دمشق: أكد المؤرخ السوري محمد محفل أنه بعد سقوط بابل عاصمة الدولة البابلية الحديثة الكلدية عام 539 ق.م اندثر وهج حضارات وطننا العربي القديم حتى فجر الإسلام وأحاط الغموض عظمة تراث ماري وإيبلا وبابل ونينوى وأوغاريت وصور وغيرها من مدن وحواضر بلاد الشام. وأضاف محفل في محاضرة بعنوان "بلاد كنعان في العالم القديم" أنه قد خلت الظروف لكتبة أسفار العهد القديم فكان التشويه وتشويش الأمور والأفكار والغبن والغش.. مع بعض التحامل الإغريقي/ الروماني، والضحية كانت حضارة أسلافنا الكنعانيين وتراثهم ومازال الشر يلحق بنا، نحن الأحفاد. وأشار إلى ما كان ذهب إليه كلود شيفر الذي ارتبط اسمه بأوغاريت وعالمها القديم واعتماداً على ألواح تل العمارنة وعلى وثائق رأس شمرا وعلى الدراسات الأثرية المقارنة أن بلاد كنعان غطت مختلف ربوع سورية الطبيعية التي أطلق عليها العرب لاحقاً اسم "بلاد الشام". وتوقف د. محفل عند اسم "فينيقية" الذي أثار جدلاً ومازال، حيث ظن بعضهم أنه وجد شعباً فينيقياً غير الشعب الكنعاني التاريخي مؤكداً أن التسمية "الفينيقية" هي دخيلة ولا علاقة لها البتة بوثائقنا الرافدية/ الكنعانية/ المصرية.. الخ. وأن الإغريق هم الذين أطلقوا على الساحل الأوسط لبلاد الشام اسم "فينيقية" وعلى أهلها اسم "الفينيقيين" وكان ذلك في ملحمة "الأوديسا" ثم شاعت في الكتابات الكلاسيكية اليونانية واللاتينية وأصبحت متداولة في الكتابات التاريخية والآثارية. إويؤكد أن العالم الكنعاني لا يقتصر على مفهوم (كنعان/ فلسطين) كما جاء في أسفار العهد القديم بل يشمل مختلف مناطق وربوع بلاد الشام وأن حقد بعض تلك الأسفار على العالم الكنعاني يعكس مستوى جماعاته البدائي وهمجيتهم وما رواياتهم في سفر يشوع وغيره من الأسفار عن اكتساح وتدمير وحرق المدن الكنعانية وإبادة سكانها والقضاء على الزرع والضرع وهي أمور لم تؤكدها الدراسات الآثارية، ليس كل هذا إلا التعبير الصارخ عن غليل صدورهم وضغينتهم، وليس لهؤلاء لغة أو كتابة إنما أوهام وتمنيات. ويخلص د. محمد محفل إلى التأكيد أن أسلافنا الكنعانيين لعبوا الدور الأكبر في التطور الحضاري الثقافي لعالم البحر المتوسط في مجالات شتى: الكتابة (الأبجدية)، تقنية الملاحة، فن عمارة المدن، أساليب التجارة الدولية، فن صناعات البرونز وغيرها من المجالات.