وعد الدكتور زين عبدالهادي رئيس دار الكتب والوثائق القومية بعرض سلسلة مشروعات كبرى تحول الدار للعالمية في غضون سنوات قلائل، مؤكدا أن الإرادة السياسية هي ما تنقص مصر وليس الموارد المادية . وقال د. زين في لقاء بشبكة الإعلام العربية "محيط" أنه لا يمكن أن نطلب تنمية بدون احترام الموظف المصري، وأكد من جهة أخرى على حق المصريين في الإطلاع على الوثائق التي تملكها المؤسسات السيادية كوزارة الداخلية والدفاع وغيرها ، وأن تخرج المؤسسة القضائية من عباءة السلطة .. إلى نص الحوار محيط : ما طبيعة التحديات التي تواجك كرئيس لدار الكتب والوثائق القومية ؟ - هناك تحد قانوني يتمثل في نص قانون إنشاء الدار على طبيعتها الخدمية، رغم أنه بإمكانها الإطلاع بأنشطة استثمارية خصوصا في مجال النشر والتعليم الأكاديمي، وهو ما يوفر جزء كبير من العملة الأجنبية . كما نستطيع التعبير عن التراث المصري بشكل جيد لدى العالم . وهناك مشكلات إدارية متعلقة بالعمالة، فالمكان الذي يسع نحو 150 موظفا أصبح يضم 2500 موظفا ، هذا بخلاف أن العمالة ليس لديها خبرة جيدة في مجال الإدارة والحاسب الآلي واللغات الأجنبية . ونحن بحاجة كذلك لتغيير هيكلة برنامج النشر وإعلان استراتيجية جديدة للهيئة ووضعها موضع التطبيق . محيط : ذكرت أنك تنوي رفع أجر العاملين لثلاثة أضعاف ، كيف ستفعل ذلك في ضوء الأزمة الاقتصادية ؟ - هناك ثلاثة طرق؛ الأولى هي تحويل المؤسسة من خدمية لخدمية استثمارية كما ذكرت وبالتالي نستطيع فتح ثلاثة معاهد علمية وهي معهد الرقمنة والترميم وتحقيق التراث الدوليين . كما نسعى لفتح معهد للمكتبات والمعلومات له طابع دولي، ويحصل المتعلمون فيه على دبلومات مهنية وماجستير ودكتوراة بالتعاون مع الجامعات الأوروبية وبعض المكتبات الكبرى . ومع تغيير قانون إنشاء الدار يمكننا الحصول على المنح الخارجية . لو تمكنا من البيع بثلاثة ملايين ونصف دولار يمكننا الحصول على جزء منها من وزارة المالية لرفع أجور العاملين وللدار . ولو طبقنا تلك الاستراتيجية يمكن أن ندخل بعد عامين في ميزانية تقترب من خمسين مليون جنيه . كما سيتم اقتراح وضع المكتبة الوطنية المصرية على قائمة الأماكن السياحية في مصر، وهو ما يتطلب بدوره أن نستعد من حيث شكل الدار هندسيا وجماليا أيضا ، والمشاركة بالمعارض المتنقلة للوثائق والكتب والمخطوطات النادرة داخل وخارج مصر، وزيادة منافذ توزيع المنتجات الثقافية وأهمها الكتاب ، ونعمل حاليا على تنفيذ هذه الأفكار من النواحي الاقتصادية والقانونية والإدارية . محيط : ما أبرز المشكلات التي واجهتها من قبل العاملين بالدار ؟ أحيانا يصدر قرار ويتم التباطؤ في تطبيقه من قبل أحد الموظفين الذين يتعارض القرار مع مصلحتهم ، ومن ذلك قرارات تثبيت العاملين ، كما أنني أسعى لإنهاء التعيينات عبر الوساطة وإزالة الظلم الذي وقع على الموظفين داخل الدار من جانب آخر ، ومن الغريب أننا نجد العلاوة ما بين 6 إلى 10 جنيهات سنويا طبقا لقانون صادر في الخمسينيات من القرن الماضي، ونجد أن الموظفين مطحونين بين طوابير الخبز والمواصلات والبوتاجاز ولا يستطيعون مواجهة غلاء الأسعار بأية حال ، ولذلك فسوف أتقدم باقتراح لوزير الثقافة بأن تكون العلاوة الاجتماعية السنوية توازي 20% مما يتقاضاه الموظف شهريا خلال أربعة سنوات قادمة . محيط : وهل يمكن أن تستجيب الدولة لمثل تلك المطالب ؟ - الإرادة السياسية تحل كافة العقبات ومصر بلد غني مليئة بالآثار والكنوز المادية والثقافية ، وكل مؤسسة حكومية عليها إيجاد وسائل تمويلها ، ولا يمكن أن نتحدث عن التنمية في مصر دون أن يشعر المواطن بأنه إنسان في وطنه، ويجب على الدولة الإسراع بتطبيق فكرة الحدين الأقصى والأدنى للأجور ، فأنا لا أفهم معنى أن يتميز العاملين بقطاعات بعينها كالبنوك والبترول والمؤسسات السيادية عن باقي القطاعات الأخرى . محيط : ماذا عن الشراكات الثقافية التي تطمح لها دار الكتب ؟ - أفكر دائما لماذا لا تدخل وزارة التعليم العالي وأكاديمية البحث العلمي واتحاد الناشرين ودار الكتب بمشروع يدعمه القطاع الخاص والدولة لترويج السلع الثقافية ، وإيجاد بدائل للكتاب الورقي ، وبناء قواعد بيانات لكل الدوريات المصرية ، تحت مسمى برنامج صناعة المعلومات والمحتوى المصري ، وهذه الأفكار مطبقة في الخارج منذ عقود طويلة . وموازنة الدولة المصرية ينفق منها 4 من ألف فقط على البحث العلمي، لكن هذه النسبة في إسرائيل واليابان وأمريكا أعلى من ذلك بكثير ، وأظن أنه آن الأوان لقانون أبحاث علمية عبر وزارة التعليم العالي ، وإيجاد مؤسسة ترجمة علمية وأن يتاح ذلك إلكترونيا . محيط : هل يتحمس نواب البرلمان لقضايا البحث العلمي ؟ أحيانا يدخلون المفرمة، مثل الحكومة تماما، ويفكرون في حل مشاكل عاجلة ومنها المظاهرات الفئوية ، ولا يفكرون في خطط استراتيجية قريبة او بعيدة لمصر . وأظن أن النواب عليهم أن يثبتوا أنهم كانوا عند حسن ظن الناس الذين اختاروهم . وفي قضية البحث العلمي هناك علماء كثيرون في الهند وماليزيا وإندونسيا وأمريكا سيساعدونا بخبراتهم ، وذلك بخلاف العلماء المصريين بالطبع . محيط : ماذا عن قانون إتاحة الوثائق .. هل تتوقع الموافقة عليه بالبرلمان ؟ - هناك اقتراح مقدم من العضو محمد أنور السادات متعلق بقانون المخطوطات والوثائق، كما أن الدار تقدمت بمشروعات لقوانين الوثائق في أعوام 2000، 2003، 2006، 2010 ورفضت جميعها، لأننا نمر بمحنة عدم إتاحة الوثائق الموجودة بالمؤسسات السيادية كوزارات الدفاع والداخلية ورئاسة الوزراء ، وحتى الوثائق المتعلقة بالعدوان الثلاثي أو النكسة أو نصر أكتوبر ، لأن القانون القديم يشترط ألا تتعلق الوثيقة بالأمن القومي كي تتاح وهو ما يصعب الأمر على الباحثين . ورغم أن القضاء كان يحكم كثيرا بإتاحة وثائق بعينها لكن القرارات لم تكن تنفذ من قبل الحكومة، ولهذا قلنا بأهمية خروج المؤسسة القضائية من وزارة العدل التابعة للحكومة . وقد طالبنا بتسليم وثائق أمن الدولة التي وعدت وزارة الداخلية تسليمها للدار في أبريل العام الماضي. محيط : ماذا عن مشروع الرقمنة داخل الدار ؟ - مائة ألف وثيقة تم رقمنتها سابقا، ومليون وثيقة دخلت على النظام الآلي للدار، وهناك مشروع لاستمرار عملية الرقمنة، لكننا نعمل في مشروع جديد خاص بدور إدارة المخطوطات وتحويله لمتحف دائم وقاعة اطلاع للمخطوطات ومعمل للرقمنة والترميم في هذا المكان بمساعدة أصدقائنا في جمعية المكنز الإسلامي.