على الرغم من تنافس الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والسيد عمرو موسى منذ بداية السباق الرئاسى ، إلا أن القدر كان له وجهة نظر أخرى حيث سارا معا متلازمين وليس متنافسين ، فكما كانت بدايتهما واحدة كانت أيضا نهايتهما واحدة ، وكأن الحبل السري الذي يغذيهما واحدا دون إن يشعرا بذلك . كانت نقاط الإخفاق واحدة وكذلك نقاط الانتصار وكانا يديران المعركة الانتخابية كأن كل منهما خصما للآخر ويديران ظهرهما للصف الثاني الذي يستنزف منهما النقاط والأصوات دون أن يدرى كل منهما أنهما يضعفان من قوتهما لصالح آخرين .
كانا فرسا الرهان وكانا محط أنظار غالبية المحللين والمتابعين والصحفيين فقد بدأ عبد المنعم أبو الفتوح حملته الانتخابية اعتبارا من شهر أبريل عام 2011 ، وكذلك عمرو موسى في نفس الشهر تقريبا وزارا كل على حده غالبية ربوع وقرى ومدن ومحافظات مصر وتتميز حملتهما الانتخابية بأنها كانت الأكثر نشاطا واحترافا ولذلك حظيا بالاهتمام الأوفر من جانب وسائل الأعلام المحلية والعالمية .
وتعتبر أحداث العباسية التي حاول فيها أعضاء جماعة حازم أبو إسماعيل محاصرة وزارة الدفاع هى نقطة بداية النهاية لكل من عبد المنعم أبوالفتوح وعمرو موسى حيث كان قد أعلن حزب النور والجماعة السلفية قبل تلك الأحداث مباشرة تأييدها لأبو الفتوح وبعدها بيومين تقريبا حدثت موقعة العباسية والتي كانت نذير شؤم على أبوالفتوح وافقدته كثيرا من شعبيته خاصة وانه لم يعلن استنكاره أو إدانته لها بل ذهب مع بعض مؤيديه إلى هناك مدعيا تعاطفه مع الجرحى والقتلى وسط سخط عدد كبير من الشعب المصرى .
وبعد تلك الأحداث فقد أبو الفتوح نسبة كبيرة من الأصوات المؤيدة له والتي ذهبت مباشرة إلى منافسه الأخر حمدين صباحي التي وجدها فرصة لالتقاط الأصوات المفقودة من أبوالفتوح والرافضة للمد السلفي وكانت معظم تلك الأصوات لليبراليين والذين أعلنوا تأييدهم في البداية لأبوالفتوح .
كما ساعدت تلك الأحداث أيضا في فقد أصوات كثيرة من عمرو موسى حيث فضلت الأصوات المؤيدة له التوجه ناحية الذي يلوح باستخدام القوة عن الدبلوماسية للسيطرة على الشارع المصرى وهو الفريق أحمد شفيق ، والذي تعتبر تلك الأحداث نقطة الانطلاق الحقيقية لحملته الانتخابية التي أظهرته فى صورة المنقذ الحقيقي لحالة الانفلات الأمني وركز على قدرته على استعادة الأمن خلال 24 ساعة فقط !! وظل مستخدما هذا الشعار الذى جلب له كافة الأصوات الباحثة عن الاستقرار خاصة من جانب رجال الأعمال الذين قاموا بدعمه ماليا ومعنويا .
ثم جاءت لحظة الانتحار الجماعي لكل من أبوالفتوح وعمرو موسى خلال المناظرة التليفزيونية والتي كانت بمثابة إحتضان بعضهما البعض والقفز من فوق الجبل حيث خرجا منها وهما خاسران وبدأت الأصوات التي كانت مؤيده لهما تبحث عن البديل فكان البديل لأبوالفتوح حمدين صباحى والبديل لعمرو موسى ، أحمد شفيق ولم يدرك أبوالفتوح وموسى أنهما يقدمان خدمة العمر لخلفائهما وظل حتى بعد المناظرة يتراشقان بالألفاظ ويعتبر كل منهما أنه وصل الى مرحلة الإعادة في الانتخابات وكأن الساحة قد خلت لهما وليس بها مرشحين آخرين .
وفى كل الأحوال سوف يقف المحللون طويلا أمام تلك الانتخابات خاصة وإن هناك مادة خصبة للتحليل حيث يعتبر ظاهرة حمدين صباحي من الظواهر التي تستحق الدراسة المتأنية كيف يقف إلى مرتبة متقدمة متخطيا " فرسى الرهان" فى الانتخابات أبوالفتوح وعمرو موسى وكذلك ظاهرة أحمد شفيق الذي استطاع أن يختفي في الظل طوال المعركة الانتخابية وعلى طريقة سباق الجرى للمسافات الطويلة استجمع قواه فى النهاية قبل الوصول إلى خط النهاية ليحقق المفاجأة والوصول إلى الدور قبل النهائي ليتقابل في النهائي مع الدكتور محمد مرسى مرشح جماعه الإخوان المسلمين .
لكن في النهاية سوف يكتب التاريخ ، إن أول انتخابات رئاسية في مصر جرت في مايو 2012 كانت نزيهة وشفافة وسيخلد التاريخ كل من شارك فيها بداية من المتنافسين مرورا بالمنظمين وأخيرا شعب مصر العبقري الذي يبهر العالم دائما بدا غير متوقع فى كل الجولات .