روما: تبنى مؤتمر القمة العالمي للامن الغذائي في اعلانه الذي اصدره زعماء العالم المجتمعون بمقر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" اليوم تجديد الالتزام الدولي باستئصال الجوع في مختلف انحاء العالم. واكد الاعلان ان القادة المشاركون في القمة اتفقوا على اتخاذ الاجراءات اللازمة على المستويين الوطني والإقليمي وعلى الصعيد العالمي لوضع حد فوري لزيادة عدد الجوعى وسوء التغدية وانعدام الأمن الغذائي في العالم والعمل على خفضه شكل ملحوظ. واعرب المشاركون في المؤتمر عن قلقهم لتعدي عدد الجوعى مليار نسمة وتفاقهم المشكلة في الفترة الاخيرة بفعل الازمات المتلاحقة والمختلفة لكنهم اقروا رغم الانجازات التي تحققت بان الجهود المبذولة حتى الان "لم تنجح في بلوغ الاهداف الانمائية للالفية والوفاء بالالتزامات التي صدرت عن مؤتمري القمة العالميين السابقيين حول الامن الغذائي. واتفق الزعماء مع تقديرات الفاو بشان الحاجة الى زيادة الانتاج الزراعي بنسبة 70% من الان وحتي عام 2050 عندما يصل اجمالي سكان العالم الى اكثر من 9 مليارات نسمة وهو ما يستدعي "اتخاذ تدابير تضمن حصول الجميع على غذاء كاف ومامون ومغذ". وحدد الاعلان المطول الذي تضمن 41 بندا عدة اهداف استراتيجية تتراوح بين "ضمان اتخاذ اجراءات عاجلة تكفل بلوغ الغاية الاولى من الاهداف الانمائية للالفية" القاضية بخفض عدد الجوعى بمقدار النصف بحلول عام 2015. ونصت الاهداف على العمل "ضمن الشراكة العالمية من اجل الزراعة والامن الغذائي والتغذية" و"عكس اتجاه الانخفاض في التمويل المحلي والدولي للزراعة والامن الغذائي والتنمية الريفية في البلدان النامية" مع "تشجيع الاستثمارات الجديدة من اجل زيادة الانتاج والانتاجية على نحو مستدام و"العمل بشكل استباقي على مواجهة التحديات الناجمة عن التغير المناخي بالنسبة للامن الغذائي". وحدد الاعلان الذي جاء باقل من مستوى الامال التي انعقدت على هذه القمة اسس للالتزامات والاجراءات التي تضنتها اهدافه على ما اسماه "مبادئ روما الخمسة للامن الغذائي العالمي المستدام". ومن المنتظر أن تصدق القمة التي تستمر ثلاثة أيام على اعلان دولي يتبناه المجتمع الدولي يقضي بالتزام العمل الجاد من أجل استئصال الجوع والفقر من العالم. وستعقد مجموعة من الموائد المستديرة ضمن أعمال تبحث حيث تبحث المائدة الثانية غدا "اصلاح الادارة العالمية للأمن الغذائي" وتبحث الثالثة "التغيرات المناخية والتحديات أمام قطاعي الزراعة والأمن الغذائي". وفي اليوم الختامي تنعقد المائدة الرابعة لبحث "اجراءات تعزيز الأمن الغذائي العالمي والتنمية الريفية والمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة والاعتبارات التجارية" قبيل المؤتمر الصحفي الختامي مع المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة وكبار المسؤولين الحاضرين في مؤتمر القمة. وقد أعربت اليوم العديد من منظمات المجتمع المدني المعنية بمعالجة قضايا الفقر والجوع في الدول النامية عن شكوكها في أن تخرج قمة روما حول الأمن الغذائي في العالم بخطوات عملية فعالة لمواجهة ظاهرة انتشار الجوع في العالم. ووفق بيانات منظمة (تحالف الجنوب) غير الحكومية هنا فإن عدد الجوعى في العالم يفوق المليار نسمة أي ما يعادل سدس سكان العالم بينما كان هذا العدد لا يتجاوز 825 مليونا قبل عشر سنوات فقط . ويتفق التحالف الذي يضم ست منظمات تعنى بمشكلات الفقر في الجنوب أن مشكلة الامن الغذائي ليست في نقص المواد الغذائية بل في سوء التوزيع والاستغلال الذي تمارسه المؤسسات التجارية الكبرى والقوى النافذة التي تقف ورائها. ويستند التحالف وفقا لما ورد في وكالة الأنباء الكويتية "كونا" في نتائجه الى دليل مؤشر الجوع في العالم الذي تصدره سنويا مؤسسة (مساعدة الجوعى في العالم) غير الحكومية الألمانية و المعهد الدولي لأبحاث سياسة التغذية في واشنطن. واكد تقرير صدر عن هاتين المؤسستين حول (الجوع في العالم 2009) أن التقدم في معالجة مشكلة الجوع في العالم لا يتناسب مع حجم المشكلة حيث يعاني سكان 29 دولة على الأقل بسبب الحروب وعدم الاستقرار في تلك الدول لاسيما تلك الواقعة في افريقيا جنوب الصحراء. كما ربط التقرير بين الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية حيث أدى تراجع حجم التجارة الدولية الى نقص في حركة تداول المحاصيل الأساسية فضلا عن مشكلات النقل والشحن التي رافقتها. وتعتقد المنظمات غير الحكومية أن غياب دول قيادات الصناعية الكبرى عن قمة روما يعود الى انشغال تلك القيادات بالمشكلات الاقتصادية الملحة داخل دولها والانهاك الشديد الذي اصيبت به تلك القيادات من المؤتمرات الدولية شرقا و غربا بحثا عن حلول للخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية. ويرى مراقبون أن قادة الدول الصناعية الكبرى ليس لديهم الرغبة في الاسراف بتقديم وعود بتمويل برامج مكافحة الجوع بعد أن ثبت أن تلك الوعود لا يتم الالتزام بها بدليل تراجع ميزانيات المؤسسات الأممية المعنية بالتنمية في أفقر دول العالم. ومن جهتها قالت منظمة (كاريتاس) غير الحكومية المعنية بالتنمية ومحاربة الفقر في دراسة حديثة لها هنا أن علاج الفقر أمر ممكن اذا لجأ العالم الى التوزيع العادل لأنظمة التجارة وتوزيع المنتجات الزراعية والغذائية والتعاون الدولي في مواجهة التداعيات السلبية للكوارث الطبيعية و الانسانية و التغيرات المناخية الحادة التي اثرت على الحرث والزرع. كما يعتقد خبراء (كاريتاس) في دراستهم ان الاستثمار في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية الأساسية في دول العالم النامية من شأنه ان يرفع من مستوى المعيشة والتعامل مع الثروات الزراعية والحيوانية بشكل علمي يضمن حسن توظيفها و عدالة توزيعها ما سيعمل بالتأكيد في القضاء على الفقر.