بيننا وبين الفريق أحمد شفيق دماء وشهداء، ولا تزال ملابسنا يوم موقعة الجمل ملوثة بدماء أخوة وأبناء لنا من الثوار الذين حملناهم إلي المستشفيات، واستشهدوا تحت أرجل الجمال والبغال وسنج البلطجية وأسلحة المجرمين واللصوص وقطاع الطرق، الذين دفع بهم أحمد شفيق وعصابة مبارك لقتلنا والقضاء علي ثورة شعبنا. نعم أُستشهد هؤلاء الشباب والرجال بينما كُنا نحتضنهم وهُم يلفظون أنفاسهم الأخيرة لأجل مصر، وكان من الممكن أن نكون من بينهم لو شاء الله لنا بنيل هذا الشرف، نعم الفريق أحمد شفيق بدون منازع أو منافس هو بطل موقعة الجمل، الفريق أحمد شفيق نفذ موقعة الجمل بالتنسيق مع قيادات الحزب الوطني ووزير الداخلية الأسبق محمود وجدي وبمباركة سيدهم الرئيس المخلوع حسني مبارك في ذلك الوقت، ويتعين علي شفيق مع الوزير المشار إليه، أن ينضموا للقضية المعروفة بموقعة الجمل كمتهم أول وثانٍ.
ولقد تم تجويع أبناء شعبنا والضغط عليهم بالسلع الغذائية والمواد البترولية وغياب الأمن وبقطع الأرزاق طوال الشهور الطويلة الماضية، من أجل أن يكفروا بالثورة، ومن أجل أن يأتي يوم الانتخابات ويمنحوا أصواتهم لمرشح بعينه الذي يعتقدون أن الجيش اختاره لهم، وتلك خطة نفذت علي مراحل ومنذ شهور طويلة، لكون أن التزوير لا يشترط أن يتم بتسويد وتقفيل صناديق الانتخابات أنما التزوير يمكن أيضا أن يتم عبر وسائل وحيل شيطانية كثيرة، والانتخابات النزيهة يتوجب أن يتوفر لها مناخ نزيه، وقواتنا المسلحة مشكورة وفرت عملية انتخابية نزيهة يوم الانتخابات، لكن لم توفر لتلك العملية مناخ نزيه، بداية من إبعاد أحمد شفيق عن موقعة الجمل كمتهم أول، ثم بالسماح له بالترشح، وعندما صدر قانون من البرلمان بعزل الفلول وحرمانهم، واستبعدت شفيق اللجنة الانتخابية، فوجئنا "بلهو خفي" يتدخل ويجبر اللجنة علي ممارسة أحد الحيل القانونية لعودته مرة أخري للسباق.
وفي ظل مناخ ممتلئ بالإشاعات التي تقول أن الأجهزة الأمنية استخرجت بطاقات رقم قومي مزورة لرجالها من أجل استخدامهم للتصويت للشفيق، وإن كنت لا أميل لهذا المنهاج التآمري، لكن الناس الآن تضرب أخماسا في أسداس من أين حصل شفيق علي كل هذه الأصوات، والشارع كلهُ يرفضه، ونحن كثوار لن تقبل تلك النتيجة وسنرفضها وسنحمل كل من بأيديهم الأمور المسئولية عن ذلك، وعن إدخال مصر مرحلة جديدة من عدم الاستقرار تحت شعار ظاهرة الانتخابات النزيهة وباطنه الغش والخداع والعذاب.
فلا يمكن أن نسمح لقاتل أن يحكمنا، ولا يمكن أن نسمح لنسخة حديثة من مبارك أن يصل للسلطة في وطننا تحت أي مسمي، لكون أن الشرعية الثورية يتوجب أن تكمل طريقها وتحقق أهدافها التي تم النيل منها تحت ستار الحرية والديمقراطية، ونعم نريد حرية وديمقراطية لكن ينبغي علينا أن نبني الحرية والديمقراطية علي نظافة، ولا نوظفها لنخلق مناخ ديمقراطي شكله براق ومن داخله يعشعش الفساد وينمو فطر نظام مبارك العفن من جديد.
ولا يمكن أن نسمح لرجل يري في مبارك مثله الأعلي أن يقود مصر تحت أي ستار، ولا يمكن أن نسمح لرجل كان همه في أيام ثورة 25 يناير من عام 2011م.. التخلص من الثورة والثوار، وليل نهار كان يسخر منهم في مؤتمراته الصحفية وحواراته التليفزيونية، وحاك كل المؤامرات ضدهم أن يصل لموقع رئيس الجمهورية تحت أي مبرر، لا يمكن أن نسمح بذلك، ول أحمد شفيق الذي طردته مليونية من موقعه كرئيس للوزراء، وستطرده مليونيات عن موقعه كرئيس للجمهورية أن وصل لهذا المنصب، ستطرده ونحقق القصاص العادل بحقه، وبحق كل من تهاونوا في دماء الشهداء وفرطوا في حقوق الثورة والثوار، وفي حق شعبنا العظيم في مصر.
إننا نعيش حالة استقطاب طائفي غير مسبوقة طالما حذرنا منها دفعت بالإخوة المسيحيين أن يصوتوا لأحمد شفيق، وأن يدفعوا به إلي مقدمة الصفوف متجاهلين تضحيات ثورتنا وتضحيات أبناء شعبنا، لأهداف طائفية بحته وهو أمر محزن ويدعو للمرارة، ما كان أبدا أن يكون له تأثير أو فعالية لولا انقسام الثوار، وفي ذات السياق نحمل جماعة الإخوان المسلمين المسئولية كاملة عما يحدث، ونحملها المسئولية عن إهدار فرصة تاريخية أتيحت لمصر لكي تتحرر وتُعتق من الطغيان والعبودية.
ولكي تحقق توافق مع القوي الثورية وتدفع بمرشح يمثلها يرضي عنه كل المصريين، لكن الجماعة انقسمت علي نفسها وتمزق التيار الإسلامي كله ورشح أربعة من عناصره، وهذا أكد لنا كشعب مصر أن تجارة القادة الإسلاميين في مصر للأسف مع الله لم تكن خالصة لوجهه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فلو كانت جماعة الإخوان تملك أدني نوع من التضحية في سبيل الوطن ومن أجل مرضاة الله لارتفعت لمستوي حدث الثورة، وجمعت حولها كل القوي الإسلامية والوطنية من أجل تحقيق مطالب الثورة لكن الجماعة لم تنظر إلا لمصالحها الخاصة، كعادتها دائما، وها هي تصل بنا الآن إلي أن الفريق متقاعد أحمد شفيق قاتل الثوار يكاد يصل لموقعه كرئيس لمصر الثورة، وفي انتخابات من حيث الشكل والمضمون أمام الداخل والخارج نظيفة وتحسب في ميزان حسنات رجال المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ووصوله في حد ذاته أكبر دليل علي فشل الثورة وفشلنا كثوار، وبالتالي يتوجب علينا أن نتوارى خجلاً جراء هذا الفشل، إن لم نتحرك من أجل إصلاح الأمور.
هذا عن فعاليات التصويت، أما عن الشهور الطويلة التي سبقت الانتخابات فإن التاريخ سيقف أمامها طويلا، ليؤكد أن تزوير الانتخابات لا يشترط أن يكون بتقفيل الصناديق وتسويد البطاقات ،إنما التزوير له أساليب وحيل شيطانية أخري، وهي الحيل التي اتبعها من يديرون الأمور في بلادنا طوال الشهور التي أعقبت الثورة للأسف، ومن وجهة نظرهم أن تلك الحيل من أجل مصلحة مصر، وللأسف سيدفع الأخوة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة فاتورة الدفع بشفيق للترشح علي الموقع الرئاسي، حتى وإن كانوا براء من هذا الدفع، ف شفيق معروف أنه صديق شخصي للسيد المشير ولحسني مبارك في ذات الوقت، وهي فاتورة إن نجح شفيق في الانتخابات ستكون باهظة التكاليف، نقول ذلك ونحن نشعر بالمرارة لأننا كُنا لا نتمنى أن يستهين قادة جيشنا بدماء الثوار الذكية إلي حد الوقوف إلي جانب شفيق ودعمه بمختلف الوسائل.
نكتب ذلك والأنباء التي ترد إلينا تفيد أن الإعادة ربما تكون بين الدكتور محمد مرسي أو أي من السيد: حمدين صباحي أو الفريق أحمد شفيق، ونتمنى أن يجنب الله وطننا فاتورة تمكن الفريق أحمد شفيق في الوصول إلي الحكم، لأن هذا الأمر سيعرض مصر إلي شهور طويلة مقبلة من عدم الاستقرار ونزف المزيد من الدماء.
** شاهد.. أغنية الثورة المصرية.. يا بلادي يا بلادي أنا بحبك يا بلادي salah.bediwi@moheet