أكد الباحث الدكتور أحمد الراوي أستاذ مساعد الأدب العبري بجامعة حلوان أنه منذ اندلاع الثورة في مصر اتخذت إسرائيل موقفاً عدائياً منها، نظراً لإطاحتها بنظام مبارك الذي يعد حليفاً استراتيجياً يقدم خدمات جليلة لهم. وذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية وقت الثورة أن الحالة المصرية مختلفة عن تونس، فالشعب المصري يرفض التوريث بينما التونسيون يعانون تدني الأحوال المعيشية . ومع ذلك أكدت الصحيفة أن النظام المصري يحكم بالحديد والنار ولا خوف من انهياره .
وأكد الراوي في المؤتمر الذي انطلق تحت عنوان "صورة مصر في الأدب العالمي" ، أنه حتى بعد تظاهر ثلاثين ألف مصري عشية 25 يناير وهجوم جحافل الشرطة لتفريقهم ، هونت الصحف العبرية من الأمر، قائلين أن مبارك مختلف عن "بن علي". وفي موجة الغضب الثانية في 28 يناير انكسر الأمن وهُدم النظام في ساعات معدودة، فنشرت حينها "معاريف" مقالاً مفصلاُ قالت فيه أن ما يحدث مؤامرة مدبرة من أجل إسقاط نظام مبارك، وبالتحديد من الجماعات الإسلامية التي تنظر إليها إسرائيل بتعالٍ ويعتبرونها بلا عقل.
في 29 يناير بدأت "معاريف" تكتب عن تخوفها من نجاح المظاهرات، التي قد تؤدي إلى الإطاحة بمبارك ونظامه، وفي 31 يناير كان هناك اعتراف إسرائيلي واضح بفشل جهاز المخابرات " الموساد " في التنبؤ بما يحدث في مصر، وهو ما دفع روزنبرج الخبير الإسرائيلي في الشئون العربية لتوبيخ مخابرات إسرائيل قائلاً أن عملهم لا يقتصر على معرفة عدد الدبابات أو الجنود أو العتاد، بل أن يقوم الموساد بدوره في تحليل شرائح المجتمع المصري والتنبؤ بقدرتها على الثورة.
وفي 31 يناير اتهم الكنيست الإسرائيلي وزارة خارجية بلده ولجان الأمن بالتقصير والإهمال، لأن الموساد قد طمأنهم في 25 يناير أن نظام مبارك مستقر، ولن يطاح به.
وبصفة عامة كانت إسرائيل ترى أن ثورة مصر ستأتي بالإسلاميين، الذين يعلنون دوماً أن الجهاد واجب ضد إسرائيل، كما أن مرشد الإخوان محمد بديع قبل الثورة اتهم مبارك بالعمالة وطالبه بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، لأنها لا تخدم الدين أو الوطن، وكان السؤال المطروح في إسرائيل: هل عندما يصل إلى الحكم في مصر معارض سيحافظ على اتفاقية السلام؟.
ويعرض الباحث لوجهة النظر الإسرائيلية التي تقلل دائماً من شأن مصر والعرب، ففي رأي إسرائيل المصريون غير مؤهلين للديمقراطية التي لا تصلح للعرب على حد قولهم، فإسرائيل تنظر إلى العرب باستعلاء، وترى الشعب المصري شعباً أبله، يُحكم بالحديد والنار.
وفي بداية الثورة طالب نتينياهو السياسيين الإسرائيلين بعدم الإدلاء بأية تصريحات تخص الثورة في مصر، لكنه لم يتمالك نفسه ولم ينتبه لما يحذر منه وفي 29 يناير استغاث بأمريكا لإنقاذ إسرائيل، خوفاً من المساس باتفاقية السلام، ثم بعد ذك حاول أن ينسق موقفه مع الموقف الأمريكي الذي أعلن أن ما يحدث في مصر شأن داخلي، وطالب شيمون بيريز رئيس إسرائيل المجتمع الدولي بحماية اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.
كذلك عرض الباحث لرأي المؤسسة العسكرية في إسرائيل، التي يتزعمها ايهود باراك وقد وصفت الثورة في مصر بأنها فوضى، لأن المصريين لم يتعلموا بعد الديمقراطية، وأعلن الجيش انه فقد نظاماً صديقاً وحليفاً مهماً خاصة في المسار الفلسطيني. ورجال الدين في إسرائيل كانوا يحبون مبارك ويصلون من أجله، وهو أمر غريب على الشريعة اليهودية كما يشير الباحث، لأنها تطالب بقتل الأغيار من غير اليهود، لكن في حالة مبارك الأمر اختلف فقد صلى الحاخام الأكبر لإسرائيل عوفاديا يوسف من أجل مبارك.
من جهته أكد د.زين العابدين أبو خضرة العميد السابق لكلية الآداب جامعة القاهرة، أن صورة مصر سلبية في الأدب العبري، والذي استلهمت أشعاره من وحي التوراة ، فنرى استناد لقصة كاذبة عن سيدنا يوسف عليه السلام، وغواية زليخة له وتعففه عنها، أن جعل بني إسرائيل هم أبناء العفة والطهارة، بينما المصريات ذوات خطيئة ويحبون الفحش!
ويرى أبوخضرة ان المرحلة التي ظهرت فيها مصر في الأدب العبري بصورة إيجابية، كانت مصر الفرعونية التي تحدثت عن فكرة الخلود وهي توافق الشريعة اليهودية.