتناقض بين الإخوان والسلفيين، فمساحة المناورة السياسية واسعة.
هذا بالضبط ما لا تفعله القوى السياسية الأخرى من خارج الإسلاميين، ففي استفتاء 19 مارس دفعت تلك القوى الإخوان للتحالف مع السلفيين، وكأن الصراع بين دعاة الدولة الدينية ودعاة الدولة المدنية، رغم أن الصراع الحقيقي يجب أن يكون بين الدولة العسكرية والدولة الديمقراطية.
برأيك ما هي أبرز الأخطاء التي ارتكبها الإخوان المسلمون وساهمت في انحسار شعبيتهم في الشارع المصري؟
أبرز أخطائهم هو انتشائهم بالانتصار بعد الانتخابات البرلمانية، رغم أنني إذا وضعت في مكان مرسي سيشكل الانتصار لي رعباً، لأن نجاحه في إدارة بلد كبير ومعقد مثل مصر يعني تثبيت أقدام الإخوان في المنطقة العربية بأكملها، ساعدهم في الشعور بنشوة الانتصار تلك ردة فعل القوى الليبرالية، التي لجأت للمجلس العسكري من أجل ألا يظهر الإخوان في المشهد السياسي، وكان منبع هذه الإجراءات هو "عند" تلك القوى مع الإخوان المسلمين، في حين أن الجماعة انشغلت بتحقيق الانتصارات والفوز في الانتخابات.
الذكاء السياسي للأغلبية الإسلامية في الفترة الانتقالية كان يقتضي من الإخوان سلوكاً مختلف، وترجمة شعار "مشاركة لا مغالبة"، في اللجنة التأسيسية للدستور ووضع نص يفيد بان إقرار أي مادة في الدستور يستلزم توافق القوى، وإن حدث نزاع يتم الاحتكام إلى الاستفتاء، وبالتالي يتحقق شعار "مشاركة لا مغالبة".
كيف ترى مهام الرئيس المنتخب في ظل الإعلان الدستوري المكمل والمقيد لصلاحياته؟
يمكن للرئيس المنتخب محمد مرسي إلغاء هذا الإعلان، لأن نفس الأسانيد القانونية التي تعطي المجلس العسكري شرعية وضع الإعلان الدستوري تعطي لمرسي نفس الشرعية، لأنه أعلى سلطة في مصر، كما أن هناك ضرورة لتغيير الإعلان الدستوري اعتماداً على تناقضات بداخله.
وقد قرأت الإعلان الدستوري المكمل وقانون الضبطية القضائية وغيرهما من القوانين قراءة مختلفة، فهي دليل برأيي على ان الجيش كان سيسلم السلطة إلى رئيس منتخب، وهذه القوانين ضمانة أنه سيقبل النتيجة، لكنها بمثابة تفاوض "خشن" مع الرئيس الجديد.
هل يسعى المجلس العسكري لتحويل مصر إلى النموذج الباكستاني الذي يسيطر فيه الإسلاميون على المجتمع بينما يختص الجيش بإدارة شئونه؟
ليس الأمر هكذا، لكن الجيش له حق فيما يطلب وله طلبات يجب أن تجاب فليس الخروج الآمن لأعضاء المجلس العسكري هو فقط ما يشغله، بل كيفية اختيار قيادات الجيش، ودور الجيش في الملفات الساخنة، وميزانية الجيش، وكذلك اقتصادياته، وهي جوانب أراها واقعية وأضرب مثالاً على ذلك برغبة محافظة القاهرة في رصف إحدى الطرق، جزء من الاتفاقات الضمنية غير المسجلة في الأوراق الرسمية يقضي أن رصف الطرق ذات الأطوال المعينة يجب أن يستفتى فيها المخابرات الحربية والعامة، لأن مصر قد تستخدم هذه الطرق في حالة طوارئ حربية وحينها يتم الرصف بشكل معين أكثر تكلفة وهي امور يجب ان تظل سرية.
كذلك تمرير خط غاز في منطقة معينة تقع بها منشئة عسكرية مهمة سرية، على جهة ما أمنية تقرير كيف يسير خط الغاز حينها.
ليست هناك دولة يمكنها الاستغناء عن جيشها ولكننا نريد جيش عبدالمنعم رياض، وليس جيش عبدالحكيم عامر الذي يحاول المجلس العسكري التأسي به الآن بتدخله في كافة شئون الحياة، في المقابل استطاع جيش عبدالمنعم رياض بناء نفسه في سبع سنوات محققاً انتصاراً على العدو.
هل تتوقع أن تتشكل الحكومة الجديدة دون أن تضم الإخوان في صفوفها؟ غير الإخوان مقسومين اتجاهين الغالب هو من يتمنى للرئيس الفشل، وهناك قلة من خارج الإخوان يريدون معاونته لإنجاحه، أتخيل أن الشخصيات العامة محل قبول قد يكونوا من الفريق الذين يريدون إفشاله، لو فيه جزءا من خارج السلفيين والإخوان قرروا إعلاء مصلحة الوطن وبناء أساس ديمقراطي في المجتمع المصري الجديد، والنظر للاعتبارات المشتركة بين الإسلاميين وباقي القوى الأخرى، فكيف بمن عُذب وقُتل وصودر حقه في ممارسة السياسة كالإخوان والسلفيين، ألا يقفوا ضد التعذيب والاعتقال والمحاكمات العسكرية، وحظر إنشاء الأحزاب، والتزوير.
قلقي ليس من الإخوان لكنه من باقي القوى السياسية الأخرى لأن مصر تخلو من وجود قوة سياسية ديمقراطية حقيقية، فالجميع يريدون انتخابات يفوزون بها، لذلك أرفض تحول الإخوان إلى فزاعة ترفض القوى التعامل معهم، وأؤكد أن سر نجاح المجلس السعكري هو تلاعبه بالجميع.