في إطار المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني بالجزائر تم تنظيم ملتقى هام حول "الاستعمار والحركات التحررية في القارة الإفريقية" في الفترة ما بين 13- 16 يوليو الجاري بقصر الثقافة مفدي زكريا، حضر الافتتاحية العديد من الشخصيات النضالية وبمشاركة عدد من المفكرين والباحثين والمهتمين بقضايا الحرية وحركات التحرر من 25 بلدا إفريقيا وعدد من دول العالم. وطبقاً لما ورد بصحيفة العرب اللندنية حضر الملتقى عدد من الشخصيات التاريخية والوطنية والإفريقية مثل مارسيلينو دوس سانتوس الرئيس السابق لدولة موزمبيق، والأمين العام السابق لمنظمة الإتحاد الإفريقي سليم أحمد سليم، والذي سلّط الضوء على جملة من المواضيع المتعلقة بتاريخ الاستعمار في إفريقيا. اعتبرت وزيرة الثقافة الجزائرية خليدة تومي في كلمتها أن الاحتلال عبر تاريخ العالم دائما يحاول استئصال الأنسجة السوسيوثقافية ومحوها بالكامل ليمنع القارة المستعمرة من دخول التاريخ والتأثير فيه. وسلط الأمين العام السابق لمنظمة الاتحاد الإفريقي الضوء على الدور الذي لعبته منظمة الوحدة الإفريقية لاستكمال مسار تصفية الاستعمار في إفريقيا، مشدّدا على ضرورة إدراك الأجيال الحالية والمقبلة، الجهد المبذول من قبل الأولين لتحرير القارة الإفريقية. كما تحدث السيد جال فيرجيس محامي جبهة التحرير الوطني إبان الثورة التحريرية والزوج السابق للمناضلة جميلة بوحيرد عن واقع المجتمعات المستعمرة، مصنفاً فيها كل من الاستعمار والنازية في نفس الخانة، ومشيرا إلى المجازر التي اقترفها الجيش الاستعماري، بقيادة بيجو وسان آرنو في الجزائر وجزر موريس، مطبقا إيديولوجيات العنصرية، كما وصف مصطلح "الاستعمار الإيجابي" في إفريقيا والذي تدعمه بعض الأوساط في أوروبا بالأكذوبة، ودعا فيرجيس المعروف بدفاعه عن القضية الجزائرية إبان حرب التحرير الوطنية وسائل الإعلام الوطنية والإفريقية بشكل عام إلى عدم الوقوع في أفكار كليشيهات للمعمرين خلال تطرقهم إلى تاريخ بلدانهم. وأضاف أن الحقيقة حول هذه الفترة من التاريخ لا زالت خفية، مبرزا دور وسائل الإعلام والمدارس في إطلاع الأجيال الشابة الإفريقية على حقيقة تاريخها وماضيها، وأن نقول لهم الحقيقية. وقالت السيدة خليدة تومي في كلمتها إثر افتتاح الملتقى "أن البلدان الإفريقية شمالا أم جنوبا تدفع حاليا ثمن الحقبة الاستعمارية التي أساءت لها ولشعوبها المهزومة على أمرها في ذلك الوقت" كما تحدثت تراوري أمينة المؤرخة ووزيرة الثقافة السابقة المالية عن الظرف الذي نشر فيه كتابها "إفريقيا المهانة" والذي جاء كرد على هؤلاء الذين شككوا في كفاح إفريقيا ضد الاستعمار، مشيرة إلى الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يوم 26 يوليو 2007 في داكار ووصفته بالمثير للجدل، مضيفة أن إفريقيا كانت على حق وأن الغرب هو الذي نهب ثرواتها، وإذا كان العالم يواجه أزمة غذائية وبيئية وأخلاقية وسياسية فذلك لأن هذا النظام قد برهن على فشله. وتميزت فعاليات اليوم الثاني للملتقى بمداخلات عديدة من قبل الأساتذة والمؤرخين المختصين في تاريخ حركات المقاومة في القارة، كما شكل موضوع استقلال بلدان المغرب العربي والاستعمار وتجارة الرقيق المطرودين من إفريقيا نقاط هامة في الملتقى ناقشتها وجوه نضالية وتاريخية ومؤرخين من مختلف بلدان القارة السمراء. وقد تطرق غربي محمد لزهر أستاذ بجامعة تونس في مداخلته إلى إشكالية إقصاء التاريخ والعلوم الإنسانية بصفة عامة مبرزا أن العولمة تحاول أن تقولب التاريخ وتسهم في إخفاء خصوصيته وهي نتاج لعقدة أمريكا. وسلط كل من الأستاذة بوديسة صورية من جامعة باتنة وتوهالي هشام من جامعة خنشلة الضوء على أهمية الكتابات الإنسانية ودورها في ميلاد الحركات التحررية في إفريقيا. وقد ركز الملتقى على قضية الصحراء الغربية خاصة من قبل رموز الدولة الجزائرية والمسئولين المحسوبين على جبهة البوليساريو حيث تم إبراز هذه القضية كثيرا خاصة في كلمة الوزيرة خليدة التي اعتبرت أن إفريقيا لم تتحرر مادامت الصحراء الغربية محتلة.