أحمد الكاشف شاعر مصري أرشد الحيارى! الشاعر أحمد الكاشف محيط – سميرة سليمان "الكاشف ناصح ملوك، وفارس هيجا، ومُقرِّع أُمم، ومُرشِد حيارى" هكذا قال الشاعر خليل مطران عن الشاعر المصري الكبير أحمد الكاشف الذي يوافق غدا 29 مايو ذكرى رحيله عام 1948. هو أحمد بن ذي الفقار بن عمر الكاشف شاعر مصري من أصل شركسي، كان معاصراً للشاعر أحمد شوقي، وله مواقف وطنية مشهودة. وُلِد في قرية القرشية من محافظة الغربية بمصر عام 1878م، تعلّم القراءة والكتابة ومباديء اللغة الفرنسية وتقويم البلدان والحساب والتاريخ والهندسة والنحو واللغة ، كان له ميل كبير إلى التصوير فعمل على تنمية هذا الميل، واهتم كثيراً بدراسة تواريخ وسير حياة النابغين والمتميزين بالتفوق والإبداع. ما أنت ببشر! قبس من السماء أنت أم ملاك مستتر بوجهك اشراق وبهاء وسطوع منتشر ورضاء فيه صفاء جلى وقلب معتمر أنت من أنت ...!!؟ أنت جنان ام روض مزدهر بدأ نظم الشعر في مطلع حياته الأدبية مادحا الأدباء والكتّاب الكبار، كوسيلة للاتصال بهم والتفاعل معهم والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم. صدر شعره الذي كتبه أثناء حياته في جزئين من مجلّدين كبيرين بعنوان "ديوان الكاشف". للكاشف أيضاً مقالات أدبية واجتماعية وفلسفية، منشورة في الصحف، ولم يجمعها كتاب. معظم شعره سياسي، كتب في رثاء مصطفى كامل يقول: يا كوكبًا في كل بُرْجٍ دارا أرضيتَ في هذا الضريحِ قرارا ومجاهداً في كل وادٍ ضارباً لولا المنيّةُ ما لقيتَ عِثارا أعواناً لمصْرَ كِبارا طرق أيضاً فنون الشعر التقليدية المعهودة من اجتماعيات، ومديح، ورثاء، ووصف. من شعره نقرأ تحت عنوان "إِخلاف الوعد": أراك وعدتني فظننتُ أني بما أسعى إِليه منك ظافرْ فضيعتُ الليالي مطمئناً
فكان ضياعها إحدى الكبائر لأَنك بعدها أَخلفتَ وعدي
فعدتُ بخيبتي أسْوانَ حائر وإنَّ تأَلُّمي لو قلتَ دعني فلستُ على الذي ترجوه قادر لأفضلُ من مقالك لي خداعاً على رأسي ومن عينيَّ حاضر ولستُ بحاكمٍ تخشى أذاه فأنتَ لكل ما يُرضيه ذاكر يسجل الشاعر في هذه القصيدة حادث وقوع زلزال بعاصمة الخلافة العثمانية، وقد نحا منحى شعراء المديح في رؤيته لكارثة الزلزال، وكما يَكْتُب الآن كُتَّاب السلطة في كلِّ بقاع الأرض.
قالوا لي الأرض في دار الخلافة قد أصابها يوم عيد النحر زلزال فقلت مبتسمًا لا تهرعوا فزعًا فعندي السر إن صحَّ الذي قالوا ملك أحاطت بسامي عرشه فتن كم هددته بما يخشى وأهوال وكاد يسقط من خوف فأدركه خليفة عادل للخير فعال حتى استقرت رواسي العرش واتحدت لملك عثمان أعصاب وأوصال فكيف في العيد لا يهتر من طرب ولا يتيه على الدنيا ويختال مال الرعايا لدى استقباله فرحا به فمال سرورًا مثلما مالوا يريد تقبيل أقدام مباركة لها من النجم أكرام وإجلال مولاي أظهرت بأسا ليس يظهره يوم الكريهة أشباه وأمثال وهل تبالي بأمر لم يرعك وإن أصاب كل فؤاد منه بلبال وأنت في مأمن من كل مزعجة وفي حياتك للإسلام آمال وحول ملكك أجناد غطارفة مؤيدون بروح الله أبطال طالت بحزمك فيهم واقتدارهم للملك والدين والأوطان آجال لا زال عرشك مرفوعًا وأمرك مسموعًا وإن غيظ أعداء وعذال
لم يكن الكاشف كما يظهر في هذه القصيدة شاعرًا يتزلَّف إلى الحكام، ولكنه كان قامةً شعريةً كبيرةً. ولقد اتُّهم الكاشف بالدعوة إلى إنشاء خلافة عربية يشرف عرشها على النيل، وكانت تهمة عظيمة آنذاك، غير أنه تدارك أمره عند الخديوي عباس حلمي؛ فرضي عنه، وكذبت الظنون، ولكنه أُمِرَ بالإقامة الجبرية في قريته القرشية، فكان لا يخرج منها إلا مستترًا!. ويعد الكاشف من رواد الشعر الإحيائي، وتميز في شعره بالحس الوطني والدعوة إلى مقاومة المحتل، والدعوة إلى القيم ومنها قيمة التسامح التي ينعم الناس في ظلها بالهدوء، ويرقى المجتمع، وعن ذلك يقول: في وسط قنطرة تلاقت ذات يوم نعجتان بالكبرياء شاهرتان غليظتان عنيدتان إحداهما نظرت إلى الأخرى بعين الامتهان ودنت تصيح الآن لي اخلي الطريق بلا تواني فأجابت الأخرى بكبر لست أبرح عن مكاني واشتد بينهما اللجاج فهاجتا تتدافعان حتى هوت في لجة اليم الخضم الاثنتان ويلاه من عقبى التباهي في الشراسة والتفاني إن السلامة والكرامة في التسامح والليان