اليوم نكتب عن قداسة البابا شنودة بعد مواراته الثري ،نكتب عن رجل وطني شريف،عاش لوطنه وعقيدته ودافع عن شعب مصر كله،وحرص علي مشاعر الأغلبية من المصريين قبيل مشاعر من يحبهم ويعتقد في دينهم ،وأنحاز لقضايا الوطن والأمة العربية ،حيث كان يعتبر الأقباط المسيحيين مثلهم مثل الأقباط المسلمين مكون رئيسي من مقومات تلك الأمة،وكان يعتبر أهله وبني عقيدته شركاء في صنع الحضارة العربية والإسلامية. و نكتب عن قداسة البابا شنودة بعد أن تمت مواراة جثمانه الثري ،وذهب الي جوار ربه بما له وبما عليه ،ندعو الله سبحانه وتعالي أن يثيبه علي أفعاله وأعماله الخير لصالح شعبه وأمته،ولقد أنتظرنا أياماً بعد رحيل قداسته لنرثيه ونكتب عن مآثره،انتظرنا لنري هذا الفيض من الحب الجارف له ،من قبل كافة مكونات الشعب المصري،لذا لن نجد أفضل من حديث لأحد رجال الدين والفكر الذين قابلوه وتحدثوا عنه ،بعد مقابلتهم له ، لننقل عنهم مآثر الراحل العظيم وقيمته وحبه لوطنه وأهله الأقباط مسلمين ومسيحيين معاً. ونحن كمصريين أقباط"مسلمين ومسيحيين"ليسوا بعنصرين ،أنما نحن عنصر واحد ،أي دم واحد ،لأننا شعب واحد وأمة واحدة علي مدار التاريخ ،أحتضنت بلادنا الأنبياء الرسل وتشرفت بمقدمهم وأقامتهم علي ثراها الطاهر،وكشعب مصري منا من آمن بالمسيحية ومنا من آمن باليهودية ومن أعتنق الأسلام ،لذلك مايميزنا أننا بالفعل وآباءنا وأجدادنا الأقباط نسلهم منه المسيحي ومنه المسلم ،وليسوا بعنصرين ننتمي لروافد مختلفة ودماءنا مختلفة وبيننا تنافر. وحتي عندما وفدت الي مصر أطياف من حضارات مختلفة نجح العنصر القبطي المسلم والمسيحي في إستيعابها وطبعها بعظمة مصر وروحها وروح حضارتها ، ومصر العظيمة يظهر معدن أهلها في الشدائد والنوازل والملمات فيتجمع ابناءها ولا نعرف ساعتها من منهم المسيحي ومن المسلم ولانري إلا مظاهر الحب الخالص بينهم ،وهذا هو ما تجسد بمجرد الأعلان عن رحيل قداسة البابا شنودة الثالث ،ساعتها شعر اخواننا المسيحيون لأول مرة من سنوات بعيدة بمدي الحب الذي يكنه لهم أخوانهم المسلمين وشعروا بعظمة مصر . ولا نعرف كيف لتلك الروح الوطنية الرائعة أن ننميها ،كيف نجعلها تواجه الفتن المستورة بمعرفة متأمركيين ومتصهينيين ،كل همهم زرع الفتنة بيننا ،والإسلام حرم قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ،والإسلام حرم حرق الكنائس والمعابد او تخريبها ،والأعتداء علي ممتلكات المسيحيين وأهل الأديان ،ورسول الإسلام قال في حديث شريف ما معناه من آذي مسيحيا او صاحب اي دين سماوي فقد آذاني ،وأوصي صحابته بأهل مصر خيراً ،عندما يدخلوها فاتحين وناشرين للدين العظيم . ولم يمانع الإسلام في الأكل من طعام أهل الكتاب والزواج منهم ،وكلنا نعرف أن الزواج أهم ما في الأنسانية من مودة ورحمة ،ولو كان المسيحيون يؤمنون بالإسلام مثلما نؤمن نحن كمسلمين بالإنجيل وكل الديانات السماوية ،لكان قد سمح لهم الإسلام بالزواج من المسلمات ،لكن حرم زواجهم من المسلمات حتي لايسبوا الإسلام عندما يختلفوا مع زوجاتهم لعدم إيمانهم به علي العكس منا . وعودة لمآثر قداسة البابا شنودة نتوقف عند حديث لأحمد سيبف الأسلام حسن البنا نجل الشهيد حسن البنا مؤسس جماعة الأخوان المسلمين يقول عن البابا شنودة :"تعاملت مع البابا شنودة عن قرب منذ عام 1987م وحتي رحيله ووجدته متديناً صادقاً وحريصاً علي مصلحة مصر ووطنياً حقيقياً .وفي الوقت الذي كان فيه نظام مبارك يطارد الإخوان ويتعقب خطآهم ،كان البابا شنودة حريصاً علي أن يدعوني الي إفطار الكنيسة" . ويضيف البنا :"وقابلته في وآدي النطرون ،كنت في مجلس نقابة المحاميين ونظمت رحلة الي وادي النطرون ،شارك فيها محامون مسلمون ومسيحيون وقضينا يوماً كاملاً هناك ،وأستقبلنا البابا ،وأكرمنا كثيراً ،وتصادف ان هذا اليوم كان يوم جمعة ،فاعتذرت للبابا طالبا ً الخروج من الدير لآداء صلاة الجمعة في أي مسجد قريب لكنه أندهش وقال :"وتخرجوا أتصلوا بره ليه ":اليست كل الآراضي في الإسلام مسجداً يمكن الصلاة فيها فقلت نعم ،فقال قداسته: خلاص أتفضلوا صلوا هنا في الدير ،وبالفعل رفعت الآذان وخطبت الجمعة وصلينا في الدير". ويمضي أبن الشهيد حسن البنا :"وبعد الصلاة طلبت من البابا أن أري المزارع وأماكن اقامة الرهبان في الدير ،فرحب وركب الي جواري في سيارتي ،وطفنا علي المزارع وأماكن اقامة الرهبان وكان الرجل أبن نكته وباسم الثغر وكان مثقفاً وشاعراً المس فيه رقة الشعر وجمال التعبير في أسلوبه ولغته ولباقته". الي هنا نكتفي بنقل ما سبق كنماذج من روايات متعددة رواها أبن الشهيد حسن البنا نقلا ً عن قداسة البابا شنودة الثالث ،والذي نتوجه الي الله أن يعوض وطننا العظيم عنه خيراً ،ويرزق مصر بسلف له يكون خير خلف ،وأن لله وإن اليه راجعون [email protected]