ثار الجدل حول مدى تأثير أحداث مجزرة العباسية الدموية على فرص وحظوظ المرشحين الإسلاميين للفوز في انتخابات الرئاسة المقررة إجراؤها يومي 23 و24 من الشهر الجاري. ففي الوقت الذي بدأ أنصار الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل المرشح المستبعد بانتخابات الرئاسة وأحزاب ثورية أخرى، التظاهر سلميًا في ميدان التحرير والتوجه بعدها أمام وزارة الدفاع لمطالبة المجلس العسكري بتسليم السلطة وإلغاء المادة 28 من انتخابات الرئاسة وحل اللجنة العليا "المزورة" للانتخابات الرئاسية استغلت أطراف سياسية الموقف ودفعت بالبلطجية للميدان، ما تسبب في مجزرة دموية راح ضحيتها أكثر من 20 قتيلا وعشرات الجرحى، وسُخرت وسائل الإعلام المختلفة للهجوم على السلفيين والإسلاميين ومرشحي الرئاسة، واستخدم سلاح التخويف منهم، سواء من حزب الحرية والعدالة ومرشحها "د. محمد مرسي" أو الجماعات السلفية ومرشحها "د. عبد المنعم أبو الفتوح"، فيما وصفه البعض بأنه "مخطط معد مسبقًا للتأثير بحرفية على حظوظ وفرص المرشحين الإسلاميين" بانتخابات الرئاسة.
وأعلن أربعة مرشحين للرئاسة هم عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد مرسي و حمدين صباحي وخالد علي تعليق حملاتهم الانتخابية حدادا على القتلى الذين سقطوا في المصادمات، ووجهوا بالمشاركة مع عدة أحزاب وحركات سياسية أنصارهم للتوجه إلى مقر الاعتصام المجاور لوزارة الدفاع احتجاجا على الهجوم الذي تعرض له المعتصمون وتأكيدًا لحق التظاهر السلمي.
وجاءت أحداث العباسية متزامنة مع تصعيد جماعة الإخوان المسلمين لصراعها مع المجلس العسكري حيث سارعت الجماعة باتهام المجلس العسكري بالمسئولية عن أحداث العنف في العباسية، وأعلن رئيس مجلس الشعب المصري محمد سعد الكتاتني تعليق جلسات مجلس الشعب لمدة أسبوع احتجاجا على عدم تغيير الحكومة بعد رفض البرلمان لبيانها وسحبه للثقة عنها، كما رفضت جماعة الإخوان الاجتماع بالمجلس العسكري لحين توقف عمليات العنف في العباسية ومحاسبة المسئولين عنها.
كما تقدم عدد من نواب حزب الحرية والعدالة، التابع للإخوان المسلمين، باستجوابات لاستدعاء عدد من أعضاء المجلس العسكري، وكل من كان متواجدا في مقر الأحداث بالعباسية ومحيط وزارة الدفاع.
كما دعا الشيخ حازم أبو إسماعيل مختلف الفصائل والتيارات إلى مليونية بميدان التحرير الجمعة المقبلة، "للنظر فيما آلت إليه الأمور من فواجع مؤلمة". وقال أبو إسماعيل عبر صفحته على الفيس بوك: "إن شاء الله سأكون بينهم على الرغم من ظرفي الصحي البالغ وإنني لم أتعافَ بعد لكني إن شاء الله سأذهب مهما كانت الحال".
وأضاف أن عودة المظالم لتلتف على البلد مرة أخرى، هي الآن في سهمها الأخير ولا يسع أحدنا أن يتخلف، لذلك أرجو ألا يتخلف واحد كبيرا كان أو صغيرا رجلا أو امرأة.
يقول الدكتور جمال حشمت عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة: الإخوان لا علاقة لهم بأحداث العباسية ، وأظن أن الأمر يرتبط بمصالح او أسباب شخصية او سياسية.
وشدد حشمت على أن الانفلات الإعلامي في مصر للأسف أخطر من الانفلات الأمني الذي يعاني منه المواطنين ويعانون أيضا من عدم وجود الكلمة الشريفة الحقة، مشيرا إلى أنه لم يجد خبرا واحدا مبشرا يحاول ان يعالج القضية.
وأرجع القيادي بحزب الحرية الهجوم على الإسلاميين بأنه مجرد خوف من وصولهم إلى السلطة الذي يمثل أزمة لأصحاب المصالح والفاسدين الذين يحاولون في الرمق الأخير لإحداث أي تأثير يمنع أو يقوض وصول الإسلاميين إلى السلطة.
من جانبه يقول الدكتور محمد البلتاجي، عضو مجلس الشعب والقيادي بجماعة الإخوان: إن تشويه الثورة والثوار في العباسية يخدم محاولات توجيه البسطاء لمرشحي الفلول للرئاسة شفيق وموسى، مشيرا إلى أن تشويه الإسلاميين سيقلل من رصيد المرشحين أصحاب الفرص الأعلى في المنافسة، وأضاف البلتاجي: "حين يزيد نسبيا رصيد الفلول، ويقل نسبيًا رصيد الإسلاميين سيسهل تزوير الانتخابات".
وتابع عضو مجلس الشعب قائلا: تم توظيف معركة العباسية من قبل إعلام الفلول، إعلام صفوت الشريف، وأنس الفقي، موضحًا أن إعلام الفلول اضطر لأن يخلع مكياجه الثوري وعاد سيرته الأولى، بألوانه الطبيعية يشوه الثورة والثوار ، ولم نسمع هذه المرة حديثا عن دماء الشهداء ولا تنديدا بانتهاك كرامة المصريين وسحلهم ولا استنكارا لاعتقال الفتيات وحبسهم.
ويؤكد المحلل السياسي حسن عبد الموجود في تصريحات صحفية أن المجلس يحاول استغلال الأحداث لتشويه التيار الإسلامي إعلامياً من خلال إظهارهم كأنهم الجناة لأنهم تطاولوا على المجلس العسكري وبالتالي التأثير على فرص فوز مرشحي الرئاسة الإسلاميين.
وأضاف عبد الموجود: "العنف المتعمد ضد الإسلاميين ومنهم السلفيون الذين يمثلون الجانب الأكبر من معتصمي العباسية يتزايد للإيحاء بخطورتهم، حيث بدأ الشارع أيضاً في إلقاء اللائمة عليهم لأنهم تركوا ميدان التحرير واتجهوا إلى وزارة الدفاع، ما يعنى أنهم مسؤولون عن تصرفاتهم غير المسؤولة".
وتابع عبد الموجود قائلا: "العسكري يعلم أن الإخوان لن يرضيهم ما يحدث في العباسية، وهو يحتاج إلى أن تكون المعركة معهم علنية، وها هم الإخوان يعلنون بالفعل مقاطعتهم لاجتماع العسكري، وكل ذلك يصب في مصلحة مرشح العسكر، وهو عمرو موسى، مهما نفى ذلك، ومهما تحدث عن استقلاليته، في مواجهة المرشح الاحتياطي للإخوان محمد مرسى".
في المقابل يرى الدكتور عمرو دراج أمين حزب الحرية والعدالة بالجيزة أن أحداث العباسية لن تؤثر على فرص مرشحي الرئاسة، وقال: أعتقد ان هناك قوى معينة تحاول تخويف المصريين من الاستحقاق الديمقراطي لكن الناس لديها خبراتها وتريد الاستقرار مؤكدا ان تأثير أحداث العباسية سيكون وقتيا وكل إنسان سوف ينزل إلى صناديق الاقتراع وسيدلي برأيه دون أي تأثير.
كما يرى الدكتور ناجح إبراهيم، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية أن التوتر والفوضى الذي حدث في العباسية يدفع المواطنين إلى المطالبة بالاستقرار ولقمة العيش والهدوء والمطالبة بخفض الأسعار، وتصب في مصلحة المرشح الإسلامي الذي سيقدم تلك الوعود.
وأكد مجدي حسين رئيس حزب العمل الجديد أن أحداث العباسية لن يكون لها تأثير على انتخابات الرئاسة المهم أن تكون الانتخابات نزيهة، مشيرا إلى أن الهجوم الإعلامي على السلفيين والإسلاميين هو عودة لممارسات الماضي والإعلام الآن يقترب من أيام نهاية عصر مبارك والثورة المضادة الآن في أحسن أحوالها مع كل اقتراب لحدث استحقاقي هام.
وأوضح حسين أن تأثير الثورة المضادة يظل في النهاية محدودا لأن الإعلام ليس وحده الذي يؤثر على العامة.
وحول الهجوم الإعلامي على الجماعات السلفية، يقول محمد نور المتحدث باسم حزب النور السلفي: تعودنا من القوم الهجوم على التيار السلفي واعتدنا أن نمضى في طريقنا دون ان نلتفت وأخذنا على أنفسنا عهدا ان نفعل فقط ما نرى انه الحق وبناءا عليه إذا مر يوم دون الهجوم الإعلامي علينا تشككنا في ان ثمة هناك خطا.
وأضاف نور: للأسف أصبح الأصل في الإعلام وشغله الشاغل الهجوم على حزب النور والتيارات السلفية والإسلامية ولا ندري لمصلحة من يتم تعطيل وعرقلة هذا الفصيل المهم والكبير.
وأكد المتحدث باسم حزب النور رهان الحزب بعد فضل الله وتوفيقه على وعي المواطن المصري الذي أذهل الجميع بعصيانه لكل وسائل التضليل الإعلامي.